عاطف عبد الغنى يكتب: في تفسير «الشقلباظ» الأخير لأيمن نور

عاطف عبد الغنى يكتب: في تفسير «الشقلباظ» الأخير لأيمن نورعاطف عبد الغنى يكتب: في تفسير «الشقلباظ» الأخير لأيمن نور

* عاجل3-5-2019 | 14:40

على أثر نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية أدرك الإخوان أن رهاناتهم على الشارع المصرى ليتبعهم فيما يدعون إليه من خراب ودمار، رهانات فاشلة تمامًا، وإن المحاولات فى هذا الاتجاه عبر كل الدروب، والمحفزات، والتحريض ومحاولات الضحك على عقول الناس، لن تصادف أدنى حظوظ من النجاح.. فماذا فعلوا؟! راحوا يتوسلون أعداء الأمس ممن يسمونهم قوى المعارضة عبر الدفع بأيمن نور للتحرك نحو عدد من الأفراد يمارس بعضهم دور المعارضة الثورية منذ ما قبل يناير 2011 ، والمثير أن غالبهم لعبوا دورا معروفا فى إسقاط الإخوان وطردهم من السلطة، بعد اكتشاف حقيقتهم. وتجاوزت الأسماء التى استهدفها نور المائة اسم ضمها فى كشف، وصدّره للرأى العام داخل مصر وخارجه فى محاولة للإيحاء أنه توحد جديد لقوى المعارضة. .. هل هى محاولة يائسة من الإخوان لإثبات الوجود، ومقاومة الفشل؟!.. هل هو «شو» إعلامى من أيمن نور لصالح شخصه؟!.. أم هو استمرار للشغل من المنظومة الإخوانية كلها لإقناع المانحين باستمرار التمويل؟!

(1)

فى خط مواز لإعلان دعوة الحوار - وليس المبادرة حسب تأكيدات نور - كانت ببغاوات الفضائيات الإخوانية تقوم بدورها فى الخطة، كأن تتناول برامج «التوك شو» الدعوة وكشف الأسماء بالنقاش، كما فعل المدعو «زوبع» فى برنامجه، أو يستضيف محمد ناصر عددًا من المرتزقة ويطرح عليهم سؤال: ماذا بعد نتيجة الاستفتاء على الدستور؟! طرح ناصر سؤاله على شخصين، كاتب صحفى، ومحلل سياسى، (كما قدمهما) والصحافة مهنة معروفة، أما غير المعروف فهو مهنة المحلل السياسى التى شاعت جدًا فى مصر، خلال السنوات الأخيرة بلا ضوابط ولا معايير، (ما علينا). سأل ناصر الصحفى عن حال مصر بعد التعديلات الدستورية فقال الأخير: « كل شىء فى مصر ماشى»، وقال أيضا ضمن ما قال إن « رسالة الرئيس السيسى للمعارضة بعد التعديلات الدستورية هى: أعلى ما فى خيلكم اركبوه.. الله» نطق ناصر لفظ الجلالة ومد فيه علامة على استحسان الإجابة، لقد أوحى له ضيف الاستديو بجملة تحريضية جديدة سوف يبنى عليها صلب حلقته.. لذلك توجه بعدها مباشرة بالسؤال لمحلله السياسى: هل هناك للمعارضة خيل يركبوه؟!.. فانبرى المحلل يحلل شاطحًا، ويعرّج يمينًا ويسارًا، إلى أن قال: « إنه لا يجب التعامل مع الحالة فى مصر على أنها مثل السنوات العشر الأخيرة فى حُكم مبارك لأن هذا خطأ كبير، وأنه لابد أن نفرق ما بين المعارضة والثورة» (!!) المحلل يدعو إلى ثورة، وليس ممارسة المعارضة بالطريقة التى حدثت إبان عهد الرئيس الأسبق مبارك، بينما ناصر الذى لايرى إلا غيوم فى الأفق يريد أن يشعلها نارا، ليحلل القرشين الذين يقبضهم بالدولار، فيعود للمحلل ويحاول أن يوحى له بما يريد: «هل هناك للمعارضة خيل يركبوه؟!».. وكان ينقص أن يقول له «خليك» على الخط وافهم الخطة، الآن، مطلوب تشكيل جبهة وحشد المعارضين للإخوان فيها. والرافضون للإخوان لهم عدد من التصنيفات، إما رافضون على أساس أيديولوجى، وفكرى، أو عن سابق تجربة فى التعامل معهم، أو للسببين معا، وعدد ممن دعاهم نور فى قائمته قد نختلف معهم ومع توجهاتهم، لكن لا ننكر عليهم تمسكهم بمواقفهم وعدم تبديلها، لذلك رفضوا دعوته جملة وتفصيلا. ونعود إلى ناصر وسؤاله الذى كرره أكثر من مرة: «هل للمعارضة خيل يركبوه؟» فيجاوبه المحلل: « الثورة قادرة على أنها تضرب الكلام ده كله لو وحدت موقفها ضد النظام وليس ضد السيسي». فيعود ناصر ليسأله: « يعنى أنت مع الناس اللى نزلت 30 يونيو ورجعت عن موقفها ؟!» فيجاوبه: «اللى نزلوا 30 يونيو وحسوا بأخطائهم طبعًا بلا شك (هو معهم)».

