أيمن الغندور يكتب: الحرب الاستباقية والسياسة الخارجية الأمريكية

أيمن الغندور يكتب: الحرب الاستباقية والسياسة الخارجية الأمريكيةأيمن الغندور يكتب: الحرب الاستباقية والسياسة الخارجية الأمريكية

* عاجل19-4-2017 | 01:00

[caption id="attachment_22155" align="aligncenter" width="212"]أيمن الغندور أيمن الغندور[/caption]

ظلت السياسة الخارجية الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى لفترة طويلة فى إدارة الرئيس جورج بوش الأب والأبن وإدارة الرئيس أوباما تسيطر عليها فكرة الحرب المشروعة أو الحرب العادلة أو نظرية الدفاع الشرعى الاستباقى وكانت هذه السياسة تقوم على ثلاثة محاور هى:

أولا- خلق قضية عادلة مثل حماية حقوق الإنسان أو حماية الديموقراطية فيما سمى بعد ذلك بـ التدخل الإنسانى لتحقيق الديموقراطية الذى نادى به بوش الإبن أو منع حيازة أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة النووية.

ثانيا- محاولة استصدار قرار دولى من خلال مجلس الأمن لتفويض مجموعة من الدول على رأسها الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكرى ضد الدولة المارقة.

ثالثا- توجيه ضربة عسكرية لبعض الدول التى تسميها الولايات المتحدة بمحور الشر أو الدول الداعمة للإرهاب سواء تم ذلك بتفويض من مجلس الأمن أو دون الحصول على تفويض مجلس الأمن أو تفسير التفويض تفسيرا واسعا يبيح العمل العسكرى. وقد ظهر ذلك واضحاً فى إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بعد حادث 11سبتمبر 2001م عن نيتها لمواجهة ما أسمته بمحور الشر مثل: كوريا الشمالية، والعراق، وأفغانستان، وليبيا، وإيران.

ونظرية الحرب العادلة أو الحرب المشروعة هى محاولة غربية لفحص المبررات الأخلاقية للحرب، وظهر مصطلح الحرب العادلة عند مجموعة من اللاهوتيين المسيحيين، منذ القرن الخامس الميلادي، مع كل من: القديس أمبروز الميلاني، والأسقف جان جراسيان، والقديس أوغيسطينيوس في كتابه (مدينة الله)، وفرنسوا الأسيزي والقديس توما الأكويني) في كتابه (الخلاصة اللاهوتية).

بالإضافة إلى اللاهوتي فرنسيسكو دي فيتوريا، وجان بودان، وفرانسيسكو دي سواريز، وهيجو جروسيوس، وصامويل فون بوفيندورف، وإمير فاتيل، بيد أن هناك إشارات إلى الحرب العادلة في الفلسفة اليونانية والكتابات اللاتينية القديمة، كما نجد ذلك عند المؤرخ اليوناني ثوسيديد في (محاورة ميلان) الذي تحدث فيها عن الحرب من منظور الواقعية القديمة، على أساس أن الحرب ضرورة عسكرية، كما تبين ذلك بجلاء إبان الحروب البيلوبونيزية بين أثينا وإسبرطة.

وقد أشار أفلاطون، في كتابه (الجمهورية)، إلى الحرب العادلة حيث أعلن أفلاطون رفضه للحرب إلا لضرورة قصوى، يكون الهدف منها هو تحقيق الوفاق أو السلام العادل.

أما أرسطو، فقد أشار، في كتابه (السياسة)، إلى أن الحرب تكون من أجل تحصيل الغنائم والطرائد، وتحقيق الخيرات والمنافع، ويعني هذا أن أرسطو ينظر إلى الحرب نظرة واقعية مادية وبرجماتية.

ومن جهة أخرى، فقد تناول شيشرون الحرب العادلة، منذ القرن الثاني قبل الميلاد، في كتاباته، وأثبت أنها تقوم على مبدأين رئيسيين هما: العدالة والاعتدال.

