إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: هذا القراقوز

إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: هذا القراقوزإسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: هذا القراقوز

*سلايد رئيسى6-3-2019 | 13:49

أظنك تعرف أن القراقوز هو "الأراجوز".. تلك الدمية التى كانت تُلبس فى اليد وتحركها الأصابع وتقدم عروضًا مضحكة بصوت مميز إذا سمعته حتى من بُعد تقول إنه الأراجوز. والحقيقة أن الأراجوز كان يتمتع بشعبية كبيرة بين الصغار والكبار على حد سواء بسبب عروضه المسخرة التى تنتزع ضحكات الجميع. وأظنك تعرف ذلك كله، لكن هل تعرف معنى كلمة قراقوز وأصلها؟.. إذا بحثت فسوف تعرف أن الكلمة تنتهى للغة التركية.. وأصلها قره قوز.. كلمة من مقطعين قره ومعناها سوداء وقوز ومعناها عين.. وبذلك يصبح المعنى العام لكلمة قره قوز هو ذو العيون السوداء.. دلالة على سوداوية النظر إلى الحياة.. وبهذا التعريف وبهذه المعلومات أجد أن أقرب شخصية للقراقوز هو الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.. أولا الاثنان من أصل واحد.. الأصل التركى.. وثانيًا فإن الاثنين يجيدان تقديم العروض المسخرة.. وإذا كان القراقوز تحركه اليد والأصابع فإن رجب طيب أردوغان تحركه جماعة الإخوان وأطماعه فى استعادة أمجاد أجداده وأهمها السيطرة على مصر. ثم إن القراقوز كما عرفنا صاحب نظرة سوداوية للحياة.. وكذلك أردوغان صاحب نظرة سوداوية على الأقل بالنسبة لمصر التى لا يرى فيها إلا كل عيب ونقصان. لكن لماذا يكره أردوغان مصر ولا يطيق اسمها؟! يمكن أن يكون السبب العقدة التاريخية.. إن صح التعبير.. فأردوغان لا ينسى ولا يريد أن ينسى أن إبراهيم باشا قائد الجيوش المصرية زحف إلى الأستانة عاصمة الإمبراطورية العثمانية وحاصرها وكاد أن يقتحمها.. فأسرع السلطان عبد المجيد بتهريب زوجاته وحريمه وأبنائه وأخواته إلى أوروبا ثم أسرع باستقدام حرس من الروس لحمايته.. وفى النهاية كانت مصر هى السبب فى سقوط الدولة العثمانية. ورغم سقوط الأتراك فقد ظلوا سنوات طويلة محتفظين بعجرفتهم وغطرستهم وهو ما أصبح مثار سخرية المصريين الذين جعلوا من تركيا والأتراك نكتة يضحكون عليها فى أفلامهم ومسرحياتهم وجلساتهم. وتتحول سخرية المصريين من الأتراك إلى عداء حقيقى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى رأى فى تركيا نموذجًا وضيعًا للاستعمار.. سرق خيرات مصر ونهبها وسرق معها الصُنّاع والحرفيين والموهوبين والفنانين.. ثم أن تركيا كانت جزءًا من مؤامرة حلف بغداد والحلف الإسلامى اللذين استهدفا حصار مصر عبدالناصر.. ولذلك لم يكن غريبا أن يسارع عبدالناصر بإنذار تركيا بإعلان الحرب عليها إذا فكرت فى الاعتداء على سوريا.. وفى مثل هذه الأجواء كتب مبدعنا الراحل صلاح جاهين قصيدته الشهيرة التى يقول مطلعها: "تركى بجم.. سكر انسجم.. لاظ شقلباظ.. اتغاظ هجم.. أمان أمان تركى بجم". لكل هذه الأسباب التاريخية يكره أردوغان