التطور والتكنولوجيا من أسبابه.. تأخر سن الزواج عند الجنسين مشكلة تبحث عن حل

التطور والتكنولوجيا من أسبابه.. تأخر سن الزواج عند الجنسين مشكلة تبحث عن حلالتطور والتكنولوجيا من اسبابه.. تأخر سن الزواج عند الجنسين مشكلة تبحث عن حل

منوعات31-8-2024 | 20:16

الزمن تغير، وتغير معه الكثير من العادات والتقاليد والمعتقدات.. لكن تظل هناك موروثات ثابتة معنا، من هذه الموروثات عنوسة الفتيات حتى وإن قل استخدام كلمة العنوسة واستبدلت بمصطلح تأخر سن الزواج، حتى لا تجرح الكلمة قلوب أكثر من نصف مليون فتاة تزيد أعمارهن على الخمسة وثلاثين عاما من دون ارتباط وفقا لإحصائية الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتأكيد أضعاف هذا العدد للفتيات بين الثلاثين والخامسة والثلاثين.

ولقد كشفت إحدى الاحصائيات الصادرة من المركز القومي للبحوث الاجتماعية، ارتفاع نسبة العنوسة بين خريجات الجامعة في مصر حيث اظهرت الدراسة إن 50% من خريجات الجامعة يعانين من العنوسة وإن بعضهن يفضلن تأجيل الارتباط بشريك العمر حتى حصولهن على أعلى الدرجات العلمية والوظيفية، وهناك 9 ملايين فتاة فاتهن قطار الزواج، ونسبة غير المتزوجين من الشباب من الجنسين بلغت بشكل عام حوالى ٣٠٪ وبالتحديد ٢٩,٧٪للذكور، و ٢٨,٤٪ للإناث.

ورغم تغيّر نظرة المجتمع نحو عنوسة الفتيات التي أصبحت أكثر تقبلا للظاهرة مما جعل توصيف العانس هي من تتخطى الخامسة والثلاثين من عمرها بلا زواج بفارق عشر سنوات على الأقل في المجتمع نفسه الذي كان يطلق الوصف على الفتيات إذا تخطين منتصف العشرينيات من دون ارتباط، فإن ظاهرة العنوسة التي تتزايد كل يوم مازالت تؤرق الفتيات والأمهات.

سنعرف سويا أسباب ومخاطر تأخر سن الزواج وكيفية الحد من تلك المشكلة، والمشاكل المترتبة على العنوسة وأسبابها ودور السوشيال ميديا فى تلك المشكلة، ومقترحات الخبراء للحد من تلك المشكلة الخطيرة..

تقول دكتورة أسماء محمد نبيل، استاذ مساعد علم الاجتماع بقسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس،

يؤدى ارتفاع معدلات العنوسة إلى زيادة بعض الظواهر غير المقبولة دينياً واجتماعياً مثل الزواج العرفي أو العلاقات غير الشرعية أو الإقبال على الإدمان وارتفاع معدلات التحرش كذلك فإن الفتيات العازبات غالباً ما يتعرضن لأمراض نفسية، كما وإن عدم الاستقرار النفسى للشباب من الجنسين ينعكس سلباً على قدرة المجتمع على الإنتاج.

وعن أسباب العنوسة، توضح دكتورة أسماء، ترجع في المقام الأول إلى اختلال المعايير التي يتم على أساسها الاختيار الزواجى فقد أصبحنا نهتم بالماديات والشكليات على حساب الدين والأخلاق، فنجد ارتفاع المهور والمغالاة فيها والتشدد فى تحديد مواصفات عش الزوجية والأثاث التي تفوق قدرة أغلب الشباب، كذلك البطالة وانحسار الوظائف وفرص العمل أمام الشباب، وترتبط أيضاً أسباب العنوسة بعدم استعداد الطرفين لبناء أسرة ورغم أهمية العامل الاقتصادى إلا أنه ليس هو السبب الأوحد في تراجع معدلات الزواج فهناك متغيرات اجتماعية ونفسية لعبت دوراً فى تراجع الزواج ضمن قائمة أولويات الشباب فتنوعت تلك العوامل بين الطموح الشخصى والخوف من المسئولية وتحمل تبعات الزواج الاجتماعية والاقتصادية والرغبة في الحرية فضلاً على الدور الذى لعبته في بعض الأحيان وسائل التواصل في تكريس مجموعة من المفاهيم حول الأفكار الخاطئة أو المبالغة في وصف الحياة الزوجية وربطها بنشوب المشاكل والخلافات .

