قد لا يعلم البعض من الأجيال الجديدة أنه كان لدينا " المجالس القومية المتخصصة " وكان يرأسها المرحوم د. عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، وكانت تناقش بكل جدية وصراحة العديد من القضايا المهمة التي تتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية والمجتمعية للبلاد، وكانت تصدر تقارير دورية عن مناقشاتها والمقترحات أو التوصيات التي انتهت إليها في كل قضية علي حدة.
ولكن لأسباب غير معلومة ألغيت هذه المجالس، ثم جاءت المجالس التخصصية للتنمية عام 2015 عوضا عنها، فتشكل كل من المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية ، وتنمية المجتمع، والتعليم والبحث العلمي، والشئون السياسية والأمن القومي، وضمت هذه المجالس عقول مستنيرة، وخبرات متنوعة في المجالات المختلفة.
ومؤخرًا أعيد تشكيل المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية من مجموعة من العقول الاقتصادية المتميزة والممثلة لكافة التجمعات والأنشطة السائدة في المجتمع.
وأبسط ما يقال عنهم أنهم مصريون وطنيون وأصحاب خبرات محلية وعالمية لا شك فيها، وقد آن الأوان أن تستفيد مصر من "خبرات" أبنائها، وخاصة أن بعضهم يعمل مستشارًا لعدة دول، وآخرون يديرون مؤسسات مالية عالمية.
ولكن للأسف الشديد – وفي حالات التغيير – يظهر بعض "جنرالات الفيس" ما بداخلهم سواء بدافع تصفية الحسابات، أو المكايدة، أو العشوائية!، والمفاجأة أن أغلب ما يكتب مجرد "بوستات" جارية، غير موثقة، ولا منقول عن مصادر يعتد بها، بل الغريب أن بعضا من هؤلاء يصف نفسه بالمتخصص أو يسبق اسمه حرف (الدال والنقطة).
والجميع يعلم.. أن لدينا مشاكل اقتصادية تحتاج فكر جماعي ناتج عن تجمع رصين لعقول مستنيرة وخبرات متراكمة، أما "الهبد" والاعتراض والكلام المرسل فلن يقدم ولن يفيد، بل قد يسبب "الإحباط" لمن يرغبون في العمل بإخلاص وجدية.
وقد تصادف أن شاركت الأسبوع الماضي في ندوة للمنتدي الثقافي، تحدث فيها أستاذنا الوزير الأسبق د. جودة عبد الخالق عن إدارة الاقتصاد القومي، وكانت محصلة المناقشات؛ الاتفاق علي غياب السياسات الاقتصادية الفاعلة، تعدد الوزارات والتصادم في بعض الاختصاصات، وضرورة الاهتمام بقطاعات الإنتاج الحقيقي (الصناعة والزراعة)، وجود تضخم واحتكارات تسببا في ارتفاع الأسعار لأغلب السلع الغذائية .
والمعني أن لدينا مشاكل محسوسة والكل يتحدث بشأنها، وتحتاج لحلول ناجعة وسريعة، ولكننا نعاني من ظاهرة تتمثل في رغبة البعض تقديم الحلول، بينما البعض الآخر يحاول (كعبلته) بالكلام أو الفعل حتي لا يظهر تقصيره أو عجزه، بينما الأغلبية أو "حزب الكنبة" تشاهد وتتابع.. وتنتظر.. مع علمها "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"..!