نادية صبرة تكتب: شهادة كوهين

نادية صبرة تكتب: شهادة كوهيننادية صبرة تكتب: شهادة كوهين

*سلايد رئيسى5-3-2019 | 14:48

في الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) يجتمع فيه مع الزعيم الكوري الشمالي { كيم جونج أون } في أحد فنادق العاصمة الفيتنامية هانوي في قمة جديدة ترقبها العالم انتهت بالفشل الذريع في التوصل لأي اتفاق رغم سقف التوقعات.

كان { مايكل كوهين } الذي قضى عشر سنوات كمحام وموظف سابق لدى الرئيس ترامب يدلي بشهادته الثانية في أول جلسة استماع علنية في مجلس النواب الأمريكي كشف فيها العديد من الخبايا والأسرار عن تعاملات الرئيس الأمريكي المالية وكواليس حملته الانتخابية، وحتى أدق تفاصيل حياته الشخصية وعلاقاته النسائية، وباختصار نستطيع أن نصف ما أدلى به ( كوهين) في هذه الجلسة بمثابة ( كشف المستور) وإفشاء كل ما في جعبته من أسرار بهدوء شديد غير عابئ بالهجوم الذي شنه عليه أحد الأعضاء الجمهوريين والذي وصفه بأنه كاذب يكذب طول الوقت، وبأنه شاهد مزيف ووجوده في المجلس مسخرة ليس إلا ....

كوهين اليهودي الديانة وابن أحد الناجين من (الهولوكست) موريس كوهين وصف ترامب بالغشاش الذي يعمل يوميا على متابعة تدمير الحضارة الأمريكية ، وأن سلبيات ترامب تفوق إيجابياته بكثير وعندما صار رئيسًا غلبت عليه خصال الشر وأنه أيضاً رجل محتال طلب منه تضخيم أصوله المالية ليبدوا من أثرى أثرياء العالم.

 وأضاف أن ترامب أمره أكثر من (500 مرة) على مدى السنوات العشر التي قضاها في العمل معه لتوجيه تهديدات ورشاوى عديدة إلى عدد لا يحصى من الشخصيات، كما اعترف بأن ترامب كلفه بدفع أموال إلى ممثلة الأفلام الإباحية (ستورمي دانيلز) التي حصلت على مبلغ 130 ألف دولار قبل أيام من انتخابات الرئاسة الأمريكية لشراء صمتها وعدم فضح علاقتها بترامب وقام كوهين بتقديم صورة من الشيك الذي حصلت عليه للكونجرس ليبرهن صدق كلامه، كما أضاف أن ترامب شخص عنصري فقد كان يقول له دائماً: إن السود لن يصوتوا له أبداً لأنهم أغبياء، كما كان يقول له أيضاً " سم لي دولة واحدة في العالم رئيسها أسود وليست قذرة ".

أضاف كوهين أنه آسف لقيامه بالكذب على الكونجرس والشعب الأمريكي حول حقيقة ( ترامب) قائلاً: لست معتاداً على الكذب، ولكن ترامب طلب مني بشكل غير مباشر أن أكذب على الكونجرس وأن محامي ترامب راجعوا شهادتي الأولى قبل أن أقدمها للكونجرس وأجروا تعديلات على هذه الشهادة كنت أعرف ما يريده ترامب مني وهو إيصال رسالة ما بين السطور تنفي وجود تواطؤ بين ترامب وروسيا، وأضاف كوهين أنه لن يقبل عفواً من الرئيس ومستعد لتحمل العواقب لأنه ارتكب أخطاء ومسئول عنها وأنه لم يكن ينبغي عليه أن يحمي ترامب طوال عشر سنوات ويحذر الذين يتبعون ترامب بشكل أعمى أن يتوقفوا عن ذلك لأنهم سيواجهون عواقب مثله ويدفعون أثمانًا باهظة.

