نادية صبره تكتب: اغتيـال قلـم

نادية صبره تكتب: اغتيـال قلـم نادية صبره تكتب: اغتيـال قلـم

* عاجل12-2-2019 | 16:03

في الثاني من فبراير الجاري وأمام منزله بمدينة كربلاء المقدسة ، وفي منطقة أمنية مغلقة تم اغتيال واحداً من أهم الكتاب العراقيين وهو الروائي العراقي { الدكتور/علاء مشذوب } بعد أن أطلق عليه مسلحون ثلاثة عشر رصاصة ولاذوا بالفرار إلي مكان مجهول ليسطروا بذلك مشهد جديد من مسلسل الاغتيالات السياسية التي يشهدها العراق الشقيق.
علاء مشذوب الشاعر والروائي والناشط السياسي الذي وُلد بمدينة كربلاء ومات فيها تم تصفيته بعد أسبوعين فقط من كتابته منشوراً علي صفحته تحدث فيها عن الثلاث عشر عاماً التي قضاها { الخميني } في العراق ثم رحل بعدها إلي باريس ليصدر ثورته الخمينية إلي إيران عبر "شرائط" كاسيت المسجلات ثم يشعل الحرب بعد ذلك مع العراق الذي كان مضيفاً له سابقاً ..!.
 حتى الآن لم يتم توجيه اتهاماً رسمياً لأحد بالضلوع في اغتيال الكاتب رغم أن جميع أصابع الاتهام تشير إلي ميليشيا الحشد الشعبي المهيمنة أمنياً علي المنطقة التي وقع بها الحادث ، وهي أساساً حي شعبي حتى أن وزير الثقافة العراقي عندما أصدر بيان ينعي فيه الكاتب قال أنه ينعي وفاة علاء مشذوب ، ولم يستطع أن يذكر كلمة اغتيال !
وقد سبق مشهد اغتيال مشذوب بشهور قليلة وفي السابع عشر من نوفمبر الماضي مشهد آخر مطابقاً له إلي حد كبير ، وهو اغتيال الناشط المدني والقيادي الشيخ { وسام الغراوي } وأيضا أمام منزله وسط البصرة بعد أن أطلق عليه مسلحان مجهولان وابلاً من الرصاص ولاذوا بالفرار إلي مكان مجهول ولم يتم الكشف عن هويتهم أو من أمرهم بذلك ..! .
والشيخ { وسام الغراوي } هو أحد قادة انتفاضة الجنوب في البصرة المطالبين بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل وعدم هيمنة قوي خارجية علي العراق.
هذه المشاهد جعلتني أتأكد من صحة التقرير الذي نشرته صحيفة ديلي تلجراف البريطانية حيث كتب محرر الشئون الدفاعية في الصحيفة { كون كوجلن } نقلاً عن مسئولين أمنيين بريطانيين يقدمون الدعم والتدريب العسكري للجيش العراقي أن إيران أرسلت فرق اغتيالات في العراق بقيادة { قاسم سليماني } قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني مهمتها إسكات الأصوات العراقية المنتقدة للوجود الإيراني في العراق من مختلف الطيف السياسي !!
وكان من أول ضحايا هذه الفرق { شوقي الحداد } المقرب من الزعيم الشيعي { مقتدي الصدر } الذي كان يتلقي دعم من طهران ثم انقلب عليها وتم اغتياله بعد أن وجه اتهام لإيران بالتدخل لتزوير الانتخابات العراقية ، وكذلك { شاكر التميمي } الحليف المقرب من رئيس الوزراء السابق { حيدر العبادي } ومحاولة اغتيال فاشلة لراضي الطائي مستشار آية الله علي السيستاني ـ المرجع الشيعي البارز بعد دعوته للحد من النفوذ الإيراني.
وعقب اغتيال { علاء المشذوب } بعدة أيام تم اعتقال (أوس الخفاجي) قائد قوات أبوالفضل العباسي، وهى أحدي ميليشيات الحشد الشعبي بعد إعلانه أن الروائي المشذوب وهو يمت له بصلة قرابة اغتيل ارضاءاً لإيران بل ووجه أصابع الاتهام لأحد قيادات الحشد الشعبي، وهذا يعني أن الاغتيال والاعتقال لا يستثني أحداً حتى إذا كان بالأمس القريب من القيادات الموالية لإيران طالما تجرأ علي توجيه اللوم أو الانتقادات.
وجدير بالذكر هنا أن الروائي الراحل { علاء مشذوب } كان ضيفا في معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام الماضي أي قبل اغتياله بعام فقط إذ كان يعرض له رواية ( باب الخان ) التي يحارب فيها استشراء الفساد في كربلاء وتحول رؤوس الأموال لإزالة معالم المدينة وتحويلها للعشوائية ، كما حارب من خلالها أيضاً الطائفية السياسية ، وأكد أن كربلاء لم تكن مقتصرة في الماضي علي طائفة معينة بل كانت ملاذاً آمناً لكل الطوائف التي كانت تعيش في وئام وسلام وهذا كان الطابع الغالب في كتابات علاء مشذوب ، بالإضافة إلي نقده اللاذع للشخصيات الدينية ولانتشار الإسلام السياسي في المناطق الشيعية.
رحم الله الروائي العراقي الأديب علاء مشذوب فهو لم، ولن يكون آخر شهداء الحرية والقلم في العراق فمسلسل الاغتيالات للناشطين والمثقفين سيظل مستمراً طالما ظل المشروع الإيراني قائماً في العراق.
وأتمني الكشف عن هوية قتلة علاء مشذوب ، وألا تلحق جريمة اغتياله بعشرات قضايا الاغتيال التي قيدت ضد مجهول خاصة وأن أدلة تورط عملاء إيران في قتله ظاهرة بوضوح ، فلا أحد يستطيع دخول تلك المنطقة التي شهدت الحادث قرب الحرم الحسيني حاملاً السلاح سوي ميليشيا الحشد الشعبي فقط حتى ضباط الجيش والشرطة العراقيين  لا يسمح لهم بدخولها مسلحين !.
 كما أن المشذوب صرح للمقربين منه بأنه تلقي تهديدات بالقتل قبل الحادث بأسبوع فقط ورفضها ، كما رفض عرضاً قطرياً لمغادرة العراق والإقامة في قطر ..!
فهل هناك تنسيق في هذه العملية بين المخابرات القطرية والإيرانية هذا ما أتمني إزاحة الستار عنه في القريب العاجل ، وأيضا معرفة أسباب صمت مفوضية حقوق الإنسان وعدم إدانتها هذه الجريمة أو غيرها من جرائم الاغتيال السياسي المنظم.
وأخيراً أؤكد أنه بالرغم من هيمنة ميليشيا الحشد الشعبي التابعة لإيران علي القرار الأمني والسياسي في العراق فان الشعب العراقي حتماً سينتصر في النهاية ، ولن تستطيع رصاصتهم إسكاته ، ولن تكون حادثة اغتيال الناشط المدني والدكتور الأكاديمي علاء مشذوب رسالة شديدة اللهجة للكتاب والمثقفين العراقيين فلقد اغتالوا { علاء مشذوب } ولكن ستظل عشرات الروايات التي كتبها في فترة وجيزة باقية للأبد.
نعم استطاعوا اغتيال قلم ، ولكن العراق به مئات الأقلام التي ستنقذه من غياهب المشروع الإيراني.
أضف تعليق

خلخلة الشعوب وإسقاط الدول "2"

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2