الطاقة هي عصب الحضارة الحديثة، حيث تعتبر المحرك الرئيسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف البلدان، وعلى الرغم من سيادة النفط لمصادر الطاقة في الوقت الراهن؛ فإن مصادر الطاقة المتجددة كأشعة الشمس والرياح تطورت مع تطور نمط العيش وتطور الحاجة للطاقة، والسعى للبحث عن مصادر بديلة متنوعة وأكثر ديمومة، فقد لجأت الدول إلى استغلال إمكانياتها من الطاقة المتجددة والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الهيدروجين الأخضر وغيرها من الطاقات الطبيعية الأخرى.
وقد أصبح استخدام الطاقة المتجددة أحد المحاور الرئيسية نحو الانتقال إلى منظومة طاقة مستدامة، باعتبارها إحدى الغايات الثلاث للهدف السابع من أهداف إستراتيجية التنمية المستدامة ۲۰۳۰ ، إلى جانب دورها البارز في الحفاظ على البيئة والحد من الانبعاثات الضارة.
إن العالم يشهد تطور مصادر الطاقة البديلة، والتي ستؤدى إلى إعادة هيكلة في طبيعة الأسواق المالية وتغيير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فهناك اهتمام متزايد بإنتاج الطاقة عن طريق الهيدروجين..
ولقد قدمت الباحثة الدكتورة أماني فوزي الجندي – أستاذ الاقتصاد المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية اي
ابحاثا حديثة فى صدد هذا الموضوع وشملت أبحاثها عدة جوانب ألقت فيها الضوء على
- انتاج الهيدروجين الأخضر، وأهميته وأهم خصائصه
- تكلفة انتاج الهيدروجين الأخضر، وأهم التجارب الدولية لاستخداماته
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر وجهود الدولة في هذا الصدد..
وتقول الباحثة الدكتورة أماني فوزي الجندي – أستاذ الاقتصاد المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية
أن هناك اهتمام متزايد بإنتاج الطاقة عن طريق الهيدروجين وخاصة بواسطة خلية الوقود Cell Fuel إذ يعد عنصر الهيدروجين من أكثر العناصر انتشارا ووفرة في الكون، حيث يشكل نسبة ٧٥%، وهو أخف العناصر الكيميائية، ويتميز بسهولة استخراجه وكمية الطاقة الكبيرة التي ينتجها من عملية الانفصال وقابليته للتخزين لفترات طويلة، هذا بالإضافة إلى كونه نظيفا عند الاحتراق، ويمكن إنتاجه من مصادر طاقة نظيفة كالرياح والطاقة الشمسية، لذا يمكن القول إننا على أعتاب ثورة اقتصادية قوامها الهيدروجين .
وبعبارة أخرى فإن التوجه الرئيسي الآن فى التحول العالمي للطاقة، هو الاستغلال المتسارع للتكنولوجيا الخالية من الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى رقمنة عمليات الطاقة والتي أصبحت ممكنة بفضل مصادر الطاقة المتجددة.
وتتابع دكتورة أمانى،
ف الهيدروجين الأخضر قادر على توفير طاقة نظيفة لكل جوانب الاقتصاد العالمي؛ حيث يمكن استخدامه كبديل للوقود الأحفوري كمادة أولية صناعية نظيفة في مجموعة كبيرة ومتنوعة من التطبيقات كالنقل الثقيل والصناعات الفولاذية - دون أن تنتج أية ملوثات أثناء الاستهلاك، ونظرا لكون الهيدروجين حاملا للطاقة خاليا من ثاني أكسيد الكربون، فهذا يجعله مصدرا نظيفا مستدامًا ومرنا فى الاستعمال، ويمكن أن يخزن وينقل المسافات طويلة ويستطيع حمل كميات كبيرة من الطاقة إذا تم ضغطه أو تحويله إلى سائل، وبذلك ينتج طاقة ووقودا نظيفين، وله نفس معايير السلامة التي يحتاجها الغاز الطبيعي والنفط من المتوقع أن يستطيع الهيدروجين تغطية ٢٤٪ من حاجة العالم من الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠، وبما يعادل ۷۰۰ مليار مبيعات والمزيد من المليارات من منتجات المستخدم النهائى التى تعتمد على الهيدروجين. والطريق نحو سوق عالمي للهيدروجين الأخضر، لا يعتمد فقط على الثورة التكنولوجية والاقتصادية - من مصدر الهيدروجين وطريقة
التعامل معه وشحنه وتكلفته لكل كجم - بل يعتمد أيضًا على الخيارات السياسية المتعلقة بسلسلة القيمة
وأضافت دكتورة أمانى يعد إنتاج الهيدروجين الأخضر أحد أبرز الموضوعات في الوقت الراهن على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث أعلنت العديد من الدول حول العالم بما فيها الدول المتقدمة مثل أستراليا وفرنسا، وأيضًا الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل،
وقد انضمت مصر أيضًا لتلك الأسواق، وقالت الحكومة إنها ستعلن قريبًا عن مشاريع تتعلق
ب الهيدروجين الأخضر كجزء من مبادرة وطنية، كما تهدف إلى دمجه في إستراتيجية الطاقة ٢٠٣٥.