الأفكار الخاطئة

وقدمت دكتورة أسماء بعض المقترحات في سبيل الحد من العنوسة، أولا يجب على الأسرة ألا يبالغوا في شروط قبول الشباب المتقدم لزواج ابنتهم والتخلى عن بعض الأفكار الخاطئة مثل (تزويج البنت الأكبر قبل البنت الأصغر)، وعدم المغالاة في مواصفات شريك الحياة فيجب أن يعرف كل شاب وكل فتاة بأنه لا يوجد إنسان كامل فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى ومن ثم يجب ألا يكون هدف الشاب جمال الفتاة ،وكذلك الفتاة حيث النظر إلى وسامة الشاب، فالجمال هو جمال العقل والروح وقبل كل ذلك يجب النظر أولاً إلى عنصرى الدين والخلق في اختيار الطرف الآخر، ثانيا، يجب الإهتمام بالخطاب الدينى ووجوب مناداة رجال الدين الإسلامي والمسيحى في المساجد والكنائس على التنازل عن بعض متطلبات الأهالى والرضا بما يتوسموا فيه حسن الخلق، ثالثا، توجيه الإعلام للحث على مخاطر تأخر الزواج وبث برامج إذاعية وتلفزيونية تجسد الحياة اليومية للشباب و الفتيات قبل وبعد الزواج بصورة إيجابية، رابعا، ضرورة مشاركة المجتمع المدنى في مشروعات تيسير الزواج مثل المساهمة في حفلات الزواج الجماعى وتقديم المساعدات المادية والعينية للشباب المقبل على الزواج.

التطور العلمي وتأخر الزواج

تعد مشكلة تأخير الزواج للجنسين من أخطر المشاكل التي كان لها تأثير علي المجتمع، وعن هذا تقول مرفت رجب، استشاري صحة نفسية وأسري وتربوي، أصبح الآن الجميع يفكر بصورة مختلفة فالبعض يفكر بمفهوم التطور والتقدم العلمي ، والبعض يفكر بمنطوق التقاليد والعادات الموروثة التي لم تعد تناسب العصر الحالي والظروف الاقتصادية والاجتماعية، فبعض الفتيات رأت أن المستقبل ليس بالضرورة يكون في الزواج وتكوين أسرة، أو من الممكن تأجيل الخطوة حتي تكمل دراستها وتصل للدكتوراه في مجال دراستها، أو منصب متميز تبني بيه كيانها وهذا ما يواكب العصر الحالي من تطور وتقدم، وبالطبع هذا شيء جميل ومتميز ولكن تكوين الأسرة ومساندة زوج متفهم ومتحضر وأبناء، سيكون هناك توازن بين الناحية العلمية والاجتماعية وأيضا الدينية، حتى لو تأخرت طموحتها بعض الشيء.

ومن جانب آخر نجد الفتيات التي تتبع العادات والتقاليد التي لا جدوى منها (أنا لست أقل من بنت فلان وفلان ولابد أن يلبي العريس كل طلباتي)، بجانب رغبة الأهل في التغالي في المهور والطلبات وقائمة المنقولات الزوجية والمؤخر، مما يجعل الرفض للمتقدمين للزواج هو المصير المحتم لهم ، وتأخر سن زواج الفتاة.

وتضيف استشاري الصحة النفسية، الأخطر مما سبق هو الخوف، الخوف من الفشل، الخوف من الطلاق، الخوف من الخيانة، فتجارب الآخرين جعلت الخلفية المغلوطة عن الزواج ترسخ في عقول الفتيات والشباب، وأشارت إلى أن أول ما يمنع الشاب عن الزواج هو الظروف الاقتصادية فكيف لهم من تلبية متطلبات الزواج؟! وأيضا طلباتهم وشروطهم الكثيرة والغريبة في شريكة حياتهم فالبعض يتعامل علي أنها سلعة، يدفع أكثر لمن هي الأجمل، فينخدعون بالمظاهر ولا ينظرون للجوهر، فتجد الشاب يريد عروسته مزيج من الفنانة الفلانية وتعيش معه مثل الأفلام والمسلسلات، ويظل يعيش في أوهام تجعله يأجل الزواج ..

