لواء دكتور سمير فرج يكتب: شخصيات في حياتي (6) كوندوليزا رايس Condoleezza Rice

لواء دكتور سمير فرج يكتب: شخصيات في حياتي (6) كوندوليزا رايس Condoleezza Riceلواء دكتور سمير فرج يكتب: شخصيات في حياتي (6) كوندوليزا رايس Condoleezza Rice

*سلايد رئيسى26-12-2018 | 23:38

بينما ألملم أوراق عام مضى، تمهيداً لاستقبال عام جديد ... وبينما أستعد لكتابة تحليل مفصل عن حصاد عام ٢٠١٨، على المستوى الاستراتيجي والسياسي والعسكري ... إذ بي أجد، بين أوراقي، تسجيل مصور للسيدة كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي الأسبق چورچ بوش (الابن)، والتي كانت ثان إمرأة تتولى هذا المنصب، بعد السيدة مادلين أولبرايت. دفعني فضولي للاستماع لذلك التسجيل، مرة أخرى، وكان يحتوي على كلمة رايس في مؤتمر "الحرية والدروس المستفادة من أحداث الشرق الأوسط"، والذي عقد في مركز چورچ دبليو بوش George W. Bush Presidential Center، بالعاصمة الأمريكية، واشنطن، في مايو ٢٠١١، بحضور چورچ بوش الابن.
لم تكن تلك المرة الأولى التي استمع فيها لكلمتها، في ذلك المؤتمر، ولكنها المرة الأولى التي أقرر أن أجعلها موضوعاً لمقالي، في الأسبوع الأخير من عام 2018، علك، عزيزي القارئ، تستنبط منها بعض الدروس، والمعاني، تصريحاً، أو تلميحاً.
في ذلك المؤتمر، جاء رد السيدة رايس، على سؤال أحد الحضور، حول جهود الولايات المتحدة لدعم الديمقراطية في مصر، والتي يراها أنها لم تكن كافية ... أجابت رايس بأن الولايات المتحدة ليس لديها القدرة، دائماً، على دفع الأحداث، في الاتجاه الذي تريده، بالرغم من محاولاتها، ضاربة مثال "بجهود" بلادها في العراق، التي أثمرت عن إسقاط الديكتاتور صدام حسين، لما يشكله من خطر على السلام والأمن القومي العالمي، وفقاً لوجهة نظر بلادها، مضيفة أنهم كانوا مستعدين بحزمة من الوسائل، لمساعدة الشعب العراقي في الوصول إلى الديمقراطية.
واستطردت السيدة رايس قائلة، أنه في دول أخرى، ممن تتمتع بأنظمة مستقرة للسلطة، مثل مصر، فلبلادها نهج سياسي مختلف، حيث حاولنا إمداد الشعب المصري بالوسائل التي يحتاجها، للتحدث عن حريته، وتمثل أحد هذه الوسائل، في منح 50% من المساعدات الأمريكية، لتعزيز الديمقراطية، لمجموعات ومنظمات، ليست مسجلة لدى الحكومة المصرية، وهو ما كان صفعة قوية لنظام مبارك.
ولم نكتف بذلك، والكلام على لسان السيدة رايس، بل تعمدنا عدم توجيه الدعوة للرئيس المصري الأسبق مبارك، لزيارة واشنطن، منذ عام ٢٠٠٤، وهو ما لم يكن، في الحقيقة، يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، كما أُشيع، بل كان له علاقة، مباشرة، بصناعة الثورة في مصر.
وأضافت السيدة رايس، أن بلادها استخدمت كل ما تملك من أدوات، رداً على ما تفعله مصر تجاه القوى الديمقراطية، ومنها تعطيل اتفاقية التجارة الحرة مع مصر، للضغط عليها اقتصادياً. وبالتزامن مع تلك "الجهود"، وتحديداً منذ عام ٢٠٠٦، كنا نحاول دعم لبنان، والقوى الديمقراطية في فلسطين، والقوى الوطنية في مصر، ودول أخرى مثل العراق.
كان ذلك نص ما جاء على لسان السيدة كوندوليزا رايس، في ذلك المؤتمر، وفي إجابتها عن سؤال، واحد فقط، فيه، وهو ما يمكنكم الاطلاع عليه، ومشاهدة المؤتمر، مترجماً إلى العربية، من خلال الرابط التالي،
