تحقيق: نجلاء علاء الدين
بين التاريخ والروايات وكتب الطاقة الروحية ولغة الجسد والأبراج وحتى قصص الأطفال، يتحرك الشباب قاصدين التنوير والفهم وتشكيل الوجدان وأيضا ملء وقت الفراغ بشئ مفيد؛ تنفيذا لأول أمر صدر للإنسان على وجه البسيطة من رب الكون "أقرأ".. وإذاعانا لوصية الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، الذى طلب من الأسير المشرك فى غزوة بدر - والذى يريد فداء نفسه من الأسر - تعليم 10 من المسلمين القراءة والكتابة، وفى ذلك دلالة واضحة على الأهمية العظيمة للقراءة.
فالقراءة من أهم وسائل التعلم الإنسانى ومن أكثر مصادر العلم والمعرفة، فمن خلالها يكتسب الإنسان العديد من المعارف والعلوم، كما تؤدى إلى تطوير الإنسان ومن ثم المجتمع، وللقراءة فوائد نفسية فهى تساهم فى تقليل معدلات الاكتئاب والتوتر العصبى؛ لأن القارئ يكتسب أفكار جديدة تقلل من سلبية أفكار معينة لديه.
[caption id="attachment_22079" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
وقال عباس محمود العقاد عن القراءة إنها تضيف إلى عمر الإنسان أعمارا أخرى.
وتختلف أهمية القراءة لدى الأشخاص باختلاف ميولهم واهتماماتهم، فمنهم من يعتبرها وسيلة جديدة للاستمتاع بوقت الفراغ، ومنهم من يعتبرها ضرورة ومنهجا للحياة، ولما كان الشباب القوة والطاقة التى تعتمد عليها كل الشعوب والأمم فى بناء حاصرها ومستقبلها ويعدوا ثروة للدول، وفى هذا التحقيق سنتعرف على ميول الشباب واهتماماتهم وماذا يقرأون ولماذا؟ كما نسأل المتخصصين فى قراءات الشباب فى الوقت الحالى وهل اختلفت وكيف؟.
الروايات الجديدة "إتجار بالإباحية"
"سارة شريف" رسامة، عن اهتماماتها تقول: "أحب قراءة كتب الفلسفة، وكتب أنيس منصور ومصطفى محمود ودكتور أحمد مستجير، ونوعية الكتب التى تحتوى على معلومات كثيرة، وكذلك كتب الـ(ما ورائيات) وكتب الطاقة الروحية مثل كتاب الروح لابن القيم، وكتاب ".the secret"
وأضافت سارة أنها تحب قراءة قصص الرعب، وكتب النقد التشكيلى وعلم الجمال، مشيرة إلى أنها قرأت أغلب الروايات العالمية، وإلا أنها لا تحب قراءة كتب الاقتصاد؛ معللة ذلك بأنها "مملة" على حد قولها، ولا تقرأ فى الجغرافيا، ولا تحب قراءة الروايات الجديدة لأنها فى رأيها إنها "إتجار بالإباحية"، ولا تميل لكتب عباس محمود العقاد لأنها ترى أن أسلوبها معقد.
[caption id="attachment_22082" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
"ياسر" مدرس للغة العربية يقول: "أفضل الكتب الأدبية والروايات بأنواعها؛ ولكن ليس لدي وقت كافى للقراءة كثيرا".
"غادة " موظفة تقول: "أحب قصص الأطفال، والروايات الحديثة مثل هيبتا والفيل الأزرق، ولا توجد كتب معينة لا أميل لقراءتها فأنا أقرأ أى شىء".
أما "أيمن مختار" فنان الكاريكاتير: "أحب أن أقرأ فى التاريخ، والروايات الرومانسية، وابتعد عن روايات الرعب الحالية؛ لأنها سطحية و(دمها تقيل)، على عكس روايات الرعب القديمة".
أما "هاجر" رسامة، فتقول إنها لا تحب الروايات الرومانسية إطلاقا؛ لأنها مبتذلة وفيها "أفورة" على حد قولها، مؤكدة أنها تحب قراءة الروايات التى تخلو من الرومانسية أو الرعب.
"دعاء عبد الواحد" حاصلة على ماجستير تربية فنية، تقول إنها تحب كتب علم النفس والكتب التى تتحدث عن لغة الجسد والأبراج وتحليل تصرفات الإنسان، وأحمد خالد توفيق هو كاتبها المفضل فتقرأ له رواياته ومقالاته وكتبه كلها وتتابعه دائما.
[caption id="attachment_22080" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
وعندما سألت آية حسن وآية عبد الفتاح، الطالبتان فى كلية التجارة جامعة القاهرة، قالتا إنهن لا تحبان القراءة كما أن الدراسة تأخد أغلب أوقاتهنا.
