د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. والفهم السقيم

د. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. والفهم السقيمد. ناجح إبراهيم يكتب: السنة النبوية .. والفهم السقيم

* عاجل4-12-2018 | 20:04

كان شاباً وسيماً أجرد"ليست له لحية"ناعم الشعر يتركه طويلاً مسترسلاً,اقتداءً برسول الله"صلي الله عليه وسلم"وكان يكتحل لأن الرسول"ص"كان يكتحل من رمد يصيبه. كانت هذه التوليفة كلها تجعل منظره مستهجناً في بيئة تقدس الرجولة وتحب خشونة الرجل وحديثه،وتحب أن يقصر الشاب شعره،وترى أن الكحل للنساء فقط. قلت له مراراً:الرسول"ص"كان يكتحل لأنه كان دواءً في زمنه,أما الآن فقد تقدم الطب تقدماً عظيماً،والكحل مع علاجات مشابهة اختفوا من قاموس الطب الحديث الذي يستطيع الوصول إلي الشبكية ورتقها. شرحت له أن تصرفات الرسول"ص"تنقسم إلي عدة أقسام أهمها ما قاله أو فعله أو أقره باعتباره نبياً ورسولاً يوحي إليه وتعد هذه السنة هي واجبة الاتباع والطاعة ولا ينبغي للمسلم أن يتخلف عن الالتزام بها ومنها آلاف الأحكام والأوامر والوصايا النبوية الرائعة مثل قوله في الصلاة"صلوا كما رأيتموني أصلي"وفي الحج "خذوا عني مناسككم"ومنها مئات الأوامر والوصايا الرائعة التي لو التزمت بها أي أمة لتقدمت في دينها ودنياها . وهذه السنة هي ما عناها الرسول"ص"بقوله"ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه". ومن أنواع تصرفاته "ص"ما فعله باعتباره بشراً كسائر البشر مثل طريقة ملابسه وطول شعره وأثاث حجرته وأنواع الطعام التي يأكلها أو يفضلها أو لا يفضلها وركوبه للدواب وإردافه خلقه وطول شعره والكحل وطريقة مداواته لنفسه أو الآخرين وهذه الأمور ليست واجبة علي المسلم إلا أن يفعلها من باب الاقتداء بالنبى ما لم يصطدم ذلك بواجب أو فرض أو يؤدي إلي فتنة أو مفسدة . لقد أوقفت السيدة فاطمة نزيف وجهه"ص"بعد إصابته في غزوة أحد بإشعال عود من الحصير وكي جرحه به,والآن هناك وسائل مختلفة وحديثة لوقف النزيف منها آلات الكي الحديثة أثناء الجراحات الكبرى،ولا يمكن الآن تكرار طريقة السيدة فاطمة. قلت للشاب:اكتحال الرجل في المجتمع المصري عامة والصعيدي والقروى خاصة يعد سبه اجتماعية تضع صاحبها في خانة صعبة تجعل الناس لا يقبلون منه دعوة ولا قولاً,وسينصرف الناس عن دعوته للسؤال الجدلي عن حكم الاكتحال،فينصرفون من الفرائض إلي الجدل ومن التجمع علي الواجبات والأساسيات إلي التفرق علي الفرعيات. لقد حاولت مرارا ً إفهام هذا الشاب أن اكتحال الرسول كان موافقاً لعرف مجتمعه في التداوي أو التزين ولكنه لا يوافق أعراف مجتمعنا ومراعاة الأعراف مهمة ، فالعرف مصدر من مصادر التشريع في حالة غياب النص ، والعرف معتبر مالم يتصادم مع الشريعة فكيف إذا كان من لب الشريعة وأصلها. لقد راعي رسول الله "ص"الرأي العام ليس بين المسلمين فحسب ولكن الرأي العام لدى قريش والمشركين وذلك حينما رفض أن يقتل عبد الله بن سلول مبرراً ذلك بقوله "حتى لا يتحدث العرب أن محمداً يقتل أصحابة". لقد ظل بعض الشباب المتدين يهتم بطريقة مبالغ فيها في دعوة كل الشباب لتقصير ثوبه بحجة الحديث"من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"وفي راوية "بطراً"دون الالتفات إلي تقييد الحديث بكلمة"بطرا"ًأي كبراً وغروراً وعلواً،وبذلك لا داعي لنهي الناس جميعاً عن الإسبال تحت الكعبين،كما أن الخيلاء والغرور في عصرنا أصبحت لها أدوات غير جر الإزار مثل ماركة السيارة والموبايل وأنواع الملابس ومنصب الآباء ونفوذهم وأماكن السكنى وغيرها . لم يهدر قيمة السنة سوى بعض الذين لم يفهموها أو وضعوها في غير موضعها بالإضافة لخصومها الذين يريدون إنكارها وإهالة التراب عليها رغم عظمتها فهي ضائعة بين الإثنين. إن مشكلة أكثرنا مع السنة هي في طريقة التعامل معها،فالحكم الذي له علة في السنة يدور مع علته وجوداً وعدما،وتصرفات الرسول"ص"كقائد عسكرى يقود جيشاً ذا طبيعة خاصة،أو تصرفاته كقائد سياسي ورئيس للدولة ليست مثل تصرفاته كنبى مرسل ،وكذلك تصرفاته في الأمور الدنيوية البحتة مثل تلقيح النخل حيث قال للصحابة "أنتم أعلم بأمور دنياكم" .
أضف تعليق