سعيد عبد الحافظ يكتب: قطر وانتهاك مبدأ سيادة الدول

سعيد عبد الحافظ يكتب: قطر وانتهاك مبدأ سيادة الدولسعيد عبد الحافظ يكتب: قطر وانتهاك مبدأ سيادة الدول

*سلايد رئيسى25-3-2019 | 13:44

أعتبر القانون الدولي مبدأ السيادة للدول ركن من أركان الدولة وبمقتضى مبدأ السيادة  للدول يجب أن يكون للدولة الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وأن تبسط سيادتها على كامل أراضيها.

وقد تضمن الإعلان الفرنسي الذي صدر في 1789 النص على أن السيادة للأمة وغير قابلة للانقسام ولا يمكن التنازل عنها.

وقد قرر ميثاق الأمم المتحدة مبدأ المساواة في السيادة بأن تكون كل دولة متساوية من حيث التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات مع الدول الأخرى الأعضاء في الأمم بغض النظر عن أصلها ومساحتها وشكل حكومتها.

وكان لقيام الأمم المتحدة دورًا هامًا في تقييد سيادة الدول في ضوء الحدود المرسومة في الميثاق، فقد تم تقييد هذه الدول ملتزمة بأن تعمل على تحقيق الغايات المرجوة من هذا الميثاق وساهمت هذه القيود في جعل الميثاق قاعدة دستورية عليا تتمتع بالسمو والصدارة على دساتير الدول الأعضاء.

هذا ما استقر عليه القانون الدولى فيما يتعلق بضمان مبدأ السيادة للدول وما يقترن به من منع التدخل في انتهاك هذا المبدأ الذى يرتبط وجودًا وعدمًا مع مفهوم الدولة الحديثة.

وقد لعبت إمارة قطر دورًا مشبوهًا وملحوظًا في تعمد انتهاك مبدأ سيادة بعض الدول العربية ومنها مالعبته هذه الإمارة في انتهاك سيادة دولة اليمن الشقيق وما تسببت فيه سياسات قطر من أضرار فادحة بحق اليمن واليمنيين، وتسببت في إراقة الدماء وإزهاق الأرواح اليمنية وسخّرت أموال شعبها ومدخرات أجيالها لإثارة وزراعة الفتن في البلدان العربية، وفق أجندات مشبوهة  وتلاعبت بالحق في السيادة وتدخلت بصورة سافرة في الشئون الداخلية للدولة.

ولم يكن التدخل القطري في الشئون الداخلية لليمن وليد الأحداث الأخيرة في هذا البلد الذي يعاني من صراعات غذتها أطراف خارجية للكيد لدول الجوار اليمني أو محاولة السيطرة علي  ثروات هذا البلد.

وتمثلت مظاهر التدخل القطري علاقاتها بجماعة الحوثيين من ناحية والأحزاب السياسية وعلي رأسها حزب الإصلاح ثم التنظيمات الإرهابيه مثل " القاعدة" و" داعش".

وبعيدًا عن المناقشات السياسية إلا أن هذا التدخل أدى إلى إزهاق أرواح  عشرات آلاف من اليمنين ومحاولة فرض حزب سياسي معين علي الشعب اليمني وانتشار الفوضى الأمنية في عدد من المدن اليمنية بسبب الصراع بين التيارات السياسية والدينية.

وقد بدأت العلاقة القطرية- الحوثية مع  حرب صعده عام (2004- 2009) وهي الحروب الست بين الحوثيين والحكومة اليمنية، حيث دخلت فيها قطر كوسيط  بين النظام اليمني برئاسة علي عبدالله صالح وبين الجماعة إلا أن قطر وطدت علاقتها بالحوثيين. وتحولت إلى وسيط غير محايد ومنحاز ليس فقط لجماعة الحوثي ولكن لإيران.

فقد ظهرت جماعة الحوثي منذ نشأتها كرقم أساسي في المعادلة السياسية اليمنية، وهي حركة سياسية دينية مسلحة تأسست عام 1992، وتمت تسميتهم بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسهم حسين الحوثي، الذي قتل في 2004، والده المرشد الروحي لحركة بدرالدين الحوثي، وتقوم على ولاية الإمام وتتبع الطريقة الاثنى عشرة على غرار النموذج الإيراني. وخاض الحوثيون ومعقلهم محافظة صعدة في شمال غرب اليمن، 6 حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بين 2004 و2010، قبل أن يتحول إلى حليف لهم منذ 2014. حتى اغتالوه في ديسمبر 2017 .

وفي محاولة لرسم صورة حقيقية لقوتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية قبل وبعد الحرب، نجد أنه حتى أواخر 2013، كان الحوثيون يحاولون بكل قوتهم السيطرة على منطقة «دماج» معقل السلفيين بمحافظة صعدة، حتى نجحوا بعد قتال وحصار لأشهر في تهجير سكانها مطلع 2014، وكان ذلك بداية التاريخ الحقيقي للحرب الحالية، ما يعني أن نفوذهم السياسي في الحكم بقوة السلاح لا يتجاوز محافظة « صعدة»، البالغة مساحتها 11375 كيلومترا مربعا، أما قوتهم الاقتصادية فهي لا تتعدى ما يفرضونه من جبايات على المزارعين، كما أن قوتهم العسكرية هي الأخرى محدودة.

لكن هذا الأمر تغير منذ منتصف 2014، عندما زحفوا نحو محافظة «عمران» المجاورة، و بسطوا سيطرتهم الإدارية، وعززوا قوتهم العسكرية بما نهبوه من أسلحة وعتاد من المعسكرات، حتى بلغوا الذروة بدخولهم صنعاء في 21 سبتمبر من نفس العام، وسيطروا على سلاح جيش دولة بأكملها في غضون ساعات.

وظهرت لديهم صواريخ باليستية قادرة على الوصول إلى الأراضي السعودية، وقوارب يتم التحكم فيها عن بعد  تهدد الملاحة البحرية بباب المندب بين الحين والآخر.

وقد نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دراسة بعنوان من يقف وراء الحوثيين؟ أشار فيها الباحث «ديفيد شينكر» إلى أن اليمن تتحول على ما يبدو إلى « حرب بين إيران والدول العربية» ويشير الكاتب إلى أن نظام الملالي المتشدد في إيران تحالف مع الحوثيين في اليمن لزعزعة استقرار الحكومة المركزية وتهديد استقرار المنطقة، وهو ما جعل الحديث عن الدعم الإيراني للحوثيين يزداد، حيث تقول مصادر إقليمية وغربية: إن إيران ترسل أسلحة متطورة ومستشارين عسكريين إلى الحوثيين لتزيد الدعم لحلفائها الشيعة في حرب أهلية قد تلقي بظلالها على ميزان القوى في الشرق الأوسط.

والدور القطري واضح ويقف خلف إيران في دعم لأنصار الحوثي في اليمن لإثارة القلاقل الأمنية في المنطقة.

ويبقي السؤال لماذا تصمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن على انتهاك قطر لسيادة اليمن رغم خطورة ما تقوم به في تهديد السلم والأمن الدوليين.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2