عاطف عبد الغنى يكتب: حديث «الأستيكة والدَّبابة»!

عاطف عبد الغنى يكتب: حديث «الأستيكة والدَّبابة»!عاطف عبد الغنى يكتب: حديث «الأستيكة والدَّبابة»!

*سلايد رئيسى7-12-2018 | 14:13

لا جديد تحت الشمس، التاريخ يعيد نفسه بصور مختلفة، يعنى مثلا قبل 63 عامًا أدلى رئيس مصر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بحديث لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قال فيه: «إن الحرب ليست أمرًا يُبت فيه بسهولة، وإن العرب يطالبون أن تعطى لهم حقوقهم الطبيعية فى الحياة، وكذا تنفيذ القرارات التى أصدرتها الأمم المتحدة، نحن لا نهاجم أحدًا، ولكن الهجمات تأتى من الجانب الآخر».

فى الوقت الذى قال فيه رئيس مصر هذا الكلام كانت منطقة الشرق الأوسط حُبلى بالأحداث الخطيرة، وكانت هناك أخطار كبيرة محدقة بمصر، مثل هذه الأيام التى نعيشها، وكان على مصر أن تسعى للحصول على السلاح الذى تدافع به عن نفسها، كان هذا فرضًا وليس واجبًا أو اختيارا، ومصر تراقب وترى إسرائيل تحصل على السلاح وتبنى جيشها وتحشده على حدودنا، ومصر تطلب السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية فترفض أن تزود به مصر وتنضم إليها فى هذا الرفض كل من إنجلترا وفرنسا ويصدر ثلاثتهم إعلانًا مشتركًا بهذا القرار تحت دعوى الحد من سباق تسلح فى المنطقة، وفيما كانت الأسلحة تتدفق على إسرائيل كانت مصر محرومة منها، وكان البديل أن ذهب الرئيس عبد الناصر إلى الشرق.

(1)

وفى عام 1955 اتفقت مصر مع رأس المعسكر الشرقى، المتمثل فى الاتحاد السوفيتى على صفقة الأسلحة التشيكية وكانت هذه الصفقة مثار تغيير كبير فى تاريخ مصر والمنطقة العربية.

لقد أرسلت الصحيفة الأمريكية مندوبها إلى مصر ليعود بتقرير تقدمه إلى أجهزة الاستخبارات الأمريكية،( قبل أن يعود هذا المندوب بحوار صحفى مع رئيس مصر فى ذلك الوقت) ويساهم فى الكشف عن نوايا مصر فى مهاجمة إسرائيل.

وفى حوار الصحيفة المنشور قال عبد الناصر فى معرض شرحه لسعى مصر فى الحصول على السلاح الذى تحتاجه بشدة: «لأننا لن نستطيع أن ندافع عن مصر بالمستشفيات والمدارس والمصالح، وما فائدة هذه المؤسسات إذا دمرت بطائرات العدو؟».

هل يصلح الكلام السابق لإعادة قراءته بعين الحاضر؟!

نعم يصلح لليوم وللغد.. فالمعنى لا يتغير: القوة العسكرية تحمى التنمية وتضمن ردع العدو فلا يفكر فى مهاجمتك، ويحافظ على السلام معك.

(2)

كل هذه المعانى السابقة تداعت إلى ذهنى وأنا أزور معرض «إيديكس 2018 للصناعات الدفاعية والعسكرية»  وأنا أتجول فى القاعات والردهات التى تضم المعروضات وأحاول أن أضبط انفعالى، والإحساس بالفرحة والانبهار، خاصة فى الجناح المصرى.

وزادت فرحتى وأنا أتابع فى وسائل الإعلام المختلفة الشروحات العاقلة المتزنة الصادرة عن مسئولى مصانع الهيئة القومية للإنتاج الحربى، التابعة للوزارة التى تحمل نفس الاسم: «الإنتاج الحربى» وحديثهم عن الإنجاز المصرى فى التصنيع والإنتاج، دون تهويل أو تهوين.

