أكد خبراء ومحللون سياسيون عرب أن «قمة الرياض»، التي انعقدت اليوم، جاءت في ظل ظروف استثنائية، تشهد فيها المنطقة المزيد من الأعمال العدائية والاحتدام من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في حق الشعبي الفلسطيني واللبناني، والتي ألقت بظلها على زعزعة السلم والأمن بمنطقة الشرق الأوسط، والتي قد يترتب عليها العديد من الكوارث السياسية والعسكرية والاقتصادية، كما أن القمة عكست إلتحام بوصلة الوطن العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد اليمني، خبير العلاقات الدولية، لـ«بوابة دار المعارف»: انعقاد القمة العربية الإسلامية، في هذه الفترة من الحرب على غزة و لبنان وما تشهده المنطقة من توترات، هو أمرًا غاية في الأهمية؛ بسبب وجود العديد من الأزمات على مستوى الشرق الأوسط، وليس فقط في قطاع غزة والجنوب اللبناني، رغم أن هذه الملفات من الأولوية بمكان، وتم الحديث عنها اليوم بشكلٍ تفصيلي من قادة الدول العربية والإسلامية اليوم، ورغم أن هناك ثلاث قمم سبقوا هذه القمة بـ«القاهرة، والمنامة وجدة»، ولكن هذه القمة تعتبر مختلفة تمامًا، وليس لقرارتها، ولكن لشدة الاحتدام والتصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة و لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران في هذه المرحلة.
وأضاف: العامل الثاني الذي يتركز عليه أهمية هذه القمة، هو فوز دونالد ترامب؛ لأنه، إلى حدٍ ما من الممكن أن يذهب إلى ملف الحرب الروسية الأوكرانية، وهو لديه الإصرار والنية على إنهاء هذه الحرب في هذا التوقيت؛ لأنه يرى أن الولايات المتحدة تهدر مال الشعب الأمريكي في هذه الحرب بمليارات الدولارات، والأمر الآخر يتعلق بكبح خطة نتنياهو « إسرائيل الكبرى.. وشرق أوسط جديد» ففي عام 1991 سمعنا بشرق أوسط جديد من شمعون بيريز رئيس إسرائيل سابقًا، تحدث هو الآخر عن شرق أوسط جديد، وكان له كتاب يقول فيه: "لابد أن يكون هناك علاقات وتطبيع على كافة الأصعدة وأن تكون إسرائيل قوية سياسيًا ومائيًا ودبلوماسيًا".. ولكن جاء نتنياهو وكان مختلفًا تمامًا، وكان ينظر إلى أي تطبيع أو علاقات مع الدول العربية، على أنه تخلف اقتصادي، ولا يمكن أن يحدث ولابد أن تنحصر علاقات إسرائيل مع الدول الأوروبية، وحتى وإن كانت دولة صغيرة اقتصاديًا مثل لوكسمبورج.
وتابع «اليمني»: من أبرز وأهم الجوانب التي ركزت عليها القمة اليوم، هي الحديث عن الجرائم الإسرائيلية الغاشمة، والتي سبق وأن ركزت عليها القمم السابقة أيضًا من قبل معظم رؤوساء الدول العربية، كما أن يوجد أيضًا بعض أدوات المرصد القانوني والأدوات الإعلامية التي تفيد للمحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية بما يرتكبه هذا الكيان الغاصب في حق الشعبي الفلسطيني واللبناني، وما حدث على مدار عامٍ كامل، هذه نقطة هامة تم الحديث عنها اليوم في ظل فشل عالمي لم يضع لهذه الدمار حد بعد، فرسائل القمة كثيرة وغاية في الأهمية، جميعها تدين وبشدة جرائم الاحتلال في حق شعبين أعزليين، وتحث على ضرورة عقد صفقة وتهدئة ووقف الأعمال العدائية التي يرتكبها الاحتلال بضوءٍ أخضر وغطاء من الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي في حركة فتح: القمة العربية الإسلامية جاءت في ظل ظروفٍ غاية في التعقيد والصعوبة، لمناقشة الأزمات في غزة و لبنان ووضع آليات لمعالجة تلك الأزمات، وكانت لكلمات رؤوساء وزعماء الدول العربية عامل غاية في الأهمية للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني بقيام دولته والعيش بسلام جانبًا إلي جانب دولة الاحتلال.
وأضاف: كما أن تتركز أهمية هذه القمة في تحصين الجبهة العربية والإسلامية، بعد وصول دونالد ترامب لسدة البيت الأبيض، والذي قد يخطط للحديث بشكلٍ واضح على إكمال الاتفاقيات الإبراهيمية.. فالتحصين واضح، نحن نتحدث أن لن يكن هناك تطبيع قبل قيام الدولة الفلسطينية، لاسيما أن كام هناك أحاديث عن أهمية تطبيق جهود دولية في ظلِ وجود يمين يُنكر حقوق الشعبي الفلسطيني واللبناني، فالحديث كان واضحًا ومؤكدًا على ضرورة أن يكون هناك سيادات للدول الوطنية مع وقف اعتداءات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية واللبنانية وقيام الدولة الفلسطينية.
واستكمل: مواقف الدول العربية والإسلامية عندما تتجمع تحت مظلة قمة موحدة سيكون لها تأثيرًا جيدًا، فهذه القمة وجهت العديد من الرسائل التي تؤكد على حق الشعبي الفلسطيني واللبناني وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، وكذلك ضرورة وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، ولكن الرسالة الأهم كانت موجهة وبشكلٍ واضح لـ«أمريكا»، وهي أن: «لن يكون هناك عمليات سلام واستقرار وتطبيع في المنطقة إلا بقيام الدولة الفلسطينية.. ووقف العدوان على الأراضي الفلسطينية واللبنانية وحتى السورية».
واختتم «الرقب» حديثه لـ«بوابة دار المعارف»، قائلًا: فجميع الرسائل تحمل في طياتها أهمية كبيرة، تتركز على حقوق الشعبي الفلسطيني واللبناني، وضرورة أن يتوقف العالم عن الكيل بمكيالين، بالإضافة إلي التأكيد على ضرورة أن يكون هناك سلام عادل في ظل قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وهناك بعض الأدوات التي لم يعلن عنها في القمة، ستستخدم في الضغط لتحقيق مواقف دولية داعمة للشعب الفلسطينى.