وتتابع، ففي يوليو ۲۰۲۱ ، جاءت توجيهات القيادة السياسية المصرية بضرورة إعداد إستراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين بمشاركة كل قطاعات الدولة ذات الصلة، وتهدف هذه الإستراتيجية إلى امتلاك مصر القدرة في مجال توليد واستغلال الهيدروجين، وإضافة طاقة الهيدروجين الأخضر لإستراتيجية الطاقة المصرية المتكاملة لعام ٢٠٣٥، وذلك في ضوء الاهتمام العالمي المتنامي بمشروعات الهيدروجين الأخضر باعتباره مصدرًا واعدا للطاقة في المستقبل.
وتعد مصر من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي أنتجت واستخدمت الهيدروجين الأخضر. ففي عام ١٩٦٠ ، بدأت شركة الصناعات الكيماوية المصرية المعروفة باسم كيما" في إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام إمدادات الطاقة الكهرومائية من سد أسوان المجاور لإنتاج الألومينيا الخضراء، من خلال مصنع شركة كيما في أسوان .
وأشارت أستاذ الاقتصاد المساعد بالمركز إلى أنه يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر بطريقة صديقة للبيئة، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، وذلك من خلال فصل جزيئات الهيدروجين عن الأكسجين والموجودة في الماء من خلال عملية التحليل الكهربائي والتي تتطلب طاقة كهربائية عالية من مصادر نظيفة ومتجددة، وتعد من أفضل الطرق الواعدة لتوفير طاقة نظيفة خالية من الكربون بإنتاج الطاقة من التقنيات الشمسية والرياح، حيث إن كلا من مصادر طاقة الرياح والشمس تولد طاقة كهربائية بشكل متفاوت ويختلف باختلاف المصدر الطبيعي الذي يسبب توليدها .
وتقول دكتورة أمانى، في الفترة من عام ۲۰۰۰م إلى عام ۲۰۱۸م زاد الطلب العالمي على الهيدروجين بنسبة ٦٥% ليرتفع من ۷۰ مليون طن، إلى ١١٥ مليون طن، ويستخدم معظم الهيدروجين من الناحية التقليدية في صناعة الكيماويات لإنتاج الأسمدة ومعالجة المعادن وإنتاج الغذاء. وفى أواخر ۱۹۷۰م، بدأ الاهتمام باستخدام الهيدروجين كوقود للمركبات الخاصة والتجارية بسبب أزمة أسعار النفط والانخفاض الهائل والسريع في الاحتياطات النفطية. ومع بداية الألفية ظهرت السيارات الصغيرة والسيارات الرياضية التي تعمل بخلايا الوقود على الطرق، وتشير تقديرات مجلس الهيدروجين (وهو) مبادرة لشركات الصناعة العالمية إلى أنه بحلول عام ٢٠٣٠ قد تكون ١٠% من السيارات
تعمل بخلايا الوقود الناتجة من الهيدروجين، وبالفعل في عام ۲۰۱۸ قامت بعض شركات السيارات بتصنيع سيارات تعمل بخلايا الوقود هذه. وبحلول ۲۰۳۰ من المتوقع أن ١٠٪ من الطاقة المركبة ( ٢٥٠ جيجاوات بما يعادل ٢٥٠ محطة كهرباء تعمل بالفحم ) سيتم تحويلها إلى وقود الهيدروجين.