مصر لكن التاريخ وحده لا يكفى لاستمرار العداء والكراهية.. لابد أن الحاضر موجود وحاضر. وليس سرًا أن جماعة الإخوان هى محور هذا الحاضر. الجماعة تتبنى فكرة الخلافة وتؤمن بها وتحلم وتسعى لتحقيقها.. ومن وجهة نظرها فإن الخلافة العثمانية هى النموذج الأقرب لفكرها ومن ثم فإن تركيا هى الدولة الأقوى على حُكم كافة الدول الإسلامية.. وأردوغان هو الخليفة المنتظر. ومن الطبيعى مع شخص يكره مصر لأسباب تاريخية أن تلتقى أحلامه وآماله مع أحلام وآمال الجماعة.. من الطبيعى أن يحلم باستعادة أمجاد أجداده وأن تقود بلاده دول العالم الإسلامى ويكون هو الخليفة.. لما لا؟! ومن الطبيعى بعد ذلك كله أن يكره رجب طيب أردوغان الشعب المصرى والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى وجيش مصر لأنهم جميعا أسقطوا الإخوان وأسقطوا معهم حلمهم وحلمه. ولهذا السبب جعل أردوغان من بلاده قاعدة إخوانية احتضن فيها قادة الإخوان وأعضاءها وشبابها وقدم لهم كل العون للهجوم على مصر.. انتقاما منها وغراما بأحلامه وأحلامهم. ولم يكن رجب طيب أردوغان أكثر من قراقوز عندما اخترع شعار رابعة وراح يغيظ به المصريين.. ولم يكن أكثر من قراقوز عندما سمح لنفسه أن يهاجم مصر فى كل المحافل الدولية ويزعم أن ما حدث يوم 30 يوينو انقلاب عسكرى وليس ثورة على الإخوان. ولا يستطيع القراقوز أن يخفى حقده على مصر وكراهيته للمصريين فيقوم مؤخرًا بشن حملة يهاجم فيها الاتحاد الأوروبى لأن الدول الأوروبية شاركت فى القمة العربية الأوروبية التى عقدت مؤخرًا فى شرم الشيخ. يصف أردوغان أوروبا بالنفاق لأنها تدعم السيسى الذى يصدر نظامه أحكاما بالإعدام. القراقوز لا تهمه الإعدامات ولا تهمه حقوق الإنسان ولكنه أدرك أن مصر بدأت تستعيد مكانتها.. وكان يحلم بأن تحظى بلاده بهذه المكانة.. لكن انعقاد القمة فى مصر ومستوى التمثيل المرتفع سواء المستوى العربى أو المستوى الأوروبى.. ثم نتائج هذه القمة.. كل هذه النجاحات تعنى بالنسبة لأردوغان حقيقة صادمة.. مصر تستعيد مكانتها وتستعيد دورها فى قيادة المنطقة.. كل ذلك طبعا على حساب تركيا.. ولأن القراقوز الرئاسى أكثر مسخرة من القراقوز الأصلى فإنه لا يجد حرجا فى اتهام الآخرين بما هو فيه.. مصر تنتهك حقوق الإنسان.. مصر تحبس الصحفيين.. مصر تبنى السجون من أجل المعارضين.. هذه هى مزاعم القراقوز، أما الواقع فيؤكد أنه هو الذى ينتهك حقوق الإنسان ويحبس الصحفيين ويعتقل المعارضين. الأرقام تقول الكثير.. تقول إن أردوغان يحبس 175 صحفيا وأن السجون التركية تضم 70 ألف معتقل سياسى، كما أن أردوغان قام مؤخرًا بفصل أكثر من 130 ألف موظف تعسفيا من وظائفهم الحكومية.. كما قامت المحاكم التركية بإصدار أحكام سياسية على 16 شخصية تنتمى للمعارضة بالسجن المؤبد. لم ينجح أردوغان فى استرداد أمجاد أجداده.. النجاح الوحيد الذى حققه هو استعادة دور ومكانة جده الأعظم.. القراقوز.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2