كتب: محمد أحمد
بينما تتجه الأنظار إلى إيران، واحتمالات قيام حرب عسكرية مع الولايات المتحدة، فإن حربا أخرى قد بدأت بالفعل، إلا أنها هذه المرة لا تقوم على المواجهة العسكرية ولكن على المواجهة التجارية.
أطلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، شرارة تصعيد جديدة فى العلاقات الاقتصادية المتوترة مع الصين، بإعلان شركة "جوجل" العالمية، تعليق أعمالها التجارية مع شركة الاتصالات الصينية "هواوى"، مما يعنى أنه لم يعد بإمكانها استخدام تطبيقات مثل "Gmail" أو خرائط "جوجل" على هواتفها.
يأتى ذلك بعد عدة أيام من إصدار وزارة التجارة الأمريكية، قرارا يفيد بإدراج شركة "هواوى" و70 فرعا تابعا لها ضمن القائمة السوداء للمصدرين، ومنع هذه الشركة من بيع منتجاتها التقنية للولايات المتحدة.
تداعيات القرار الأمريكى
ومن شأن هذا القرار أن يؤدى إلى خلق تعقيدات خطيرة وصعوبات، حيث لن تكون شركة "هواوى" قادرة على شراء بعض المعدات الإلكترونية من الشركات الأمريكية دون الحصول على موافقة حكومية. وهذا يتضمن الرقائق الإلكترونية المنتجة فى مصانع أمريكية مثل: كوالكوم وإنتل، التى تدخل فى تركيبة منتجات هواوى.
ولتجنب هذا المصير، فإن أحد الحلول التى لجأت إليها الشركة كانت تكديس مخزون كبير من هذه القطع الإلكترونية يكفيها لمواصلة إنتاجها لمدة تصل إلى 24 شهرا. لكن هذا الأمر يعتبر بمثابة اعتراف بأنه ليس لديها بدائل أخرى تذكر، أو على الأقل ستواجه صعوبة فى إيجاد مصدر بديل تتزود منه.
وقد حاول الرئيس الدورى لمجلس إدارة "هواوى"، كين هو، فى تصريحات أخيرة من باريس التهوين من شدة القرار الأمريكى بقوله إن "الطريقة الوحيدة بالنسبة لنا للمضى قدما هى الانفتاح والتعاون".
تنافس ثنائى
والحقيقة أن القضية التى أثارتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليست منحصرة فى تنافس ثنائى بين واشنطن وبكين فقط، فإن للمسألة تداعيات أخرى، تثير مخاوف عدة شركات ودول مختصة فى صناعة التكنولوجيا، فمن جهة، تتوجس من أن يكون القرار الأمريكى خطوة أولى قد تشرع لواشنطن مستقبلا، حظر معاملات أخرى مع خصوم آخرين.
ومن جهة ثانية، فإن عدة دول تُصنّف على أنها حليفة الولايات المتحدة كدول الاتحاد الأوروبى واليابان وكوريا الجنوبية قد تجد نفسها مشمولة بطريقة أو بأخرى بقرار الحظر على الشركة الصينية.
وبحسب العديد من الخبراء والمحللين، فإن قرار إدارة ترامب يعد بمثابة "خطوة حربية" فى حقبة من الانفصال التكنولوجى الذى لم يسبق له مثيل فى التاريخ الحديث.
وعلى الرغم من جميع الخسائر التى قد تلحق بالعديد من الدول والمؤسسات، فهناك أيضا رابحون من هذه القضية، وعلى رأسهم أهم منافسى "هواوى"، خصوصا "إريكسون" و"نوكيا" اللتان تراقبان الوضع عن كثب، وقد أكد المدير التنفيذى لإريكسون، بورج إلكولم، أن الولايات المتحدة تمثل فرصة كبيرة لشركته.
بداية الأزمة
وبمطالعة المشهد، نجد أن الرئيس الأمريكى لن يتراجع عن هذه الحرب التجارية، فبالعودة إلى الوراء قليلا، نرى أن الرئيس ترامب، اتخذ منذ وصوله إلى سدة الحكم فى عام 2017، سياسات اقتصادية شرسة تجاه الصين.
خلال العام الماضى، استهدفت وزارة التجارة الأمريكية شركة صينية أخرى هى "زد تى إى"، بقرار حظر مماثل أدى لإلحاق أضرار كبيرة بأعمالها التجارية. ورغم رفع ذلك الحظر فى يوليو، فإن اعتماد "زد تى إى" فى إنتاج أجهزتها الإلكترونية على بعض المكونات التى تصنع فى الولايات المتحدة كان له تأثيرات مدمرة على هذه الشركة.