وتتابع، في الوقت الحاضر يتمثل التحدى الرئيسى لزيادة الهيدروجين الأخضر لمستوى يتيح استخدامه كوقود لاقتصادات كاملة في التكاليف العالية لإنتاجه، ورغم ذلك فمن المحتمل أن تنخفض تلك التكلفة؛ إذ تشير التنبؤات لعام ٢٠٢٥ م إلى انخفاض قدره حوالي ٦٠% من تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر، وبالتالي تتحقق الجدوى الاقتصادية المرجوة في هذا الصدد ).
أهمية الهيدروجين الأخضر وأهم خصائصه
أطلق على تسعينيات القرن الماضى عقد الرياح، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين هو عقد الطاقة الشمسية، والعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين هو عقد البطاريات، والعقد الحالي يمكن أن يدفعنا إلى مرحلة أخرى في تحول الطاقة، ألا وهي مرحلة الهيدروجين؛ حيث ظهرت مشروعات جديدة ضخمة وطفرات في مجال الهيدروجين.
وتقول ، فى السنوات الخمس الماضية وحدها، وضع أكثر من ٣٠ بلذا إستراتيجيات وطنية للهيدروجين، وكانت أهداف اتفاق باريس المتعلقة بالمناخ محركا رئيسيًا فى هذا الشأن، غير أن الحرب الروسية الأوكرانية والارتفاع الحاد في أسعار الغاز قادا بدورهما تحولاً إلى أنواع الوقود الأكثر خضرة (الصديقة للبيئة). وتشكل كذلك التنمية الاقتصادية والسياسات الصناعية عاملا مهما أيضا.
وأوضحت دكتورة أمانى،
من شأن الهيدروجين الأخضر النظيف إحداث تحول هائل في البيئة الجغرافية - السياسية للطاقة كما نعرفها اليوم. فقد تنشأ جغرافيات جديدة للتجارة تتمحور حول إنتاج واستخدام الهيدروجين النظيف ومشتقاته، وقد تصبح البلدان التي تنعم بوفرة في الشمس والرياح من كبار مصدري الوقود الأخضر أو من مواقع التصنيع الأخضر، ويمكن أن تتزايد المنافسة الصناعية في ظل طموح البلدان لقيادة التكنولوجيا في قطاعات مهمة من سلسلة القيمة للهيدروجين. وبوجه عام، يمكن لتوسيع نطاق الهيدروجين النظيف أن يسهم في تعزيز المنافسة الجغرافية الاقتصادية القوية، وأن يشجع وجود تحالفات وأوجه تعاون جديدة ويشكل نقاط قوة جديدة في مراكز إنتاج واستخدام الهيدروجين المستقبلية
وتضيف، ينظر العالم حاليا إلى الهيدروجين باعتباره جزءاً مهما من منظومة تحول الطاقة في العالم من أجل مواجهة تغير المناخ العالمي. ولذلك، فمن المتوقع أن يلبي الهيدروجين نحو ٢٤٪ من حاجة العالم من الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠ ، بما يعادل ٧٠٠ مليار دولار مبيعات، مع المزيد من المليارات من منتجات المستخدم النهائى التى تعتمد على الهيدروجين. ويتم إنتاج الهيدروجين بشكل أساسي من الغاز الطبيعي، وجزء ضئيل فقط من الإنتاج الحالي للهيدروجين يأتى من الوقود الأحفوري المجهز بتقنيات احتجاز الكربون لينتج الهيدروجين الأزرق) أو من خلال التحليل الكهربائي الذي يتم تشغيله بواسطة مصادر الطاقة المتجددة لينتج الهيدروجين الأخضر). ويمكن الاستفادة من الهيدروجين في إنتاج ناقلات طاقة أخرى، منها على
سبيل المثال، الألومينيا والميثان الاصطناعي والميثانول والهيدروكربونات السائلة كالديزل والبنزين والكيروسين ومواد التشحيم .
وعن مميزات استخدام الهيدروجين للتزود بالطاقة
تقول دكتورة أمانى، ١ - يعد مصدر طاقة آمنا لتخفيض واردات النفط إذ يمكن استخدام الموارد المحلية لإنتاج الهيدروجين، مما يؤدى إلى
استقلالية في مجال الطاقة. - الاستدامة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة
حيث يمكن إنتاج الهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة. الجدوى الاقتصادية للهيدروجين، الذي يشكل أسواقا للطاقة العالمية في المستقبل.