نحن ما زلنا فى البداية لكننا صنعنا العربة المدرعة (ST100) فى 9 طرازات بالتعاون مع إحدى الشركات الخاصة المصرية أيضًا، والمقطورات الثقيلة التى تحمل المعدات التى يصل وزنها حتى 70 طنًا، وتستطيع أن تحمل الدبابة ماركة (M1A1) التى يتم تجميعها منذ عدة سنوات فى مصانعنا الحربية، باتفاق مع الشركة الأمريكية صاحبة المنشأ، وكذا الرادار المصرى ثنائى الأبعاد، الذى نال اهتمامًا خاصًّا من الوفود الزائرة لإمكانياته التقنية العالية وسعره الذى يقل بنسبة 25% عن مثيله الأجنبى.

(3)

 بالتأكيد سوف يجذب كثيرين الإنجاز المصرى فى صناعة مثل هذه المعدات الثقيلة، لكننى انجذبت بشدة إلى إنجاز آخر تمثل فى صناعة درع ( صديرية ) واقية من الرصاص، كانت ضرورية لمجابهة الإرهاب.

وعرفت أن وراء إنتاج هذه الدرع التى يستخدمها الأفراد، فى صورتها التى عرضت عليها قصة لا تخلو من التشويق والإثارة، ووجود الأشرار.

وفى هذه القصة أن الإرهابيين كانوا يلجأون لاستخدام طلقات الرصاص من عيار 7.62 × 54 مللى وهى طلقات من العيار الثقيل ،نراها فى الفيديوهات التى تصور جماعات الإرهاب، تنطلق من مدفع محمول على سيارة رباعية الدفع، لكن عقلية الشر طورت بندقية قناصة يسهل التحرك بها، وإطلاق هذا النوع من الذخيرة حتى تخترق الدرع الواقى الذى يرتديه المهندسون العسكريون ومن فى حكمهم حين يقومون بالتفتيش على القنابل والألغام التى يزرعها الإرهاب فى طريق جنودنا.

الإرهابيون يريدون أن يضمنوا تأثير قذائفهم القاتلة وألا يردها واق، ولهذا تم تكليف هيئات البحوث الفنية بالقوات المسلحة لتطوير درع واقٍ يصد هذه القذيفة الصغيرة ليس هذا فقط ولكن يحمى أكبر مساحة من جسد لابسه، وكانت النتيجة سترة مصرية مبتكرة تقى من رصاص قناصة الإرهاب، نالت إعجاب الكثيرين، وغالبا طلبات شراء كثيرة.

(4)

نجاحات «إيديكس 2018» لم تتوقف عند المستوى الاقتصادى والاستثمارى فى صناعة السلاح، التى اتفقنا أننا نخطو فيها خطواتنا الأولى، وهذا فى رأيىّ هو الأهم، أننا بدأنا وكسرنا حاجز التردد.. وخشية الاقتحام، وفتح مجال سبقنا إليه فى المنطقة من لا نقل عنهم بأى حال من الأحوال.

 وعلى المستوى النفسى والمعنوى أتعشم أن تساهم هذه الخطوة، ومثلها، فى الأيام والشهور والسنوات القادمة فى أن تهزم أسطورة «الأستيكة» التى يقال إن مصر فشلت فى تصنيعها على مدار السنوات الماضية وأن مصنعًا هنديًّا لـ «الأستيكة» رفض أن يمنحنا سر الصنعة الـ «KnowHow» ليجبرنا على شرائها ويضمن استمرار الربح.

وحديث «الأستيكة» هذا هو الأثير فى حوارات الإحباط اليومية التى تحاصرنا من الكسالى والفاشلين والباحثين عن شماعات تعليق الخيابات، وعلى العكس من السابقين، أصبحنا نرى رجالًا ونساء مصريين من مختلف الأعمار وفى كل المجالات أثبتوا فى السنوات الأخيرة أنهم قادرون على العطاء، والإنجاز بإبهار، ومن عند هؤلاء خرج من فكر وخطط ونفذ «إيديكس 2018».. تحية لهم.. وتحية لمن منحهم الفرصة واتخذ القرار، تحية لقائد ورئيس مصر عبد الفتاح السيسى.

    أضف تعليق

    وكلاء الخراب

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2