د. ناجح إبراهيم يكتب: الجزائر وبوتفليقة ..والعرب وأوروبا

د. ناجح إبراهيم يكتب: الجزائر وبوتفليقة ..والعرب وأوروباد. ناجح إبراهيم يكتب: الجزائر وبوتفليقة ..والعرب وأوروبا

* عاجل3-3-2019 | 00:05

 الرئيس الجزائرى بوتفليقة له تاريخ ناصع فقد شارك في شبابه في تحرير الجزائر من قبضة الاستعمار الفرنسي الذي أذاق الفرنسيين الويلات وخلف وراءه مليون شهيد جزائرى دون شعور فرنسي بالذنب أو تعويض عن الضرر. وبوتفليقة له حسنة كبرى لا ينكرها إلا جاحد وهي إنقاذ الجزائر وإخراجه من مستنقع الدماء الذي ولغت فيه في"العشرية الدموية"التي قتل فيها وجرح أكثر من 170 ألفا من الجزائريين ، ما بين إسلاميين وضباط وجنود شرطة وجيش وسكان محليين،وذلك بعبقريته الفريدة التي تمثلت في سن وتفعيل"قانون الوئام المدني"الذ استلهم فكرته من مبادرة منع العنف التي تمت في مصر في أواخر التسعينات والتي كانت رائدة في العالم العربي كله،والتي قادها العبقرى اللواء"أحمد رأفت"مع قادة الجماعة الإسلامية. وقانون الوئام المدني يمثل نموذجاً للمصالحة الوطنية دون إخلال بالقانون ولا هضم للحقوق,ويمثل نموذجاً راقياً لحقن الدماء من جهة ووقف الإرهاب والتطرف من جهة أخرى مع الحفاظ علي سيادة الدولة وحقوق الإنسان. واليوم يشهد العالم كله تدهور صحة بوتفليقة بدرجة خطيرة منذ سنوات فهو لا يستطيع الحركة إلا علي كرسي متحرك ولا يستطيع الحديث بطلاقة مثل غيره ويمكث معظم أيامه في مستشفيات أوروبا،ولا يملك جديداً حقيقياً يقدمه لنفسه فضلاً عن الجزائر. ورغم ذلك يصر علي ترشيح نفسه لولاية خامسة دون سبب منطقي ،ودون أية قدرة علي ممارسة مهامه وهذا لا يحتاج لطبيب للحكم عليه بل هو مشاهد للعامة والخاصة. وهذا الإصرار يضر بوتفليقة قبل أن يضر الجزائر,ويهيل التراب علي تاريخه وانجازاته,ويجعل الكثيرين من شعبه يكفرون بانجازاته وإلهاماته التي صنعها في شبابه وحيويته . وهذا يذكرنا بالسنوات التي أدار فيها الرئيس التونسي الأسبق حكم بلاده سنوات رغم إصابته بالزهايمر وعدم معرفته بمن حوله فضلاً عن شئون الحكم,وإطلاق يد زوجته ثم شقيقته بعد طلاقه لزوجته في شئون الحكم حتى قام رئيس وزارئه وذراعه الأيمن بن علي الإطاحة به. اللاعب الجيد في ملاعب الكرة هو الذي يودع الملاعب قبل أن تطرده الجماهير وعليه أن يترك الملعب والجماهير تتيه به حباً وتسعد بمشاهدته وتتوق إلي رؤيته وهو يصول ويجول,فإذا تأخر عن الموعد كثيراً فإن الملاعب والأهداف والجماهير ستتركه قبل أن يتركها وستهيل التراب علي تاريخه. والحاكم كاللاعب عليه أن يترك ملعب السياسة إذا لم يستطع أن يصول ويجول ويحرز أهدافاً رائعة في مرمي السياسة ويحقق لوطنه كل يوم مزيداً من العطاء والنماء والرخاء والأمن والأمان. لمصلحة بوتفليقة الذي نحبه،والجزائر التي نعشقها عليه أن يكرر مآسي الآخرين ويتعلم من دروس التاريخ,وعليه ألا يقع في نفس الحفرة التي وقع فيها غيره,ولا يلدغ من نفس الجحر الذي لدغ منه إخوته مثل مبارك والقذافي وغيرهم. فلو أن مبارك نقل