إن قراءة القرآن الكريم وختمه للميت من الأمور المشروعة؛ إذ لا حرج شرعا في إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم للميت.
ف قراءة القرآن على الميت: حال وفاته أو بعدها، في منزله أو في المسجد، عند القبر أو غيره، حالة الدفن أو بعدها، كل ذلك جائز شرعا ولا حرمة فيه بإجماع العلماء، إلا أن بعض المالكية ذهبوا إلى كراهة القراءة على القبر تحديدا، ولكن الشيخ الدردير -رضي الله عنه- قال: "المتأخرون على أنه لا بأس ب قراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر إن شاء الله".
وقد ألف في هذه المسألة جماعة من العلماء على اختلاف مذاهبهم الفقهية: كالإمام الخلال الحنبلي في جزء "القراءة على القبور"، والحافظ شمس الدين المقدسي الحنبلي في جزء ألفه في هذه المسألة، والسيد عبد الله الغماري في كتابه "توضيح البيان لوصول ثواب القرآن"، وغيرهم ممن صنف في هذه المسألة، ومن الأدلة على ذلك:
1- حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((اقرءوا يس على موتاكم)). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا يشمل حال الاحتضار وبعده.
2- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إذا مات أحدُكم فلا تحبسوه، وأَسْرِعوا به إلى قبره، وليُقْرَأْ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة في قبره)). أخرجه الطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الحافظ ابن حجر، وفي رواية ((بفاتحة البقرة)) بدلًا من ((فاتحة الكتاب))، كما صح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها. أخرجه الخلال، وصححه ابن قدامة، وحسنه النووي.
3- ما روي عن أنس -رضي الله عنه- مرفوعا: ((مَنْ دخل المقابر، فقرأ فيها يس، خفَّف الله عنهم يومئذ، وكان له بعددهم حسنات)). أخرجه صاحب الخلَّال، وذكره ابن قدامة في المغني.
وأخذ العلماء وصول ثواب القراءة للميت من جواز الحج عنه ووصول ثوابه إليه؛ لأن الحج يشتمل على الصلاة، والصلاة تقرأ فيها الفاتحة وغيرها، وما وصل كله وصل بعضه، فثواب القراءة يصل للميت إذا نواه القارئ عند الجمهور، وذهب الشافعية إلى أنه يصل كدعاء بأن يقول القارئ مثلا: "اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت لفلان"، لا إهداء نفس العمل، والخلاف يسير، ولا ينبغي الاختلاف في هذه المسألة.