أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، بفوز مدينة سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء بجائزة عالمية رفيعة المستوى كعاصمة الأديان والتسامح والسلام والسياحة في العالم، وهي جائزة "أفاسو"، وذلك خلال احتفالية خاصة أقيمت بحضور اللواء خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، مما يعكس المكانة الفريدة التي تحتلها سانت كاترين على خريطة السياحة العالمية.
قيمة عالمية استثنائية
وأوضح الدكتور ريحان، أن هذا يؤكد القيمة العالمية الاستثنائية لمدينة سانت كاترين المسجلة تراث عالمى استثنائى باليونسكو عام 2002 وفقًا لأربعة معايير الأول والثالث والرابع والسادس، وذلك لشهرة دير سانت كاترين كملتقى للسلام العالمى يحمل فى طياته رسائل سلام ومحبة تنطلق من تاريخ المنطقة ودورها الحضارى كملتقى للأديان والثقافات والحضارات عبر العصور، كما ارتبط بناء الإمبراطور جستنيان للدير فى القرن السادس الميلادى بجبل طور سيناء الذى تلقى من عليه نبى الله موسى ألواح الشريعة وطلب من فوقه رؤية الله جهرًا فتجلى سبحانه وتعالى على الجبل المقابل فدك الجبل وهو جبل التجلى ذي الخواص الجيولوجية التي تدل على علامات الدك.
دير سانت كاترين
ونوه الدكتور ريحان إلى أن الدير في البداية حمل اسم دير طور سيناء وما زال خاتم مطران الدير حتى الآن بهذا الاسم ثم تحول اسمه إلى دير سانت كاترين بعد العثور على رفات القديسة كاترين على أحد جبال سيناء الذى حمل اسمها وهو أعلى جبال المنطقة 2642م فوق مستوى سطح البحر وشمل الدير الرهبان المقيمين بسيناء بمنطقة جبل موسى منذ القرن الرابع الميلادى عند شجرة العليقة المقدسة الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وبنت في حضنها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين كنيسة صغيرة أدخلها جستنيان داخل أسوار الدير وكل من يدخلها حتى الآن يخلع نعليه تأسيًا بنبى الله موسى وهى المنطقة الوحيدة فى العالم الذى تجلى فيها سبحانه وتعالى مرتين، عند شجرة العليقة المشتعلة ذات السر الخاص فهى نوع من العليق الوحيد فى سيناء أوراقها خضراء طوال العام وليس لها ثمرة وفشلت محاولات زراعتها فى أى مكان فى العالم وتجلى للجبل فجعله دكًا، وناجى فيها نبى الله موسى ربه ثلاث مرات، عند شجرة العليقة المقدسة وعلى جبل المناجاة حين تلقى ألواح الشريعة وعلى نفس الجبل حين اعتذر لربه عن عبادة قومه للعجل الذهبى
السياحة الروحانية
وتابع الدكتور ريحان بأن مدينة سانت كاترين تضم العديد من المقومات السياحية، والتي من أهمها السياحة الروحانية وهي أغلى سياحة في العالم، ومصطلح روحانية أفضل من دينية لأنه يخص كل الأديان والمعتقدات حيث يشعر كل من تطأ قدمه مدينة سانت كاترين براحة نفسية تعالج العديد من الأمراض.
سياحة الآثار
وتشمل المدينة السياحة الأثرية من زيارة معالم دير سانت كاترين الذى يحوى منشآت مختلفة منها كنيسة التجلى وبداخلها كنيسة العليقة الملتهبة وتسع كنائس جانبية صغيرة، كما يشمل الدير عشر كنائس فرعية وقلايا للرهبان وحجرة طعام قديمة ومعصرة زيتون ومعرض جماجم والجامع الفاطمى، علاوة على مكتبة الدير التى تحوى 4500 مخطوط منها 600 مخطوط باللغة العربية علاوة على المطويات بالإضافة إلى المخطوطات اليونانية والإثيوبية والقبطية والأرمينية والسوريانية وهى مخطوطات دينية وتاريخية وجغرافية وفلسفية، أقدمها يعود للقرن الرابع الميلادى كما تحوى المكتبة عددًا من الفرمانات من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب.
وأردف الدكتور ريحان بأن سانت كاترين يضم معالم أخرى، مثل الصعود إلى قمة جبل موسى لرؤية أجمل منظر شروق في العالم والعديد من المعالم الأثرية في طريق الصعود وعلى قمته، وكذلك زيارة وادى الراحة ويضم شكل منحوت في الجبل يعتقد البعض أنه العجل الذهبى الذى عبده بنى إسرائيل في سيناء رغم أن مكان عبادة العجل بمدينة طور سيناء الحالية لكنه يحظى بالزيارة وكذلك أحد القبور وهو مشهد رؤية أي قبر لا يحوى أي دفنات ويطلق عليه قبر النبى هارون وكذلك قبر آخر في مدخل المدينة يطلق عليه قبر النبى صالح وهو للشيخ صالح أحد شيوخ المنطقة الذى يحمل اسمه واديًا يطلق عليه وادى الشيخ .
السياحة العلاجية
وأضاف الدكتور ريحان أن سانت كاترين تشتهر بالسياحة العلاجية المتمثلة فى طب الأعشاب وبها 472 نوعا من الأعشاب الطبية، منها 42 نوعا من النباتات النادرة وهذه الأعشاب تحتاج إلى دراسة وافية من الكليات المتخصصة وإنشاء معهد لبحوث النباتات الطبية بسانت كاترين يستوعب الباحثين من كليات الصيدلة والعلوم والزراعة ويخلق منظومة علمية متكاملة لدراسة البيئات الطبيعية لهذه النباتات والمواد الفعّالة المستخلصة منها، ومن هم الأعشاب الطبية بسانت كاترين الهنيدة للقضاء على الحصوة والأملاح والنقرس، والساموا لعلاج السكر وطرد السموم والجعدة للمسالك البولية والبكتيريا والوزن الزائد والقيصوم لعلاج الصداع والرمد ومهدئ وزيت الأعشاب المكون من 40 نوعا من العشب ويستخدم مساج للفقرات والمفاصل والخشونة وحساسية الجلد وشاى الروزمارى لالتهاب اللوز والمفاصل ومهدئ للعضلات واللصف الذي ينبت في شقوق الصخور لعلاج الروماتيزم بغلى أوراقه وتبخير المصاب بها والقيصوم وتغسل بمائه العين الرمداء والعاذر يشبه الزعتر لعلاج المغص.
السياحة البيئية
واختتم الدكتور ريحان بأن سانت كاترين تتميز بالسياحة البيئية متمثلة في محمية سانت كاترين وتقع على سطح هضبة مرتفعة عند نهاية ملتقى وادى الإسباعية مع وادى الأربعين، وقد أُعلنت محمية طبيعية في عام 1988 وتُصنّف بأنّها محمية تراث طبيعي وثقافي عالمي وهي من أكبر المحميات الطبيعية في سيناء حيث تبلغ مساحتها حوالي 4300 كيلومتر مربع، وتغطى قممها الجبلية الثلوج فى الشتاء والذي يُشكل مع خُضرة الواحات الطبيعية المنتشرة بكثافة حول عيون وآبار المياه في المنطقة لوحة فنية بديعة.