د. ناجح إبراهيم يكتب: ثورة ثورة .. حتى الضياع

د. ناجح إبراهيم يكتب: ثورة ثورة .. حتى الضياعد. ناجح إبراهيم يكتب: ثورة ثورة .. حتى الضياع

* عاجل22-1-2019 | 20:11

الثورات يفجرها ويضحى من أجلها المخلصون في أوقات تحتاج لثورة فعلاً ولكن يركبها الأفاقون والحنجوريون والمراهقون السياسيون ويجنى ثمارها الانتهازيون ، وتبدأ بحلم جميل وتنتهى بكابوس فظيع. الثورات في بلاد العرب تفشل لأن الثوار يفشلون في تحويل الثورة بعفويتها وشعبويتها الغير منظمة إلي دولة القانون بانضباطها وحزمها،ولأن معظم الحكام دكتاتوريين يعشقون السلطة ولا يريدون مغادرتها حتى لو تحطم كل شيء،ومبدؤهم "حبذا الإمارة ولو علي الحجارة". البلاد التي لم يكن فيها جيش وطنى أثناء الثورات شارفت علي التقسيم مثل ليبيا،وكذلك البلاد التي غمرتها الميلشيات المسلحة المدعومة من الخارج سواء التكفيرية أو الشيعية مثل سوريا واليمن. معظم الثورات تأكل أبناءها ولك أن تتأمل ثورة يوليو ماذا فعلت بنجيب وعبد الحكيم عامر ويوسف صديق وخالد محى الدين وغيرهم،وتأمل  كيف أعدم مفكرو الثورة الفرنسية بيد الثوار،وكيف غيبت السجون والمنافى زعماء ثورات الربيع العربي،فالثورات أخطر في الإقصاء من الحكومات. معظم الثورات قامت لمطالب اجتماعية أكثر منها سياسية أو دينية ولكنها ما تلبث أن تتحول إلي شعارات سياسية دينية ومذهبية مثل مصر وسوريا واليمن وليبيا وكذلك ثورة الخوميني،فبعد نجاح الثورات يتكالب الجميع نحو السلطة،ويضيع الفقراء أكثر من ذى قبل فترتفع الأسعار وتزيد البطالة وتغلق المصانع ويضيع الاقتصاد...الخ.   معظم الذين جاءوا بعد الثورات في بلاد العرب كانوا أقل كفاءة وأكثر بطشاً من سابقيهم. معظم الثورات فى بلاد العرب بدأت سلمية بيضاء وانتهت إلى مولوتوفية وحمراء دموية،فالثورة السورية بدأت بيضاء ثم قتل وجرح فيها قرابة مليون إنسان وغمرت سوريا الدماء. أما ثورة 25 يناير فبدأت سلمية وانتهت بحرق كل شيء الأقسام والمحافظات والكنائس والمحاكم ومقرات الأحزاب والإخوان،أما القتلى والجرحى فحدث ولا حرج. الثورات فى بلاد العرب تبدأ بشعارات تدعو لكرامة المواطن ووحدة الأوطان واستقلالها ثم تنتهى عادة بتقسيم البلاد ، فالثورة السورية انتهت بتقسيم البلاد،واحتلالها من تركيا وإيران وروسيا والميلشيات الشيعية والتكفيرية وميلشيات الأكراد،والجولان تحتله إسرائيل،وكل هؤلاء تقاتلوا دون أن يطلق أحدهم رصاصة نحو الجولان المحتل. واستلم ثوار  23 يوليه مصر "مملكة مصر والسودان"وعندما مات ناصر تركها دون السودان وسيناء. وقامت الثورة اليمنية وكان اليمن موحداً وأصبح الآن ممزقاً  وعلي شفا التقسيم الحقيقى ، وتلعب فيه دول الخليج من جهة أو إيران وحلفائها. وقامت الثورة علي القذافي وليبيا موحدة والآن تحولت إلي جزر منفصلة تدار بالريموت كنترول من الخارج. كل الثورات العربية قامت ضد حكام طواغيت لم يستجيبوا لنداء الحكمة وحكمة الزمان أفسدوا ثلاثين أو أربعين عاماً،ولكن الثورات أزالت طاغية وأتت بمئات الطواغيت ،فالقذافي كان مجنوناً أضاع ليبيا وأموالها بمغامراته الطائشة والآن حل محله مئات الطواغيت،ونفس الأمر بالنسبة لعلي عبد الله في اليمن،ففي كل شارع الآن عشرات الفراعنة والطواغيت الذين يقتلون مباشرة دون سجون ولا محاكمة،ونفس الأمر في سوريا،فكل الثورات العربية أرادات خلع حاكم فاسد فأتت بمن هو أفسد وأطغى،فالثورات دائماً تحب أهل الثقة،أما النظم المستقرة فتحب الكفاءات. أكثر ما أضر ثورات الربيع العربي استباحة المجال السياسي الوطنى لهذه الدول من الدول الخارجية الدولية والإقليمية. من أكثر السلبيات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي دخول المال السياسي الحرام في اللعبة السياسية للدول بطريقة خطيرة  لأول مرة منذ استقلالها. كل الثورات تولد صغيرة ثم تكبر ويتزايد خيرها،وتنضج طبختها إلا ثورات العرب التي ولدت عملاقة قوية نظيفة،ثم بدأت تصغر وتتلوث شيئا ً فشيئا.
أضف تعليق

إعلان آراك 2