إن النعم لا تدوم على أصحابها إلا إذا أدوا حقها من الشكر والطاعة، وحافظوا عليها من الإسراف والمعصية، كما يقرر ذاك ربّ العالمين بقوله: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
فهذه الآية هي إعلام صريح بأنّ النعم تزداد بالشكر وتنقص بالكفران، وانّ من سُنن الله عزّ وجلّ أن يبتلي عباده بالخير والشر ليمتحنهم هل يشكرون في السراء وهل يصبرون على الضراء، فيقول: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الله سبحانه وتعالى يمنح هذه النعم للإنسان لتحقيق مراده، لتعيش حياة سعيدة وتُسعد من حولك، وليس لتطغى أو تتكبر أو تكسر بها خواطر الناس، مضيفا أن النعمة لا تدوم، ولذلك فإن من الضروري فهم الحكمة من النهي عن الإسراف.
وأكد أمين الفتوى أن الإنسان مأمور بتحقيق مراد الله، حيث أن الله جعل الإنسان خليفة على الأرض كما قال في القرآن الكريم: "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ"، وتقتضي هذه الخلافة التوازن في جميع الأمور.
وشدد أمين الفتوى على أن الإسراف لا يقتصر على المال فقط، بل يمكن أن يحدث في جوانب أخرى مثل الذنوب، الدلال، وبعض القيم التي قد تؤدي إلى التمادي في الإسراف، موضحا أن الحزن إذا تحول إلى غلظة، والضعف إذا تحول إلى ضعف شديد، يمكن أن يكون من صور الإسراف، لذا، فإن التعامل مع القيم والأخلاق بحكمة وتوازن ضروري لتحقيق مراد الله وتعزيز الرفاهية الشخصية والمجتمعية.