وأضافت "مى شحاتة"، طالبة فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، أنها تحب قراءة الروايات الحديثة كما تحب قراءة القصص القصيرة المنشورة على الإنترنت، وزميلتها ناهد عنتر وافقتها الرأى فى ذلك.
وكتب عذاب القبر ويوم القيامة، كان لهم وقت للقراءة لدى ياسمينا الطالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة.
وتقول بسمة إبراهيم، تعمل فى خدمة عملاء لدى إحدى شركات الاتصالات، إنها تحب قراءة الروايات الحديثة والكتب الدينية، وزميلتها سارة صلاح أيضا تحب قراءة الروايات الحديثة وكتب الأبراج.
وكريستينا نجاح وزميلتها مارينا ماهر، عاشقتين للروايات الحديثة، خاصة روايات أحلام مستغانمى، كما يفضلن قراءة الكتب الدينية والكتاب المقدس.
[caption id="attachment_22083" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
أما من الشباب المهتمين بالشعر كثيرا والقراءة فيه، فكانت نهى فتحى حيث قالت إنها مغرمة بالشعر وشعرائها المفضلون أحمد شوقى، ونزار قبانى.
ومروة، تعمل صحفية، قالت إنها تفضل قراءة الروايات الحديثة، خاصة الرومانسية؛ لأنها غير موجودة على أرض الواقع على حد قولها.
[caption id="attachment_22487" align="aligncenter" width="300"]
زينب المهدى - طبيب نفسي[/caption]
أما عن أسباب نفور أو لجوء الشباب للقراءة وخاصة قراءة الروايات فتقول "زينب المهدى" المعالج النفسى وخبير التنمية البشرية: أنه من المتعارف عليه أن القراءة مهمة جدًا في حياة كل إنسان ولكن كثير من الشباب مهتمين الآن بقراءة الروايات وهذا الأمر يحتاج إلى تحليل نفسى وله عدة أسباب منها اهتمام الشباب بقراءة الروايات تحديدا متوقف علي خيال القارئ وحياته بمعنى أنه وارد جدًا أن القارئ يكون متعلق بنوعية معينة من الروايات الرومانسية مثلا لأنه مفتقد الى هذا الجانب فى حياته ويريد أن يعيش معه في الخيال.
وتؤكد "المهدى"، أن خيال القارئ وميوله من الأسباب المهمة جدا في تحديد اهتمامات القارئ، كثيرا من الشباب خيالهم خصب يحتاج إلى تطوير فالقراءة بشكل عام والروايات بشكل خاص تطور الخيال بشكل كبير.
وعن الأسباب التي تفسر اهتمام بعض الشباب بالقراءة، فتوجد شريحة من الشباب الهواية الأولي لهم القراءة، أو قضاء وقت فراغ مفيد وممتع، والروايات المليئة بالأحداث هي الأكثر قراءة لأنها تشغل الخيال والفكر بشكل مستمر وهذا سبب قوى لاهتمام القراء بالروايات والقراءة بشكل عام.
[caption id="attachment_22085" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
وعن العوامل المؤدية للقراءة والاهتمام بها كهواية، أضافت "المهدى" أن التشويق والأحداث المثيرة، كثير منا يهتم برواية دون أخرى بسبب أحداثها المشوقة المثيرة الممتعة، مشيرة إلى أن شكل الورق والخط الواضح الغير مرهق للعين لهم دورًا فى الاهتمام ببعض الكتب، ووقت الفراغ الذي يعتبر حافز للقراءة.
وقد لا يهتم بعض الشباب بالقراءة لأسباب أخرى،منها أن له مواهب أخري تفرغ فيها طاقاتها، ولم يجد في القراءة متعة أو تشويق، ونمط الشخصية سبب قوى - لا نستطيع تجاهله في هذا الموضوع - لأن الشخصية العاشقة للتفاصيل تميل للقراءة أكثر من غيرها.
[caption id="attachment_22488" align="aligncenter" width="300"]
سارة ممدوح - استشارى علاقات أسرية وتربوية[/caption]
وعن أهمية القراءة ووضعها الحالى بين وسائل الاتصال الحديثة فتوضح "سارة ممدوح" استشارى علاقات أسرية وتربوية، ومدرب تنمية بشرية، واستشارى الصحة النفسية، تؤكد على أن القراءة من المهارات الأساسية التى تركز عليها كل الأنظمة فهي تمكن المتعلمين من الحصول على المعرفة واكتساب المهارات وتساعد الفرد على تنمية أفكاره واكتشاف مهاراته الإبداعية.
