ناجح إبراهيم يكتب: لماذا فشلت ثورات الربيع العربي (1-2)

ناجح إبراهيم يكتب: لماذا فشلت ثورات الربيع العربي (1-2)ناجح إبراهيم يكتب: لماذا فشلت ثورات الربيع العربي (1-2)

الرأى31-1-2019 | 23:02

لا يشك أحد في فشل ثورات الربيع العربي في تحقيق أي هدف من أهدافها ،ويكاد يجمع المدققون والعامة أيضاً أن هذه الثورات أتت بنتائج عكسية وسلبية بصرف النظر عن المتسبب في ذلك ، لكن مآلاتها النهائية  كانت كارثية علي معظم أوطانها التي أصبح بعضها محتل والآخر مقسم والثالث سكانه ما بين قتيل وجريح وسجين ولاجيء وخائف أو جائع. ولكن ما هي أسباب فشل ثورات الربيع العربي،هذا السؤال يحجم الكثيرون عن التصدى له ولعلي أذكر مختصراً لبعضها عبر هذين المقالين:-

أولاً: معظم ثوار الربيع العربي لم يفكروا يوماً في المرحلة الأصعب والأشق وهي ماذا بعد سقوط النظام؟ولم يكن لديهم أي تصور للمستقبل أو طريقة لنقل السلطة بطريقة آمنة وسلسلة إلي نظام أفضل وأحسن لأنهم لم يتوقعوا أصلاً نجاح ثورتهم.

ثانياً:عسكرة ثورات الربيع العربي بعد فترة بسيطة من قيامها إما بتكوين ميلشيات مسلحة تتدرب وتتسلح داخل الوطن أو خارجه مثل مصر وليبيا ،أو دخول ميلشيات مسلحة خارجية إلي الوطن تحت سمع وبصر الدول المحيطة  مثل الميلشيات الإيرانية وحزب الله التي دخلت اليمن وسلحت ودربت الحوثيين,أو الميلشيات الشيعية التي استقدمتها إيران إلي سوريا,أو الميلشيات التكفيرية التي استقدمتها تركيا وبعض دول الخليج.

ثالثاً: تحول ثورات الربيع العربي من السلمية إلي المولوتوفية إلي الأسلحة الثقيلة إلي الاغتيالات إلي التفجيرات فالثورة السورية بدأت بيضاء ثم قتل وجرح فيها قرابة مليون إنسان وغمرت سوريا الدماء, والثورة الليبية التي قتل فيها الآلاف ودمر فيها الجيش الليبي كله,وذلك باستثناء تونس التي حدث فيها انتقال سلمي وسلس للسلطة,ولم ينجرف فيها التيار الإسلامي إلي العنف والتفجيرات.

رابعاً: شيوع ثقافة الحرق لدى الثوار,والغريب أن هذا حدث بعد انتصار الثورة وأحياناً دون مبرر,وأحياناً في أهداف ثقافية رفيعة مثل المعجم العلمي ، وأحياناً في سيارات الإطفاء,وفي الكنائس أحياناً,ففي مصر مثلاً حرق كل شيء بدءً من أقسام الشرطة ونقاط المرور مروراً بالمحافظات والمحليات والمحاكم والنيابات ومقار الأحزاب مثل الحزب الوطنى ثم الحرية والعدالة والكنائس,أما في سوريا فقد حرقت كلها ولكن بالمتفجرات والصواريخ,واليمن كذلك حرق معظمها.

خامساً: ثورات الربيع العربي بدأت بشعارات تدعو لكرامة المواطن ووحدة الأوطان واستقلالها ثم انتهت  بتقسيم معظم البلاد التي قامت فيها عملياً،فالثورة السورية انتهت بتقسيم البلاد،واحتلالها من تركيا وإيران وروسيا والميلشيات الشيعية والتكفيرية وميلشيات الأكراد،والجولان تحتله إسرائيل،وكل هؤلاء تقاتلوا دون أن يطلق أحدهم رصاصة نحو الجولان المحتل. والثورة اليمنية قامت وكان اليمن موحداً وأصبح الآن ممزقاً  وعلي شفا التقسيم الحقيقى،وتلعب فيه  دول الخليج من جهة أو إيران وحلفائها. وقامت الثورة علي القذافي وليبيا موحدة والآن تحولت إلي جزر منفصلة تدار بالريموت كنترول من الخارج.

سادساً: فشل الثوار في تحويل الثورة بعفويتها وشعبويتها الغير منظمة إلي دولة القانون بانضباطها وحزمها،وكذلك اصرار بعض الحكام علي البقاء حتى أخر نقطة في دماء شعوبهم لأنهم يعشقون السلطة ولا يريدون مغادرتها حتى لو تحطم كل شيء،ومبدؤهم "حبذا الإمارة ولو علي الحجارة".

سابعاً: معظم ثورات الربيع العربي قامت لمطالب اجتماعية أكثر منها سياسية أو دينية ولكنها ما لبثت أن تحولت سريعاً إلي شعارات سياسية دينية ومذهبية مثل مصر وسوريا واليمن وليبيا وأصبحت تشابه ثورة الخوميني في هذا الانتقال من الظلم الاجتماعي إلي فرض أيدلوجية معينة قد لا تقبلها أطياف كثيرة من الشعب ،فبعد نجاح الثورات يتكالب الجميع نحو السلطة،ويضيع الفقراء أكثر من ذى قبل فترتفع الأسعار وتزيد البطالة وتغلق المصانع ويضيع الاقتصاد...الخ.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2