السلطة مبكراً في أواخر التسعينات مثلاً لشخص من داخل النظام لجنب البلاد والعباد كل هذه الثورات والدماء والصراعات والأحقاد والحرائق في النفوس والجماد. أقوى ما قيل في مؤتمر شرم الشيخ هي قولة الرئيس السيسي الصريحة للأوروبيين" إن ترك النزاعات فى ليبيا، وسوريا، واليمن، وسائر المناطق التى تشهد تناحراً، دون تسوية سياسية، لا يمكن إلا أن يمثل تقصيراً، ستسألنا عنه الأجيال الحالية والقادمة!. ولولا مقتضيات الدبلوماسية وأصول الضيافة، لكانت مصر قد واجهت الحاضرين من الجانب الأوروبى بأن الفوضى التى تأكل ليبيا يوماً بعد يوم هى فى الأساس صناعة أوروبية،عندما جاءت قوات حلف شمال الأطلنطى الشهير بالناتو لتضرب ليبيا الدولة، لا لتضرب نظام القذافى الحاكم،كما تذرعت وادعت وقتها، فكان ما كان من أمر ليبيا التى تمزقت ولا تزال تتمزق بفعل تلك الخطوة الأوروبية الحمقاء منذ البداية" والحقيقة أن التاريخ الأوربي مع العرب تاريخ كله استعمار واستغلال وتقسيم وزرع لإسرائيل في المنطقة العربية ومجاملة لها علي طول الخط,وإغفال للحق العربي دائماً وخاصة إذا كان متداخلاً مع الشأن الإسرائيلي. أما ما حدث بعد ثورات الربيع العربي فقد تعمدت أوروبا جعل ليبيا كالبيت الوقف أو المرأة المعلقة،فلا هي زوجة ولا هي مطلقة,فأوروبا هي التي تعطل توحيد ليبيا,وقد قالتها إيطاليا صراحة في مواجهة فرنسا. أوروبا أو علي الأقل جزء منها"إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا" يرون تمزق ليبيا مصلحة لهم,ويريدونها هكذا لاستنزاف بترولها وثرواتها,وهم لا يريدون استفادة مصر منها حتى لا تقوى مصر. أما سوريا فقد تعمدت أوروبا وأمريكا لمصلحة إسرائيل أن تتمزق سوريا ولا تصير دولة,فلا هي تركت الأسد ينتصر ويحسم المعركة،ولا تركت الثوار ينتصرون ويحسمون المعركة وهي سعيدة بتقسيم سوريا,وكل ذلك لمصلحة إسرائيل. حتى معركة أوروبا وأمريكا مع إيران ليست لخدمة العرب أو لمصلحتهم كما يتوهم العرب عامة والخليج خاصة,ولكن  لخدمة إسرائيل بتحطيم أكبر عدو لها في المنطقة وأكثرهم عدة. وقد تكرر ذلك مع العراق,وظن الخليج الطيب أن الغرب يضرب العراق لأنه عدوها,كلا,الغرب يكذب ويخادع عادة,وهو يريد أن تكون إسرائيل وحدها سيدة المنطقة بلا منازع سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً,وهو يريد اليمن مقسماً,وكذلك العراق. الغرب ليس ملاكاً مع أن شعوبه طيبة ومسالمة ، أما سياساته فهي كالشيطان الذي  لا يحترم إلا الأقوياء الموحدين والأسوياء الذين يحترمون شعوبهم فيتحول ساعتها إلي ملاك معه. خالص العزاء لأسر شهداء قطار رمسيس "رحمهم الله" فقد ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف أن"صاحب الهدم شهيد"ويقاس عليه حوادث القطارات والسيارات وكذلك المحروق .. كلهم شهداء بإذن الله،وأطيب التمنيات والدعوات بالشفاء العاجل للمصابين والجرحى والمكلومين،ولا عزاء للإهمال والتسيب،ومصر والمصريون يستحقون سكك حديدية أفضل وأحدث وأرقى من ذلك بكثير.
أضف تعليق

إعلان آراك 2