بمداد القلب.. من القدس إلى الجولان

بمداد القلب.. من القدس إلى الجولانبمداد القلب.. من القدس إلى الجولان

* عاجل26-3-2019 | 14:35

كتب: عاطف عبد الغنى " أعود الآن من زيارة تاريخية إلى واشنطن.. اعتراف الرئيس ترامب بسيادتنا على هضبة الجولان هو أمر ستذكره الأجيال.. لقد مرت 50 عاما حتى حصلنا على هذا الاعتراف ". والاعتراف الذى يقصده رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو هو توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الاثنين على مرسوما تعترف فيه أمريكا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السوري المحتل. وقد أدلى نبى إسرائيل الكاذب نتنياهو بهذه التصريحات - اليوم الثلاثاء - قبل مغادرته الولايات المتحدة الأمريكية راعية قيام المملكة اليهودية العنصرية على أراضى فلسطين والعرب، والحرم القدسى، رافعة شعار حل القضية والصراع العربى الإسرائيلى زورا وبهتانا. ومما قاله نتنياهو أيضا فى تصريحاته ويعكس أفكاره الشيطانية، وأطماعه التوسعية الاستيطانية التى ترمى فى النهاية إلى تحقيق أسطورة إسرائيل التوارتية قوله: " هذا يشكل مبدأ مهما في الحياة الدولية .. عندما تشن حروبا عدوانية تخسر فيها أراض فلا تأتي لاحقا وتطالب بإعادتها.. هذه الأراضي تعود لنا ولدينا جذور تاريخية في هضبة الجولان.. وعندما تحفر هناك بالمعول تعثر على كنس يهودي فاخر نرممه الآن.. عدنا إلى الجولان والجولان لنا بحق تاريخي وبموجب حقنا في الدفاع عن النفس." الاعتراف الأمريكى الممثل فى مرسوم ترامب لاقى ردود فعل دولية رافضة، وراحت العواصم العربية والغربية تشجب القرار وتندد به وترفضه، وتصفه بأنه غير قانوني ولن يغير شيئا على أرض الواقع. وأرض الواقع تشير إلى أن أمريكا – ترامب، تستغل ظرف التشتت العربى ما بين أزمات داخلية، ومخططات خارجية كانت سيناريوهاتها مرسومة لمثل هذا الوقت، وتستغل بصفة خاصة الوضع السورى المتدهور، والوجود الإيرانى الشيعى فى سوريا والمنطقة وقد اتخذت إسرائيل من هذا الوجود تكأة وحجة لحشد أمريكا – ترامب، بعد أن وصل اليهود إلى مخدع ترامب، وصاهروه، واستغلوا عقليته المقامرة وشخصيته المتهورة فى التعجيل بالوصول إلى مآربهم.. وتحقيق أسطورتهم التى صنعوها من قلب اليأس قبل ما يقرب من 27 قرنا من الزمن، أيام عاشوا تحت وطأة القهر والذل فى بابل العراق Babylonian Exile، وبعد أن أجلاهم القائد العراقى نبوخذ نصرالكلداني من فلسطين مرتين، مرة في عام597 ق. م، والمرة الثانية في عام 586 ق. م، وشحنهم سبايا وعبيد إلى العراق، وعاشوا فيها – كما تقول روايتهم – 70 عاما يحلمون بالعودة إلى جبل صهيون فى فلسطين، لينشأوا مملكة مثل تلك التى كانت لنبى الله داود وابنه سليمان، وما كان لداود وسليما مملكة ظلم ولا كفر ولا عدوان ولكن مملة إيمان، ونموذج لبيت يعبد فيه الله الواحد الأحد . لكنهم خلقوا أسطورتهم وأرادوا أن يعودوا ليقيموا المعبد الذى حطمه نبوخذ نصر من قبل، فلما تثنى لهم العودة، بالمكر والحيلة، عادوا إلى خطاياهم وعصوا الله، وزنوا (بلغة التوارة أى كفروا) وراء آلهة الشعوب التى عاشوا بين ظهرانيها وعلى أرضها فى فلسطين، فحق عليهم العذاب، والضياع، فأرسل الله تعالى نبيه، وكلمته، عيسى ابن مريم، سلام الله عليه، ليصصح لهم انحرافهم، ويأهلهم لدخول مملكة السماء، فرفضوا دعوته، وطلبوا منه أن يقودهم فى حرب لينالوا مملكة على الأرض، المغتصبة، فجاوبهم: " مملكتي ليست من هذا العالم، لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود" .. فساقوه إلى الصلب. كان المسيح يعرف نهايته مع غلاظ القلب، وكان يعرف أيضا ما سوف يقع عليهم، وعلى معبدهم فى فلسطين، وقد حولوه إلى دكان كبير، وسوق للكهانة المزيفة، والتجارة بدين الله، وقال قبل رحيله إلى السماء قال قولته الشهيرة: «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! (إنجيل متى 23: 37) وأعلن فى نبؤته التى تحققت بعد أقل من 40 عاما على رحيله: " الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ! (أنجيل متى 24). ولآن يمكننا أن نتأكد أن نتنياهو نبى إسرائيل الكاذب، لم يقرأ آيات الإنجيل، ولم يقرأ التاريخ، ولا درسه، ولا ما حدث خلاله من آيات، ومعجزات، لم يقرأ حرب 73، ولم يقرأ .. إلا أطماعه وأحلام البطولة الزائفة. ويقول لنا خبراء الاستيراتيجية ومحللوها إنه مطلوب التحرك السريع على الأرض، والمواجهة العربية الحازمة من خلال الطرق القانونية، تحت مظلة الأمم المتحدة للتأكيد على سورية الجولان. وغير هذا التحرك هناك رهانات أخرى يفرضها الواقع المشتبك والملتبس فى هذه المنطقة، ومنها رد فعل أعداء إسرائيل وأبرزهم إيران وحزب الله، ورد فعل أكراد سوريا الذين تأكدوا الآن أنه لا أمريكا ولا إسرائيل يلعبان لصالحهم، ومع عودة وعيهم تذكروا أن سوريا هي وطنهم، وأن الجولان، مكوّن من مكوّنات الدولة السورية، وأنها ولواء اسكندرونة الذى تحتله تركيا أراضٍ سورية لا تنازل عنها. .. والتاريخ لم ينته، ولا قال كلمته الأخيرة، وأهم درس من دروسه أن الحق لم يهزمه أمثال ترامب ولا هزمه جبارون أعتى منه، وأن مآل أطماع الأنبياء الكذبة أمثال نتنياهو، هى الوبال على أنفسهم وشعوبهم.. أطال الله فى أعماركم وأشهدكم آياته فى خلقه.

    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2