د. ناجح إبراهيم يكتب: كنت أسيراً (2-2)

د. ناجح إبراهيم يكتب: كنت أسيراً (2-2)د. ناجح إبراهيم يكتب: كنت أسيراً (2-2)

*سلايد رئيسى15-1-2019 | 19:35

هالهم أخبار القصف الإسرائيلى للقاهرة وشماتة الإسرائيليين فيهم، دب اليأس في قلب عنان ورفاقه وتذكروا أيام قصفهم لتل أبيب,انعكس الأمر,بعد أيام سقطت القنابل المصرية بالقرب من معسكرهم فتجدد الأمل في قلوبهم.

 سمح لهم بإرسال واستقبال الرسائل،الخطاب للأسير هو الصلة السرية التي تربطه بوطنه وأهله وداً وحناناً،يعيش مع الخطاب محلقاً في سماء الخيال وكأنه بين أهله .

كانت مساحة الخطاب المسموح به 25 كلمة،الخطابات غير منتظمة والأسير متشائم بطبعه فإذا تأخرت الخطابات أصابه القلق علي أسرته، وإذا وصلت يلتهمها التهاماً ويعيد قراءتها مرات ويحللها بمعان لم تخطر لكاتبها علي بال.

أوقفت إسرائيل الخطابات لإصرارهم علي كتابة "معسكر الأسرى بفلسطين" بدلاً من إسرائيل، رفض الأسرى، شكوا للصليب الأحمر فحسم الأمر لصالحهم.

كانت الخطابات تمثل غذاء الروح،أما الطرود التي تحمل الأطعمة والفاكهة فغذاؤهم المادي الذي يشبع بطونهم الخاوية، كان بعضها يسرق في الطريق ولكن لا بأس فالقليل يكفى.

جاء لعنان طرد به شبشب فاخر، تعالت النكات فاقترح بعضهم أكله بعد قليه في الزيت، استطاعوا تهريب بعض الطرود دون تفتيش، وصلتهم بعض المجلات المصرية، حولوا أخشاب الطرود إلي دولايب، جاءهم مائة طرد من سيدات الهلال الأحمر، وأحيانا ً من وزارة الحربية المصرية.

وجد عنان جنوداً بريطانيين مع الطرفين، بعضهم انحاز للعرب وقاتل إلي جواره فأسروا وعذبوا وأهينوا بالضرب والحرمان من الطعام، استطاع ورفاقه مساعدتهم وإمدادهم بالطعام والسجائر تكريماً لموقفهم، وآخرين حاربوا مع الإسرائيليين ثم استغنوا عنهم وأسروهم حتى لا تعاقبهم بريطانيا بتهمة الفرار وتعتبرهم كأسرى حرب، وعوملوا معاملة سيئة أيضاً.

دخل شهر رمضان عليهم فأدركوا مواقيته بالتخمين،وكم فاتهم السحور فيه ليصوموا جائعين،عندما علم المعسكر بصيامهم أكبروا شجاعتهم وروحهم المعنوية العالية،جاءت هدية السماء لهم في رمضان بالنوم علي الأسرة لأول مرة.

تبين لعنان أن السيجارة هي محور الحياة في السجون منها تستطيع شراء كل شيء "وهذا في السجون حتي اليوم".

فكر عنان ورفاقه في تنظيم برنامج للمناظرات والمحاضرات والعلوم والفنون وكان للأسير الفلسطيني "داوود جبر" الفضل الأكبر في ذلك.

عاشوا فترة أسموها " لا حرب ولا سلم ولا تبادل للأسرى " ترادفت فيها الشائعات مع الأماني والأحلام ، وكلها تبدد كالسراب . أعدوا خطة للهروب استعانوا بطباخ فلسطيني ولكنه كان عميلاً لإسرائيل,قبل التنفيذ جاءت حملة إسرائيلية فتشتهم وهمت بقتلهم، عثروا معهم علي خريطة لفلسطين وللمعسكرات حولهم، ضيق عليهم وحوصروا بشدة.

أفكار السجناء متطابقة في كل العصور, وفكرة الخندق فكرة عقيمة "معلومة من السجون بالضرورة " فكر عنان في طريقة أخرى للهروب ولكنها لم تنجح.

نقلوا إلي عتليت، هناك جاءهم عدد كبير من الجنود المصريين الأسري مصابين بطلقات نارية وكسور متفرقة وفي حالة صحية وإنسانية بالغة السوء,عرفوا أنهم أسروا أصحاء ووضعهم الإسرائيليون في مسجد ثم أطلقوا عليهم النار من نوافذ المسجد فاستشهد أغلبهم وأصيب الباقون الذين تركوا فترة بغير علاج حتى لحق بعضهم بالشهداء,تولي علاجهم طبيب مصري أسير ولكن دون امكانيات.

حرب 1948 دارت علي أربع مراحل " حرب ثم هدنة " وهكذا,كلما اقترب العرب من النصر فرضت بريطانيا الهدنة أعقبها دعم عسكرى وسياسي واقتصادى بريطاني وأوروبي لإسرائيل ثم حرب وهكذا.

جاءت الهدنة الخامسة والأخيرة ومعها اتفاق علي تبادل الأسرى ليعود الأسرى إلي مصر, ويعود قائد الاسراب بطل قصتنا إلي " دموه " بالدقهلية ليجد استقبالاً أسطورياً للشهيد الحي.

أضف تعليق