د. عزة بدر تكتب: مدن مسحورة (قصة قصيرة)

د. عزة بدر تكتب: مدن مسحورة (قصة قصيرة)د. عزة بدر تكتب: مدن مسحورة (قصة قصيرة)

* عاجل27-12-2018 | 14:20

عندى أحزان العالم فماذا لديك ؟!
كانت عيناها تتحدثان إليه فى صمت لكنه لم يسمع صوت الدمع , كان لها وحدها كقرع أجراس قريبة وبعيدة فى مبان مهجورة أغرقتها المياه , ومدن مسحورة لم يدخلها أحد من قبل سواها , تركها ليرد على هاتفه الجوال خارج المقهى , غاب .. تأملته من خلال الباب الزجاجى للمقهى , وهو رائح وغاد , يتكىء على خطواته , يتمهل ويسرع كأنه يفكر فيما يختاره من كلمات , قسمات وجهه البعيدة لا تنبىء عن شىء , توجست .
ترى ظل امرأة يتشكل من نقطة ما فى هاتفه , وينسل ليملأ المقهى , ويتشكل فى الخارج أشجارا كثيفة كالأدغال .
يدخل , يقف أمامها , يسلم عليها من جديد ! , تقف فى دهشة , يجلسان .
عيناه على هاتفه الجوال , وعيناها على دموعها .
ينادى النادل , يسألها :
- ماذا تشربين ؟
فى فمى أحزان العالم . , لم يسمع , يومىء للنادل أن يسألها .
تشرب قهوتها المُرة , وتحلى قهوته ببطء بالسُكّر , تحتسى أحزان العالم , ويلتذ بالسُكّر .
ينظر فى ساعته بينما يقدم النادل إليها قائمة الطعام , تطويها فى صمت .
يقول : لدىّ موعد الآن
ظل امرأة الهاتف يكبر حتى يملأ سماء المدينة , تذكر مكالمتهما الأولى , كم كان مشوقا
كم كان صوته دافئا ملتاثا وهو يسألها : هل تحبين مكانا ما ؟ , هل تعرفين مكانا نذهب إليه ؟ , كان العالم حينها نقطة صغيرة من لبن تترشفها على صحن يديه
وتبدأ منها الارتحال إلى مدن مسحورة .
والآن .. ظل امرأة الهاتف يملأ المكان , تسأله : موعدك مع من ؟ , أحب أن أعرف .
يحدق فى اللاشىء ثم يهمس :
- مع صديق
ظل المرأة يملأ الكون كله , يعذبها .
 شمس تغيم , ثم تقفز إلى البحر  .
تهمس وقد تيبست فى مكانها وكأنه ألقى عليها ماء مسحورا فتحولت إلى تمثال من رخام , أرادت أن تفك سحره , وأن تنهض , لم تستطع لكن عينيها كانتا تسألانه فى صمت :
عندى أحزان العالم , و ثروة من الدمع , ونهر فياض من محبة فماذا لديك ؟ ! .
أضف تعليق

إعلان آراك 2