(2)

ونقف عند الجملة الأخيرة من المناورة الحوارية لنؤكد أن تحرك أيمن نور فى «شقلباظه» الأخير، لم يكن تحركا عشوائيا، ولكن تحرك فى إطار مخطط الإرهابية الذى تحاول فيه بإصرار واستماتة الضحك على ذقون المصريين، أعدائهم، والضحك على القوى السياسية – غير الإسلاموية – بكل أطيافها، مع ملاحظة أن بعض من الأخيرين من لا يزال عند حلمه فى هدم الدولة المصرية وإعادة بنائها على نسقه الأيدلوجى الأممى مثل «الثوريين الاشتراكيين» طليعة الشيوعيين، ودراويش العولمة من الليبراليين الجدد، والمتأمركين والمتصهينين، ناهيك عن أصحاب المصالح والتمويلات التى ضربتها ثورة 30 يونيو فى مقتل.

(3)

الإخوان، وإخوان مصر بعد 25 يناير 2011 ، أشبه بقصة أبونا آدم، دخل الأخير جنة عدن، أما هم فتصوروا أنهم دخلوا جنة السلطة التى حلموا بها وعملوا على الوصول إليها ما يقرب من قرن من الزمن، لكن وجودهم فيها لم يدم لشهور، بعد أن طردهم الشعب منها بعد اكتشاف طمعهم، وأنانيتهم، وسعيهم للاستيلاء على كل شىء بحجة أنهم يستردون حقوقهم التى حرموا منها لعقود. لقد تصوروا أن السلطة والحكم هما تفاحة الخلود لجماعتهم وأن الله منحها لهم على سبيل المكافأة، فقطفوها وأرادوا أن يستأثروا به لأنفسهم، لذلك حلت عليهم اللعنة بالطرد، والآن يحاولون إعادة السيناريو من جديد، بنفس ترتيب مشاهده التى يكثر فيها التأليف، والتمثيل، والكذب على المشاهدين. يسعون لتوحيد المعارضة ثم القيام بثورة، ضد النظام، لقد تعطلت لديهم حاسة الرؤية بشكل دائم، فأصيبوا بـ «العمى الحيسى» وحبسوا خيالهم طوعا عند تاريخ 3 يوليو 2013، بالنسبة لما يسمونه شرعية، أما رؤيتهم لأنفسهم وللأحداث فتوقفت عند 25 يناير 2011، عند حكم النظام، وليس حكم الدولة التى استعادت مؤسساتها قوتها فى ذاتها وفى الإطار العام، وملكت إرادتها وقرارها، ولديها من عناصر القوة ما يؤهلها لهذا، وشعبها يعرف ما يريد، ويسعى لتحقيقه تحت قيادة لديها إصرار كبير على بلوغ الهدف مهما كانت التضحيات، هذه مصر التى اختلفت كثيرا عن أيام النظام الذى حكمه شخص وحزب وفئة، فكادت تسقط فى أتون الصراع الطبقى، والفئوى، وتحت سنابك الفاسد.

(4)

 وفى هذا التاريخ الذى نتحدث عنه تقاسم الإخوان والحزب الوطنى المباراة، النظام والمعارضة، ولم يؤمن كلاهما بعمل سياسى حقيقى ولا ديمقراطية، وكلاهما عندما واتته فرصة الحكم والسلطة انكشفت حقيقته، وخاصة الإخوان الذين سقطوا بأسرع مما يتوقع أحد.. والآن نقول لهم ناصحين: «كفاكم كذب وتوبوا إلى الله».
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2