وفي القرن السابع عشر الميلادي، يذهب توماس هوبرز في كتابه (التنين)، إلى أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، ويعني هذا أن الحياة الطبيعية قائمة على الصراع والحرب والقتل.

أما نيكولاي ميكيافيلي في كتابه (الأمير)، فقد تحدث عن الحرب العادلة على أنها ضرورة ليس إلا، وكان ينطلق فى ذلك من تصور واقعي برجماتي قائم على القوة والمنفعة.

وقد امتد مفهوم الحرب العادلة إلى كتابات المفكرين والباحثين والدارسين المعاصرين، ومن هؤلاء الباحثين: مايكل وولزر في كتابه (الحروب العادلة وغير العادلة)، ونيكولاس أوفينشتات في مقاله (الحروب العادلة واستعمالاتها في الماضي)، وبيير هاسنار في كتابه (تخليق الحرب) وبيتر هايين ماخر في كتابه (جروسيوس أو الحرب العادلة)، وإيف روكوت في كتبه (نحو سلام الحضارات)، و (قوة الحرية)  و (قوة الإنسانية)؛ وديفيد فيشر في كتابه (الأخلاقيات والحرب) .

ويحرم القانون الدولى اللجوء للحرب لحل المنازعات الدولية، والهدف الأول من أهداف منظمة الأمم المتحدة هو : حفظ السلم والأمن الدوليين، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.

ومن هنا ينبغي على جميع الدول المنضمة إلى هيئة الأمم المتحدة أن تحل جميع نزاعاتها بالطرائق السلمية، وذلك حسبما نص الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة فى المادة 33 التى أوجبت على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدوليين للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها.

ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك.

والمادة 34 أعطت لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين.

ويكون لمجلس الأمن طبقا للمادة 36 في أية مرحلة من مراحل نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 أو موقف شبيه به أن يوصي بما يراه ملائماً من الإجراءات وطرق التسوية، وعلى مجلس الأمن أن يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم. وعليه أيضا وهو يقدم توصياته وفقا لهذه المادة أن يراعي أن المنازعات القانونية يجب على أطراف النزاع - بصفة عامة - أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية وفقاً لأحكام النظام الأساسي لهذه المحكمة.

وتسويغا للحرب على العراق استخدم الرئيس جورج بوش الأبن مصطلح التدخل لصالح الديمقراطية كنوع من التدخل الدولى الإنسانى لإزالة نظام حكم صدام حسين غير الديمقراطى، وأيضا لنزع من تدعيه من وجود أسلحة دمار شامل بالعراق وقد تبين كذب هذا الإدعاء فيما بعد وأن المخابرات الأمريكية خدعت العالم لكى يكون هناك مسوغ شرعى لاحتلال العراق ومن ثم تدميره، ثم استمرت هذه السياسة سياسة التدخل لتعزيز الديمقراطية ولكن بصورة أخرى فيما سمى بثورات الربيع العربى التى دعمتها الولايات الامتحدة لإسقاط الحكم فى غالبية دول الشرق الأوسط فيما سمى بالربيع العربى الذى تبناه الرئيس أوباما وخططت له هيلارى كلينتون استكمالا لسيناريو الفوضى الخلاقة التى وضع قواعده كوندليزا رايس وإلتقت فيه المصالح الأمريكية مع مصالح جماعة الإخوان المسلمين فوجدت فيها ضالتها المنشودة، ثم بعد تولى الرئيس ترامب مقاليد الحكم نلاحظ الآن أن الولايات المتحدة عادة بقوة إلى انتهاج فكرة الحرب الاستباقية فى سياستها الخارجية فقد وجهت ضربة عسكرية إلى سوريا دون الحصول على تفويض من مجلس الأمن وفى هذا إعتداء على سيادة دولة أخرى ومخالفة لقواعد القانون الدولى، ثم إنها فى الوقت نفسه وجهت إنذارا لكوريا الشمالية وتهديدا بتوجيه ضربة عسكرية لمنع كوريا الشمالية من امتلاك أسلحة نووية باعتبار ذلك تهديدا للأمن الدولى وخاصة فى شرق آسيا .

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2