د. ناجح إبراهيم يكتب: أين أجد السعادة ؟!

د. ناجح إبراهيم يكتب: أين أجد السعادة ؟!د. ناجح إبراهيم يكتب: أين أجد السعادة ؟!

* عاجل4-3-2019 | 22:33

استضاف المذيع مليونيراً وسأله:ما أكثر شيء أسعدك في هذه الحياة؟فأجاب:مررت مع السعادة بأربع مراحل حتى عرفت السعادة الحقيقة. الأولي:كنت أسعد باقتناء الأشياء عامة. الثانية:كنت أسعد باقتناء الأغلى والأعلى سعراً والأندر وجوداً ولكنني وجدتها سعادة مؤقتة. الثالثة:كنت أسعد بامتلاك المشروعات الكبرى مثل شراء فندق أو منتجع سياحي أو نادى شهير,وكنت أتصور أن ذلك سيشبع فضول سعادتي ولكن لم يحدث أبداً . الرابعة:طلب مني صديق أن أساهم بشراء كراسي متحركة لأطفال معوقين فتبرعت فوراً بشرائها،ولكنه أصر علي أن أذهب معه لأقدمها للأطفال بنفسي,ولم أكن أتخيل حجم الفرحة الكبيرة علي وجوه هؤلاء الأطفال,بعد أن صاروا يتحركون بها في كل اتجاه وهم يضحكون وكأنهم في الملاهي,لم أكن أعرف هذا العالم من قبل ، شعرت ساعتها بسعادة لم تدخل قلبي من قبل,ولكن سعادتي الحقيقية الكبرى حدثت حينما أمسك أحد الأطفال بساقى وأن أهم بالمغادرة وركز عيناه بقوة في وجهي فانحنيت عليه أساله:هل تريد مني شيئاً؟قال:لا .. ولكني أود أن أتذكر ملامح وجهك جيداً حتى إذا لقيتك يوم القيامة في الجنة أشكرك مرة أخرى أمام الله. هذه هي السعادة الحقيقة،أن تكون رسولاً للحب والرحمة بين الناس,وقد قال أحد أكبر الأطباء النفسيين "إذا أردت أن تسعد نفسك فاسعد غيرك"ما قاله هذا الطبيب الأوروبي هو مصداق حديث رسول الله"من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الدنيا والآخرة ". وأنا أقول دوماً لكل مريض مصاب بالهم والغم واليأس"إذهب إلي دور الأيتام مع أسرتك,اقض يوماً معهم,احضر لهم طعاماً أو لعباً,أو شيكولاته,ألعب معهم,أشرح للطلبة منهم درساً في أي علم يدرسونه,ستجد السعادة تدخل قلبك. يحضر إلي الزوجان يشكوان من العقم وبعد الفحوصات والعلاج أقول لهما هناك علاجات أخرى أهمها الدعاء ورعاية أي يتيم في شارعكم,اعطوه ساندوتشا أو شيكولاته أو جنيهاً,وما أكثر الأيتام والفقراء في شوارعنا وبلادنا. فمن أسعد اليتيم والمحروم والفقير والمريض أسعده الله,لكي يرزقك الله السعادة أو الذرية أو طيب العيش أدخل السرور على الآخرين,أسعدهم لتسعد نفسك. لن تبتسم حقاً حتى ترسم البسمة علي شفاه الآخرين،لن تحيا حقاً حتى تحيي الآخرين مادياً ومعنوياً’لن تشفى حقا حتي تتصدق وتساهم في شفاء الآخرين. سوف تشقى إذا وزعت الشقاء علي من حولك,سوف تفتقر إذا أفقرت غيرك وضيقت عليه أو أكلت ماله بغير حق. سوف تشعر بالسلام والأمان إذا زرعته ورويته ورعيته بين الناس،سوف تشعر بالمودة والمحبة والألفة إذا زرعتها فيمن حولك. كان غنياً ولكنه يحب أن يجلس إلي شقيقي الأكبر متوسط الحال,فقال له يوماً:ترى ما السر الذي يجعلني أجلس إليك وأترك الكبار والأغنياء,إنه حب والدك رحمه الله,فقد كان "سلامنجي"أي يسلم علي كل الناس الصغير والكبير. وقد كان أبي يفعل ذلك بحق فيدخل  الشارع فيسلم علي كل طفل أو أمرآة مسنة أو رجل ويدللهم جميعاً,ويصفهم بأوصاف جميلة ويدعو للشابة بالزواج  الطيب ويداعب الطفل ويدعو له أن يصبح طبيباً أو مهندساً أو ضابطاً وأحياناً يناديه يا دكتور فلان تشجيعاً,والمسنة يحدثها بكلمات كلها تفاؤل وأمل وتمنيات بالصحة وعودة الغائب,فإذا دخل البيت قفزت القطط التي يربيها لتلتهم"الفشة"التي كان يشتريها خصيصاً لهم،وكان يسمي القطط التي يريبها بأسماء جميلة"الملكة,ضرغام,الأميرة,وهكذا. وكان يقول لي وأنا صغير:ما سر هذه الكركرة في صدر القطط فأقول:لا أدرى فيقول,إنها تسبح الله باستمرار. السعادة ليست في الأموال رغم أهميتها وحاجتنا إليها,وليست في الضياع والمناصب رغم أهميتها,كلها وسائل يمكن أن تسعدنا أو تشقينا. ولكن السعادة في القرب من المحبوب الأعظم سبحانه,وفي خدمة الناس وحبهم ورحمتهم وتفريج كرباتهم,وإسعادهم،الناس كل الناس,المسلم والمسيحي,القريب والبعيد,الطائع والعاصي ,المحسن والمسيء. السعادة أن تحب المحبوب الأعظم سبحانه وأن ترحم عبادة,فإذا أحببت الله ورحمت خلقه تدفقت ينابيع السعادة في قلبك والدفء في حياتك والأمان في وجدانك,وشعرت بتناغم روحك مع الكون كله,وصفاء نفسك مع الحياة مهما كانت صعوباتها وآلامها,ولم تنشغل بالذين يقذفونك بالحجارة لأنك ستجمعها سعيداً وتبني بها بيتاً يحفظك في الدنيا والآخرة,سلام علي باذلي المعروف ومحبي الخالق والخلائق.
أضف تعليق

إعلان آراك 2