وأضافت أن القراءة مفتاح المعرفة والمجتمع المتقدم كما تسهم القراءة في تكوين الشخصية المبدعة المبتكرة و تشكيل الفكر للفرد وتنميته، والقراءة أهم شىء في تشكيل عقل الطفل وتُكسبه القدرة على الفهم والتعبير عما يريده وتنمي اتجاهات الأفراد الفكرية لخدمة المجتمع وتنميته فهي تزود الأفراد بالخبرات وتنمي مداركهم وتهيئهم لخدمة المجتمع وتدفعهم ليكونوا روادًا في مجتمعهم فهى بلا شك العملية الأساسية في فهم التراث الثقافى والوطنى والاتصال بتراث الآخرين ومعرفة كل ما كان يحدث منذ سنوات مضت أو عصور خلت.
وتابعت أن اكثر قراءات الشباب اليوم، متجه بشكل كبير إلى قراءة الروايات، ما يشير إلى أن الحكايات أصبحت مصدر إشباع عقول ومشاعر الشباب، ففى الرواية يتسع للخيال مجال العيش فى القصة والإحساس بمشاعر أبطال الروايات والحرص على القراءة أكثر وقت للحصول على نهاية المغامرة.
وقالت إن من الشباب من يقرأ ليعيش المغامرة مع الأبطال، ومنهم من يقرأها بدافع التنفيس عن مشاعر مختزنة داخل العقل أو أفكار لا يقتنع بها من حوله ويراها هو ملائمة لفكره، ومنهم من يبحث عن إحساس الخوف أوالرعب أو الحزن أو الفرح التى تتحدث عنها الروايات.
ولفتت استشارى علاقات أسرية، إلى أنه فى السابق كانت القراءة تعتبر من الأنشطة الترفيهية التى تساعد الشباب على قضاء وقت الفراغ فى الإجازات، أما الآن أصبحت القراءة ليس لها وجود نظرًا لتطور وسائل التكنولوجيا وانتشار وسائل الإنترنت فى كل مكان نحن نجد الغرب يشجع كل فرد لديه على القراءة لما لها من أهمية كبيرة فى التطور الفكرى والحضارى.
[caption id="attachment_22084" align="aligncenter" width="300"]
القراة فى المكتبات[/caption]
وأكدت سارة ممدوح، أنه من هذا المنطلق يبدأ غرس بذور التجديد والإصلاح وتنوير العقول يبدأ من القراءة، وممارسة رياضة العقل (القراءة) تأتى منذ الصغر وتتطور مع نمو الفرد ونضجه، فالفرق بين شاب لديه معلومات كثيرة يستطيع التحدث فى أى موضوع وشاب آخر ليس لديه معلومات هى القراءة والإلمام بفكرة ما يقرأ، خاصة أن المصدر الوحيد للحصول على المعلومات بطريقة صحيحة هو أخذ المعلومة من مصدرها وهى الكتب.
وترى أنه من أجل بناء الشباب بعقول واعية، علينا تعليمهم مهارات وأساليب القراءة الحديثة والسعى نحو نشر المكتبات، والتركيز على دور الوالدين في توطيد الصلة بين الطفل والقراءة منذ نشأته، كما إن هذه الانطلاقة تتطلب استراتيجية شاملة فيها جهات متعددة منها الأسرة والمدرسة والإعلام والمراكز الثقافية والجهات الحكومية ويمكننا تطوير القراءة من خلال عمل المسابقات الخاصة فى المدراس أو الجامعات أو معارض الكتاب التى من خلالها يحدث التنافس بين دور النشر فى جذب عدد أكبر من القراء.
ونصحت بأنه: "إذا أردت أن تعرف ما هى الكتب التى تهواها للقراءة، عليك بأن تسال نفسك أولا لماذا أقرأ؟ وما هى غايتى من القراءة؟ ماهى الكتب التى يمكننى قرائتها دون ملل؟ فعليك بوضع خطة للقراءة تتضمن عدد الصفحات أو كمية المعلومات التى تريد الحصول عليها".
وأشارت إلى ان تحديد المكان والوقت المناسب للقراءة، وتدوين كل معلومة قرأتها، يساهم فى خلق وعى ورؤية مهمة، وبعدها سوف تعرف الفرق بين المثقف والمتعلم.
فيجب على كل إنسان أن يفكر فى كيفية إعادة تصحيح فكرة القراءة، وتقديمها لمن لا يقرأ بشكل تدريجى؛ بحيث لا يشعروا بأنها واجب جديد يلقى على ظهورهم، إذ يجب ألا ترتبط القراءة بالواجب ولا بفضاء مكانى واحد كالمكتبة مثلا، ومن الأفضل أن تصبح القراءة مرتبطة بفكرة الباحث عن فكرة تدور فى ذهنه أو يعيش مع قصة الكتاب الذى يقراه فالقراءة غذاء العقل وثمرة التفكير وذاكرة التاريخ.