لم تكن مفاجأة بالنسبة لي ولكل المشاهدين ظهور الممثل محمد رمضان عاري الصدر بإحدي الحفلات الغنائية ، وهو "نمبر ١" ! كما يعتبر نفسه ، أو حتي شباب الجيل الذي يدفع له ثمن تذكرة التغييب سلوكيا وفنيا ، بتشخيصه لأدوار العنف والإثارة والإيحاءات التي تدخل بيوت مجتمع المفترض أنه محافظ بطبيعته .
ومن منا يستطيع نسيان الزمن الجميل بأهله الطيبين ، وفطرته المعجونة بشهامة ولاد البلد ، وإنعكاساتها علي فناني ذلك العصر، كان هناك طعما آخر للفن وسطوة مختلفة للرقابة عليه ، وإيمان بقيمة الكلمة وأهمية الرسالة المقدمة وتأثيرها في تكوين شخصية المجتمع عبر العصور، أما الآن فلا أحد يلوم علي الأجيال المعاصرة من الشباب الذي تُأَسسه البطولات الزائفة والمشوهة عبر الشاشة الصغيرة أو الفضية .
لفت نظري وأنا أتصفح بعض البوابات الإلكترونية الشهيرة ، خبر عن تهكم رمضان علي تقرير هيئة الإذاعة البريطانية ( BBC )، حيث أنتقدت الأخيرة ظهوره عاري الصدر بحفله الغنائى الأول الذى أقيم على مسرح المنارة بالتجمع الخامس ، وقال "الأسطورة" ساخرا:"مُنتظر رأى ملكة إنجلترا"، وذلك كرد غير موضوعي علي النقد الموجه له .
الطامة الكبري من وجهه نظري ليس في رد الفعل المتوقع من "حبيشة" ، بل في محرر الخبر بالموقع عندما قال : "المفارقة أن ما قدمه محمد رمضان يحدث على مسارح العالم وليس فقط على مسرح حفل محمد رمضان، وهناك العديد من نجوم الغناء في العالم يتفاعلون مع جمهورهم علي المسرح لدرجة أنهم يخلعون قمصانهم أو يقدمون عروضا على المسرح، مثل آدم ليفين وجاستن بيبر وجيسون ديرولو ودان رينولدس و دونالد جلوفر و كريس براون و ليل وين وغيرهم " .
والمصيبة هنا تكمن في تلك المعلومة الخلفية التي تذيلت خبر الموقع المصري وليس لها محل من الإعراب . فلا يعقل أن ينعكس عنها "مفارقة" كما كتب محرر الموقع المصري ، بل إن تقرير الـ BBC يقصد معني آخر تماما ، وهو أن أفعال محمد رمضان لا تتسق مع كيان المجتمع الذى يعيش فيه، عندما تعري أمام جمهور لا تعترف ثقافته بالعري والإبتذال، ومن المفترض أنه يقدم عملا فنيا ذا قيمة لمجتمع محافظ وليس العكس.
ومن المؤكد منطقيا أن الإذاعة البريطانية الشهيرة لا تناقض نفسها بلومها لأفعال رمضان علي المسرح وهي تفعل نفس الشئ . لأنه وببساطة - التعري والتحرر في معجمهم الثقافي وهم يعرفون ذلك جيدا بينما هو ليس في معجمنا ثقافيا أو أخلاقيا ولا دينيا ، وبالتالي أصبح من المفارقات الغريبة فعلا أن يظهر المحرر الهمام وكأنه ينتقد الإذاعة الأجنبية وليس محمد رمضان نفسه ، وهنا يبدوا لي أن الفيروس الذي أصاب رمضان قد طال أيضا هذا المحرر الذي من المفترض أن يكون مهاجما لفَجاجَة بطل من أبطال شباك " الزمن الغريب " الذي نعيش فيه .