يمكن تخزين وتوزيع الهيدروجين بعدة طرق، ولذلك فإن الهيدروجين هو ناقل الطاقة النظيفة المقبول والمتفق عليه في جميع أنحاء العالم، كما أنه مصدر مستقل، ويحتوى على نسبة عالية من الطاقة في الكتلة، مقارنة مع أنواع الوقود.الأخرى .
تكلفة إنتاج الهيدروجين
وعن تكلفة الإنتاج تقول، تختلف تكلفة إنتاج الهيدروجين وفقًا لدرجة النقاء ؛ حيث تقدر تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر للمشروعات الكبيرة ما بين ٢,٥ - ٤,٥ دولار أمريكي للكيلو جرام الواحد، وتقدر وكالة الطاقة الدولية سعر إنتاج الهيدروجين الرمادي عند ١ -
١,٨ دولار للكيلو جرام. والهيدروجين الأزرق بسعر يبلغ ١,٤ -
٢,٤ دولار أمريكي للكيلو جرام. وهذه التقديرات كانت في
مارس / أبريل ۲۰۲۰ ، وبالتالي فإن هذه الأسعار تختلف في
الوقت الراهن بسبب التذبذب في أسعار الغاز وما يقرب من نصف تكلفة إنتاج الهيدروجين هي تكلفة الكهرباء، بينما يأتي الثلث من النفقات الرأسمالية وأقل من الخمس من النفقات التشغيلية لجهاز التحليل الكهربائي. أما فيما يتعلق بالنفقات الرأسمالية، فمن المتوقع حدوث انخفاض كبير في التكلفة خلال السنوات القادمة
. ووفقا للتقارير والإحصائيات الدولية، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن تبرز كرائد عالمي من حيث التكلفة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بعد سلسلة من الانخفاض القياسي العالمي في أسعار طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مدى السنوات الماضية. ومن ثم تأتى أهمية النظر في تكلفة النقل إلى الأسواق الدولية، فعلى سبيل المثال عند نقل الهيدروجين إلى أوروبا، يجب إضافة ٢ دولار أمريكي تقريبا لكل كيلو جرام. مع ذلك، فإن هذه التكلفة مشتقة بشكل أكبر من عملية تحويل الهيدروجين إلى الأمونيا أو أحد مشتقات الهيدروجين العضوية السائلة .
وتوضح، وحسب تقرير مراجعة الهيدروجين العالمي الصادر عن منظمة الطاقة الدولية للعام ۲۰۲۱، فقد وصل الطلب على الهيدروجين إلى ٩٠ مليون طن بحلول عام ۲۰۲۰، وكلها تقريبا كانت للتكرير والتطبيقات الصناعية، حيث يتم إنتاجه بشكل حصرى تقريبا من الوقود الأحفورى، مما أدى إلى إنتاج ما يقرب من ٩٠٠ مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولكن هناك مؤشرات إيجابية على التقدم العلمي من حيث القدرة العالمية للمحللات الكهربائية على مضاعفة إنتاج الهيدروجين من الكهرباء أكثر مما تم إنتاجه في السنوات الخمس الماضية، لتصل إلى ما يزيد على حوالي۳۰۰ ميجاوات بحلول منتصف عام ۲۰۲۱، يمكنها أن ترفع القدرات من الهيدروجين لأكثر من ٣٥٠ مشروعا قيد التطوير إلى ٥٤ جيجا وات حتى العام ۲۰۳۰ . وكذلك يمكن استخدام الهيدروجين في العديد من التطبيقات الأخرى.