وهناك إحصائية تقول إن عدد الرجال يقل والمواليد الإناث أكثر بخمس أضعاف المواليد الذكور، وبالطبع النساء ترفض التعدد لحل الأزمة مع أنه شرع الله وحل جيد للحد من (العنوسة) لدي الفتيات ...

وتقول سارة عبد الحميد، استشارى علاقات أسرية وتربوية ومدربة تنمية بشرية، الزواج رباط مقدس بين طرفين تجمعهم علاقة بها مودة ورحمة، ومشكلة العنوسة برغم إختلاف أسبابها وظواهرها إلا أنها موجودة فى جميع الدول العربية، ومصطلح عانس يطلق على الفتيات التى تأخر سن زواجها وتطلق أيضأ على الشباب الذين تأخر سن زواجهم، والمشكلة سببها الظروف الاقتصادية الصعبة والمغالاة فى المهور وتكاليف الزواج، لكنها ليست اقتصادية فقط ولكن لها العديد من الأسباب الأخرى، فهناك عنوسة اختيارية تكون بإرادة الشباب والفتاة، واحياناً رفض الأسرة لقرار الزواج بسبب الخوف الزائد على أولادهم من عدم تحمل المسئولية،

وأيضاً بعض الفتيات التى يكون لديها طموح تكوين كيان خاص بها قبل الزواج, ويوجد فئة من الشباب والبنات الذين مروا بتجربة سابقة ولم يتوفقوا فيها فتركت داخلهم شعورا سلبيا لم يستطيعوا التخلص منه وقرروا ألا يخوضوا هذه التجربة مرة أخرى، بالإضافة إلى بعض الأشخاص السلبيين الذين يتحدثون عن أن الزواج ما هو إلا معاناة ومسئوليات ولا يوجد به سعادة،

ومن ضمن أيضاً أسباب تأخر الزواج غياب الوازع الدينى وانتشار الإنحلال الأخلاقى وساعد على ذلك السوشيال ميديا،

وأشارت استشارى العلاقات الأسرية، لدينا نماذج لأسر عديدة من القرى ومن الصعيد لا تسعى إلى تعليم الفتيات بقدر ماتسعى إلى سرعة زواجهم وبالتالى يحدث تفكك بالأسرة حتى ولو لم يتم الانفصال، ويخرج لنا جيلا لديه أفكار مشوهة عن الزواج،

وهناك فئة أخرى ترفض الزواج لأنه من وجهة نظرهم تقييد لحريتهم واستقلاليتهم فيرى الشاب أنه لا يستطيع التنازل عن حريته ويفضل أن يعيش عازب، وأيضاً بعض الفتيات اللاتى تعتقدن أن الزواج تقييد للحرية وحرمان من التعليم والوظيفة، فيفضلن الاستمرار فى طريق الاستقلال عن تكوين أسرة .

ومن الحلول المقترحة لحل تلك المشكلة، تقول، لابد من عمل برامج جماعية لتنمية وعى الشباب بأهمية الزواج وتكوين أسرة مستقلة، والمشاركة فى تقوية الروابط الاجتماعية والانخراط فى المجتمع، أما عن دور الأسرة فيبدأ من تعديل الاتجاهات السلبية والأفكار الخاطئة حول المبالغة فى المهور وحفلات الزفاف والإرشاد الدينى من قبل الأسرة ومن ثم المدارس، وعلى وسائل الإعلام عمل برامج توعية بكيفية وطرق اختيار شريك الحياة، وعلى منتجى المسلسلات مناقشة حياة الشباب الواقعية وأفكارهم عن فكرة الزواج ومخاوفهم ناحية المسئوليات وكيفية الاتفاق على وضع خطط مواجهة الحياة ضد أى ظروف تحدث للزوجين.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2