وحول حملة ترامب الانتخابية أضاف ( مايكل كوهين) في شهادته أنه لم يكن يعمل في الحملة الانتخابية بل عمل لحماية ترامب فقط ولكن لديه شكوك بتواطؤ ترامب مع روسيا لأن رغبة ترامب في الفوز قد تجعله يعمل مع أي طرف وأنه لديه القدرة لفعل أي شيء لفوز بالرئاسة ، كما أضاف كوهين أنه عرف من ترامب عن تسريب رسائل لهيلاري كلينتون قبل أيام من حدوث ذلك كما أنه لم يكن يعرف أن ترامب سوف يدشن حملته الانتخابية على أساس من الكراهية وفي نهاية الجلسة وصف (مايكل كوهين) نفسه بالغبي وأنه نادم على اليوم الذي وافق فيه على العمل مع ترامب، وأنه يخشى على أسرته (زوجته وولديه) من بطش ترامب ورجاله وطلب من الكونجرس حمايتهم !! الجدير بالذكر أن محكمة أمريكية قد أصدرت حكماً يقضي بالسجن 36 شهراً على ( مايكل كوهين) لإدانته بارتكاب جرائم من بينها انتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية والتهرب الضريبي والكذب على الكونجرس، وبذلك يكون هو أول عضو في الدائرة المقربة لترامب يعاقب بالسجن على خلفية تحقيقات ( روبرت مولر) بشأن مزاعم التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016.

ما جعلني أتوقف أمام شهادة كوهين ليس فقط ما أحدثته من ضجة إعلامية كبرى خطفت الأضواء من قمة ( ترامب ـ كيم) وتصدرت الإعلام

 الأمريكي الذي أفرد لها مساحات كبيرة كنوع من التشفي في الرئيس الأمريكي حتى أنهم وصفوا كوهين بكلب ترامب الشرس الذي انقلب عليه. ولكن ما استوقفني سببان:ـ

   السبب الأول: أن هذه الشهادة الصادمة ترسم صورة جد مختلفة للرئيس ترامب وهي بشهادة موثقة من أحد أهم المقربين منه الذي كان يدين بالولاء الشديد له والتزم الصمت طوال عشر سنوات عما يراه ويسمعه، ولذلك وصف بالصندوق الأسود لترامب ـ رجلاً كانت كلمة الولاء هي محور علاقته بالرئيس وكان يردد دائماً أنه مخلص لترامب بشدة ومستعد للموت من أجله وتلقى رصاصة بدلاً منه !

  السبب الثاني: هو أن هذه الشهادة جاءت في توقيت واحد مع فشل قمة ترامب مع زعيم كوريا الشمالية، والتي وصفها المراقبون أنها نكسة خطيرة للرئيس الأمريكي فعدم تحقيق تقدم في قضية نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية ، وأيضاً مع صدور قرار من مجلس النواب الأمريكي وافقت عليه أغلبية تحظى بدعم 226 نائباً من أعضاء المجلس البالغ عددهم 435 نائبا على قرار يقضي بإلغاء حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية التي أعلنها ترامب منهم (13) عضواً جمهورياً للحصول على تمويل لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك كل هذا يمثل تخبطاً شديداً في سياسات الرئيس ترامب أدت إلى تدني شعبيته التي وصلت إلى مستوى لم يسبق له مثيل، وبالرغم من ذلك ما زال ترامب متمسكا بالدفاع عن سياساته ورد على فضح كوهين له بأعصاب باردة وشكك فيها قائلاً: إن كوهين كاذب ومحتال ويكذب ليجعل الفترة التي سيقضيها في السجن أقل.

وهذا لا يعنى سوى أن الرئيس ترامب أصبح يعيش في عالم افتراضي يصور له أنه ما زال يستطيع السيطرة على عقول الأمريكيين والاستحواذ على قلوبهم والفوز بفترة رئاسة ثانية في 2020.

    أضف تعليق

    خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2