تجارب دولية لاستخدام الهيدروجين الأخضر
وعن تجارب الدول تقول هناك التجربة الصينية، أعلنت الصين عن خطتها الوطنية لتطوير صناعة طاقة الهيدروجين النظيفة، وتحديد أهداف الإنتاج على المدى القريب، كما تعهدت بزيادة استخدام هذا الوقود منخفض الانبعاثات في مختلف الصناعات كأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، إذ أن هدف الصين هو السعى للوصول إلى أقل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام ۲۰۳۰ ، والسعى لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام ٢٠٦٠، حيث أصدرت بعض الحكومات الإقليمية في الصين متضمنة مقاطعة "سيتشوان و خو بی، خططا لتطوير صناعة الطاقة الهيدروجينية للفترة ٢٠٢١-٢٠٢٥ وأصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح (NDRC) ، وهى أكبر وكالة للتخطيط الاقتصادي في الصين، بالاشتراك مع الإدارة الوطنية للطاقة (NEA)، "الخطة المتوسطة وطويلة الأجل لتطوير صناعة الطاقة الهيدروجينية (٢٠٢١ - ٢٠٣٥)، لأول مرة سلسلة من المبادئ التوجيهية للسياسة لتطوير صناعة الطاقة الهيدروجينية على المستوى الوطني.
وقال وانغ شيانغ، نائب مدير إدارة التكنولوجيا الفائقة باللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في مؤتمر صحفي: تنص الخطة بوضوح على أننا سنبني نظام إنتاج هيدروجين متنوع، نظيف ومنخفض الكربون، ومنخفض التكلفة .
التجربة الألمانية
وتتابع، بجانب التجربة الصينية هناك تجربة ألمانيا: حيث توجد في ألمانيا أكبر محطات الوقود الهيدروجيني على مستوى العالم، إذ قامت شركة "سيمنس" بتطوير توربينات الرياح البحرية التي قد تم تجهيزها لخلط الهيدروجين لزيادة إنتاجه؛ حيث بلغت قيمة سوق الهيدروجين حوالى ۹۰۰ مليون دولار خلال عام ۲۰۲۰ ، ومن المتوقع أن تقفز هذه القيمة حوالي %۱۰ عام ۲۰۳۰ ، لتصل بحلول عام ۲۰۵٠ حوالی ۳۰۰ مليار دولار (١٥).
وأيضا تجربة الولايات المتحدة الأمريكية وتعد تجربة الولايات المتحدة نموذجا يحتذى به في مجال الهيدروجين الأخضر، حيث حددت الحكومة الأمريكية
الهيدروكربون كعنصر أساسي لإنتاج الكهرباء الخالية من الكربون بنسبة ١٠٠% بحلول عام ۲۰۳٥ ، والوصول
إلى انبعاثات صفرية من غازات الاحتباس الحراري بحد
أقصى خلال عام ۲۰۵۰ . وعلى الرغم من أن الولايات
المتحدة - بالفعل - منتج رئيسي للهيدروجين، وينتج الكثير منه من الوقود الأحفوري. فمع ذلك، فإن تحويل العمليات الصناعية وأنظمة النقل إلى الهيدروجين أمر
مكلف كذلك بالنسبة لها، ودعم القطاع العام أمر بالغ الأهمية لتمكين منتجى الهيدروجين الأخضر من
تصميم وبناء البنية التحتية للتنافس مع بدائل الوقود
الأحفوري وموارد الوقود النظيف الأخرى. ومن أجل
الوصول لتحقيق هذه الأهداف، تم توقيع قانون۲۰۲۱ للاستثمار في البنية التحتية والوظائف، والمعروف
بقانون البنية التحتية، وقانون ۲۰۲۲ لخفض التضخم يحتوى كل منهما على إعانات ومحفزات، وائتمانات ضريبية ومتطلبات السياسة الفيدرالية المنسقة بشأن الهيدروجين والتي تهدف إلى تحفيز صناعة الهيدروجين الأخضر في الولايات المتحدة على نطاق واسع
وتضيف ، هناك الشراكات الدولية ازدهرت إستراتيجيات الهيدروجين الوطنية بجميع أنحاء العالم، فكانت اليابان أولى الدول في عام ۲۰۱۷ ، تليها كوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا في عام ۲۰۱۹ ، وبدأت اليابان بالفعل بعقد بعض الشراكات الدولية في مجال الهيدروجين الأخضر مع كل من أستراليا وبروناي كما أعلنت هولندا والنمسا والترويج والبرتغال وألمانيا وفرنسا انضمامها عام ۲۰۲۰ . وقد تبنت الحكومة الفيدرالية الألمانية إستراتيجية هيدروجين وطنية بقيمة بلغت حوالي 9 مليارات يورو، منها 7 مليارات يورو، خصصت لتكثيف وجود تقنيات الهيدروجين بالسوق الألماني، وتم تخصيص ٢ مليار يورو إضافية للشراكات الدولية .
إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر وجهود الدولة
وعن الجهود المصرية تقول دكتورة المركز،
أنه منذ ستينيات القرن الماضي، أنتجت مصر الهيدروجين الأخضر
والأمونيا لأول مرة من خزان السد العالى بأسوان، وكانت مصر
في ذلك الوقت ثانى أكبر اقتصاد في أفريقيا. وامتلاك مصر
لأكبر مصادر للطاقة المتجددة من الرياح والشمس في الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا، يؤهلها لأن تكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة، وتهدف إستراتيجية الطاقة المتجددة في مصر إلى بلوغ حوالى ٤٢٪ من إجمالي الكهرباء الناتجة من المصادر المتجددة بحلول ٢٠٣٥. كما أن مصر من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية - كما أنها إحدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس، لذلك اتخذت مصر خطوات سريعة ومهمة فى تبنى الخطط والمقترحات التي من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فيما يتعلق بمجال إنتاج الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إقرار حوافز إضافية للاستثمار في هذا المجال، وما تقوم به من جهود لتحديث (إستراتيجية الطاقة لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، بما يعزز ويخدم إستراتيجيتها الطموحة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة الجديدة والمتجددة،
وبالإضافة إلى ذلك تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون خلال الفترة الماضية، مع عدد من الأطراف والشركات العالمية لتنفيذ مبادرات ومشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره، بما في ذلك توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، والتوقيع على اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوقيع اتفاقية الشروط الرئيسية لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من: صندوق مصر السيادي، وشركة سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وشركة أوراسكوم للإنشاء وشركة فيرتيجلوب، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة ميرسك العالمية لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول لانبعاثات كربونية صفر.
ومن الجدير بالذكر، أن كل هذه الجهود من شأنها تحويل مصر إلى ممر لعبور الطاقة النظيفة إلى أوروبا والعالم. ولتوطين صناعة الهيدروجين في مصر، وخاصة فى المراحل الأولى من تطوير الهيدروجين الأخضر، تحتاج الصناعة إلى الاعتماد على حزم تحفيزية مع نشر التقنيات الجديدة وتوسيع نطاقها .
وختامًا تقول الباحثة بالمركز القومى ، أنه يمكن القول إنه حسب اتفاقية باريس فى عام ۲۰۱۵ ، فإنه يجب الوصول لهدف صافي لانبعاثات الكربون الصفري بحلول عام ۲۰٥٠ ، ويجب أن تبقى الزيادة العالمية في درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين، ويفضل أقل من ١,٥ درجة مئوية بالمقارنة بفترة ما قبل الصناعة، وهذا يعنى حركة واسعة نحو إزالة الكربون في جميع القطاعات من خلال مساهمات كل البلدان. ويمكن للهيدروجين الأخضر، من هذا المنظور، أن يلعب دورًا محوريا في مستقبل خال من انبعاثات الكربون.
ويعتبر الهيدروجين الأخضر مصدر وقود عالميًا مهما لعدة أسباب منها المساهمة في حل مشكلات التغير المناخي والاحتباس الحراري، وهو وقود المستقبل والحل الرئيسى فى تخزين الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة. هذا بالإضافة إلى
أنه يحفز تطبيقات الاقتصاد الأخضر.
وبرغم المزايا العديدة للهيدروجين، والتى يتمثل أهمها في كونه عنصرًا قابلا للاحتراق وذا محتوى حرارى عال، ولا ينتج عن احتراقه أية غازات ملوثة، كذلك يعد من مصادر الطاقة غير الناضبة ومتوفر بكميات هائلة فى الطبيعة، وخاصة في
المحيطات والبحار، وسهولة نقله وتخزينه، إلا أنه يجب الحذر؛ لأن هناك العديد من الصعوبات التي تثير مخاوف من استخدامه، لعل أهمها المخاطر الكامنة في استعماله، خاصةً في حالته الغازية، كونه قابلاً للانفجار عند امتزاجه بالهواء
كما يحتاج الهيدروجين السائل إلى خزانات مبردة بدرجات حرارة منخفضة جدا، مما يزيد من تكاليف التخزين..