أعتقد أن تلك الإجابة لا تحتاج إلى شرح، أو تفسير، أو تحليل ... لقد أفردت السيدة رايس نقاط عديدة، وبوضوح، فقد أقرت بأن الولايات المتحدة الأمريكية، أسقطت نظام صدام حسين، وأوهمت الشعب العراقي، بمساعدته في الحصول على الديمقراطية، وإن كانت لم تقل، صراحة، أنها الديمقراطية التي تريدها أمريكا في المنطقة. وفي إجابتها عن مصر، كانت، السيدة رايس، واضحة، كل الوضوح، في سرد وسائل الضغط المتعددة، التي استخدمتها بلادها، ومارستها ضد مصر، في سبيلها لصناعة الثورة، التي تلت ذلك، للضغط عليها، تحت شعار البحث عن الديمقراطية ... تماماً كما فعلت بالعراق.
تذكرت وأنا أشاهد ذلك المقطع، لقاء جمعني بالسيدة كوندوليزا رايس، عندما حضرت إلى الأقصر، في 15 يناير 2007، للقاء الرئيس الأسبق حسني مبارك، خلال زيارة سيادته للأقصر. استقبلها، حينها، نظيرها المصري، وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط، وصحبها إلى فندق "ونتر بالاس"، Winter Palace، لتناول الغذاء مع الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، آنذاك، واللواء عُمر سليمان.
بعد الغذاء رافقها الوزير أبو الغيط، لمقابلة السيد الرئيس الأسبق مبارك، وبعد انتهاء جلسة المباحثات، طلب الرئيس الأسبق، بقاء الوزير أبو الغيط، للتشاور، بينما أقوم أنا، باصطحابها للمطار. وفي طريقنا إليه، مررنا بمعبد الأقصر، وسألت السيدة رايس، عن موعد إعادة افتتاح طريق الكباش، والذي قرأت عنه، قبل مجيئها، واستطردت أنها تتمنى العودة إلى الأقصر، يوماً، لزيارتها، باعتباره حلم يراودها منذ الطفولة، بعدما درست تاريخ الحضارة المصرية.
في تلك الأثناء، سألتها سؤالاً، سياسياً، بعيداً عن مهام منصبي، كمحافظ للأقصر، "هل تعلمين شعور المصريين تجاه الولايات المتحدة؟! وهل تعلمين أنهم غير سعداء بسياسة بلادها تجاه مصر خاصة، والقضية الفلسطينية عامة؟" مضيفاً أننا لو توقفنا بالسيارة، وسألنا أي مواطن، في طريقنا، عن رأيه في سياسة أمريكا تجاه مصر، فقد تذهلها الإجابة. ولكن في الحقيقة، ما أذهلني، كانت الصراحة "الفجة" في ردها، عندما قالت لي، نصا، "أعلم، تماماً، ما سيقوله أي مواطن مصري، ولكنها السياسة، يا سيادة المحافظ ... نحن لسنا سوى أدوات، ننفذ سياسة واستراتيجية دولة، وليس لنا خيار في تعديلها"!
عدت من مراسم وداعها، لأصحب السيد الرئيس الأسبق، إلى المطار، للعودة إلى القاهرة، وفي الطريق، قال لي سيادته، أنها استغرقت ١٠ دقائق من لقائهما، للحديث عن الأقصر، وعظمتها، وحضارتها، التي ألهمت البشرية، منذ فجر التاريخ، مضيفاً أنه كان من الممكن أن يقابلها في القاهرة، ولكنه قصد البقاء في الأقصر، وعقد اللقاء بها، لتتعرف، بنفسها، على الحضارة المصرية العظيمة.
قد نتفق على وجود ثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن هناك، أيضاً، متغيرات، منها أولى تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، في خطابه، يوم تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، عندما قال "أن أمريكا لن تفرض ديمقراطيتها على دول العالم، ولن تفرض أراء، أو سياسات محددة، على دول الشرق الأوسط". وهكذا تعدل الطريق الذي سلكته الولايات المتحدة الأمريكية، من قبل، لتطبيق تصورها للديمقراطية في الشرق الأوسط، وهو ما يمكنكم مراجعته على الرابط التالي، https://www.youtube.com/watch?v=i3zOSHBo_kg، ومع ذلك، يجب أن نتحلى باليقظة، لأية مخططات مستقبلية، تهدف للنيل من مصر، ومن المنطقة.
Email: [email protected]
https://youtu.be/pSFaVkmnLVQ
أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2