منذ بداية أزمة غزة وتفجر الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية و إسرائيل ، أثبتت مصر دورها الريادي كأحد أهم اللاعبين الإقليميين الذين يسعون جاهدين لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. لم تكن جهود القاهرة مجرد ردود فعل وقتية للأزمة، بل استندت إلي رؤية شاملة ومنهج دبلوماسي واضح منذ اللحظة الأولي.
منذ بداية التصعيد في غزة ، كانت مصر من أوائل الدول التي دعت إلي ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام، يعالج جذور الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ارتكزت هذه الدعوة علي الرؤية المصرية الثابتة بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار دائم في المنطقة. وقد كان الهدف من المؤتمر الذي دعت إليه مصر هو جمع الأطراف الدولية والإقليمية للضغط من أجل إحياء مفاوضات السلام، وتطبيق حل الدولتين كطريق لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل.
إلي جانب الجهود الدبلوماسية لعقد مؤتمر السلام، لعبت مصر دور الوسيط الرئيسي بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وقد بذلت القاهرة جهوداً مستمرة لوقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع.
وتعتبر مصر أن استقرار قطاع غزة ليس فقط قضية إنسانية، بل جزء من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي. يشكل قطاع غزة عمقًا استراتيجيًا بالنسبة لمصر، خاصة أن سيناء تعد منطقة ذات حساسية أمنية عالية. وبالتالي، فإن القاهرة تسعي لضمان ألا تؤدي التوترات في غزة إلي تصاعد الإرهاب والتطرف في سيناء ، وهي منطقة تواجه تحديات أمنية مستمرة. من خلال جهود الوساطة والدعم الإنساني، تهدف مصر إلي تحقيق توازن بين تأمين حدودها وضمان استقرار غزة .
بالتوازي مع جهود الوساطة ، كان ل مصر دور إنساني محوري في دعم سكان قطاع غزة، خاصة من خلال إدارة معبر رفح .
وتلعب مصر دوراً مهماً في التنسيق مع القوي الدولية الكبري، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتأمين دعم سياسي ودبلوماسي لجهودها في حل أزمة غزة. كما أنها تعمل علي بناء توافق عربي حول ضرورة دعم القضية الفلسطينية.
ويظهر الدور المصري في أزمة غزة أهمية مكانتها كقوة إقليمية مركزية قادرة علي التوسط بين الأطراف المتصارعة، والتعامل مع تعقيدات الصراع بأبعاده الإنسانية والأمنية والسياسية. سواء من خلال تسهيل المساعدات الإنسانية أو الجهود الدبلوماسية، تواصل مصر إثبات أنها ركيزة استقرار في المنطقة، وتسعي إلي تحقيق السلام والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، والحفاظ علي أمنها القومي في مواجهة تحديات كبري.