عاطف عبد الغنى يكتب: رجل السفارة!!

عاطف عبد الغنى يكتب:  رجل السفارة!!عاطف عبد الغنى يكتب: رجل السفارة!!

*سلايد رئيسى23-12-2018 | 13:24

واشنطن تمارس نوعًا جديدًا من البلطجة على العالم بفرض قانونها الخاص على الدول الأخرى، كبرت أو صغرت، ومطاردتها والقبض على مواطنيها خارج حدود بلادهم وتسليمهم إلى نيويورك لمحاكمتهم بتهم تحددها هى.

هكذا قرأ العالم خبر إلقاء السلطات الكندية القبض على المواطنة الصينية «مينج وانزهو» رئيسة الشئون المالية لشركة الاتصالات الصينية العملاقة «هواوى» بطلب من السلطات الأمريكية وتحت دعوى اتهامها بالاشتباه فى انتهاكها – بصفتها الوظيفية – العقوبات التجارية المفروضة على إيران.. هل كان الهدف من وراء هذا إيران، أم الصين؟! أم كلاهما؟!

(1)

ولم تكن الواقعة تعنى إلا أن أمريكا تؤسس لنظامها الجديد الذى تفرضه على العالم، وإنها بصدد ممارسة نوعًا جديدًا من الولاية القضائية العالمية ضد أولئك الذين يخالفون إرادتها أو ينتهكون عقوباتها، وإنها تمارس هذا الدور بنفسها دون اللجوء أو الاحتكام للمؤسسات الأممية، مثل الأمم المتحدة، أو المحكمة الجنائية الدولية، أو محكمة العدل الدولية، أو حتى «الإنتربول» كما كان يحدث من قبل.

ويعنى أيضًا الإجراء أن المسئولين من غير حاملى الجنسية الأمريكية، ورؤساء الشركات والتنفيذيين الذين سوف يستمرون فى التعامل مع إيران، سوف يتم اعتقالهم حال خروجهم عن حدود بلدانهم، وسوف يتم تسليمهم لسيد العالم الأمريكى ليمثلوا أمام قضائه!!

ومن وجوه الغرابة أن يحدث ما حدث مع مواطنة صينية، دون أية اعتبارات من أمريكا، لما تعنيه مكانة الصين فى الوقت الراهن على الخريطة العالمية، أو حتى اعتبارات الشراكة التجارية الكبيرة بين البلدين، أو حجم ديون الصين لدى  أمريكا، مما حدا ببعض المحللين إلى اعتبار القرار الأمريكى بمثابة إعلان حرب على مجتمع الأعمال الصينى، وأن بكين سوف تسعى من جانبها للرد والانتقام من كندا قبل أمريكا، وقد بدأت بالفعل حيث احتجزت السلطات الصينية – خلال الأيام القليلة الماضية – مواطنين كنديين وبدأت مخاطبة السلطات الكندية لمقايضتها بمواطنتها مينج.

وبغض النظر عن أن القصة برمتها قد تبدو بعيدة عن «ذقننا» إلا أن ما وراء القصة وتفسيرات أسبابها لصيق الصلة بنا وكلمة السر فى هذه العلاقة هو هذا اليهودى الأمريكى المدعو شيلون أديلسون المشهور برجل السفارة، أو الرجل الذى يقف خلف تفعيل ترامب لقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة إيذانًا ببدء عملية إعلانها عاصمة أبدية لمملكة اليهود .. مملكة الرب المرشحة لأن تكون الدولة الوحيدة العنصرية الدينية «الثيوقراطية» على كوكب الأرض، وهو أكثر المحرضين الآن ضد إيران، بالطبع لصالح إسرائيل.

(2)

شيلدون إديلسون يهودى، واليهودية جنسية وعرق – كما يعتبرها الموسومون بها – قبل أن تكون ديانة، وأديلسون الذى يسيطر تمامًا على أذنى ترامب الرئيس الأمريكى الجمهورى، هو الممول الأول لحزب الرئيس، فقد منح الحزب 81 مليون دولار فى الفترة الأخيرة كانت كافية لشراء المتعطشين لأمواله، وأعضاء الحزب الفاسدين.

أديلسون يملك ثروة هائلة وضعته ضمن قائمة أغنى 20 أمريكى وتقدر هذه الثروة بـ 33 مليار دولار هى مٌسخرة للتخديم على مصالح إسرائيل، وهذا التخديم يأتى من خلال سيطرة هذا الملياردير على توجهات السياسة الخارجية للحزب الجمهورى الذى يسيطر الآن على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، وبكل الطرق يوظف ويستغل هذا اليهودى نفوذه الذى اشتراه بأمواله ودوائر علاقاته السياسية بالمتنفذين وصُنّاع القرار، فى الإدارة الأمريكية، وهى لعبة يجيدها اليهود منذ عقود سحيقة فى التاريخ ويمكن لأى قارئ لأسفار العهد القديم أن يتأكد من ذلك.

(3)

أديلسون ليس اليهودى الأمريكى الأول ولن يكون الأخير، الذى يلعب هذا الدور، وقد سبق وكتبت مثلاً عن حاييم سابان، اليهودى الذى هاجر من مصر فى الخمسينيات وحارب ضدنا فى عام 67 ، وأحد عرابّى الربيع العربى، وهذا الأخير يشبه أديلسون فى أشياء كثيرة، ولا يقل عنه خطورة، ويمارس نفس دوره تقريبًا لكن مع الحزب الديمقراطى جناح البرلمان الثانى الذى تطير به الإمبراطورية الأمريكية الغاشمة التى نصّبت من نفسها زعيمة وحارسة وقائدة للعالم بالجبر والاختيار، يقودها الفكر الصهيونى والتوجه الأعمى لتحقيق مصالح إسرائيل الصهيونية، التى يسهر على رعايتها أفراد مثل أديلسون، وسابان و سورس، وغيرهم يعملون فرادى أو فى مؤسسات مثل «إيباك» ويتوزعون كالجوقة التى تعزف لحنًا واحدًا بتوزيعات وآلات مختلفة، وتغنى نشيدا واحدا يهتف بحياة إسرائيل التى تعلو ببنائها على أنقاض العالم، وجثة العرب والفلسطينيين.

(4)

لقد حضر أديلسون حفل افتتاح السفارة الأمريكية فى القدس، وفى هذا الحفل، كان نبى الصهيونية الجديد موضع اهتمام غير عادى، يضاهى أو يزيد على الاهتمام بابنة ترامب وزوجها اليهودى كوشنر، اللذان حضرا المناسبة، ظهر هذا فى فيديو موجود على موقع «يوتيوب»، وفى ذات الفيديو، وفى مناسبة أخرى يظهر أديلسون فى معبد يهودى يرفرف فيه العلم الأمريكى أسفل نجمة داود، بينما يسخر هذا العجوز من الشهداء الفلسطينيين المقاومين للممارسات الإسرائيلية، - الذين سقطوا شهداء برصاصاتها الحية – ويلقى النكات عليهم، وعلى عقيدتهم الدينية.

والفيلم الذى يفضح عنصرية هذا اليهودى، سوف يساهم لا شك بنصيب فى ترسيخ «الإسلاموفوبيا» ويخصم من رصيد المسلمين ما يضيفه إلى رصيد الآخر الذى يمارس أنواع كثيرة من الشر ضد المسلمين والعرب فيما تطالبنا دعايات الخارج ومن قبله الداخل ليلاً ونهارًا باحترام هذا الآخر.. فلا آخر سواه.

    أضف تعليق

    وكلاء الخراب

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2