شهدت بداية شهر يوليو تراجعا في أسعار الذهب العالمية والمحلية وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية والصين استئناف المباحثات حول اتفاقيات التجارة في محاولة للوصول إلي هدنة من الحرب التجارية بين البلدين.
والتي كان لها تأثيرات كبيرة علي أسعار الذهب باعتباره البديل والملاذ الآمن للمستثمرين في ظل مناخ من التوتر وعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي ومخاوف من تراجع الدولار الأمريكي.
ونتذكر جميعا تصريحات المستثمر المصري الكبير نجيب ساويرس العام الماضي والتي كانت قد أثارت ضجة إعلامية كبيرة في وقتها وهي تصريحات بتحويل نصف ثروته إلي الذهب باعتباره الملاذ الآمن.
وهو ما يدعونا إلي التساؤل عن العوامل المؤثرة في سعر الذهب ولماذا يفضله المستثمرون عن غيره من المعادن وما هي المضاربة في سوق الذهب وما مدي تأثيرها علي أسعاره؟ وهل هو حقا الملاذ الآمن؟
يبقي الذهب كأي سلعة أخري تتحدد أسعاره بعاملين هما العرض والطلب ولكن لوجود كمية كبيرة من الذهب علي سطح الكوكب مع وجود انتاج سنوي يقترب من ٢٥٠٠ طن سنويا فإن جانب العرض ليس هو الجانب المؤثر بشكل كبير في تحديد أسعار الذهب.
ونستنتج من ذلك أن جانب الطلب هو الجانب الأكثر تاثيرا في عملية تحديد أسعار الذهب فما هي العوامل المؤثرة علي الطلب العالمي للذهب ؟ والتي أدت إلي تراجع أسعاره مؤخرا ؟
الطلب علي الذهب يختلف عن الطلب علي أي سلعة أخري لأن الذهب لايطلب فقط كسلعة للتزين أو المهاداة أو الاستخدام الشخصي ولكن هو يطلب كسلعة وآداة استثمارية من الطراز الأول.
وهناك علاقة عكسية تم إثباتها عبر الزمن بين قوة الدولار الأمريكي وسعر الذهب فكلما كان الدولار قويا كلما اتجه المستثمرون إلي الاستثمار في الأوراق المالية وغيرها من الأصول الآخري التي تحقق أرباحا أكبر من الاستثمار في الذهب.
وفي الأوقات التي يهتز فيها قوة الدولار ويكون هناك مخاوف من تراجع قيمته بشكل كبير يتجه المستثمرون إلي الذهب باعتباره (الملاذ الآمن) كنوع من توزيع المخاطر التجارية ووضع استثماراتهم في مكان قليل المخاطرة لضمان أن لاتتأثر قيمتها بالتضخم وارتفاع الأسعار.
وهناك عنصر آخر يؤثر في جانب الطلب علي الذهب أيضا وهو عنصر المضاربة والمضاربة في الذهب تعني شراءه واكتنازه لفترات طويلة قبل بيعه مرة أخري للاستفادة وتحقيق الربح من فارق السعر وتقل المضاربة علي الذهب وقت ارتفاع سعره وتزيد المضاربة وقت انخفاض الأسعار.
ويبقي السؤال الأهم هل يعتبر الذهب حقا الملاذ الآمن؟ نعم لأن الذهب يحافظ علي قيمته ولا يتأثر بالتضخم وزيادة الأسعار كحال العملات النقدية التي تقل قيمتها مع الوقت وتنخفض قدرتها الشرائية بارتفاع التضخم -وهو معدلات الزيادة في الأسعار، ويبقي الذهب هو الملاذ الآمن ليس للأفراد والمستثمرين فقط ولكن أيضا للشعوب وللدول.