إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : ثورة 33 يونيو!

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : ثورة 33 يونيو!إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : ثورة 33 يونيو!

* عاجل3-7-2019 | 17:39

ليس هناك خطأ فى العنوان.. الرقم صحيح والاسم صحيح !.. أعرف أنه لا يوجد شهر ميلادى تزيد عدد أيامه عن ثلاثين أو واحد وثلاثين يومًا.. لا شهر يونيو ولا غيره.. ومع ذلك فقد اخترت هذا التاريخ الوهمى الافتراضى للتعبير عن الأحداث التى شهدتها مصر يوم 30 يونيو 2013. حساباتى أن الثورة الشعبية التى تفجرت فى هذا التاريخ لم تكتمل ولم يكن لها أى تأثير إلا بأحداث 3 يوليو، والتى بدورها كان مستحيلا أن يكون لها معنى لولا أحداث 30 يونيو.

وهكذا فإنه من الظلم أن نتحدث عن 30 يونيو دون أن نذكر 3 يوليو.. ومن الخطأ أن نتحدث عن 3 يوليو دون أن نذكر 30 يونيو.. ومن ثم فقد وجدت الحل فى إضافة الأيام الثلاثة التى أعقبت اندلاع الثورة إلى تاريخ اندلاع الثورة.. لتصبح ثورة 33 يونيو! وسواء كانت حساباتى لها منطق يثير إعجاب القارئ أو كانت شطحة قلم يسامحنى عليها القارئ.. فإن ما أريد أن أقوله وأؤكده أن الشعب والجيش دخلا فى شراكة كاملة فى الأحداث التى بدأت يوم 30 يونيو وانتهت يوم 3 يوليو. يقولون إن ثورة 23 يوليو كانت ثورة جيش أيدها الشعب.. وأن ثورة 25 يناير كانت ثورة شعب أيدها الجيش.. وبهذا المنطق فإن ثورة يونيو هى إنتاج مشترك للشعب والجيش إن صح التعبير! وعلى سبيل تنشيط ذاكرة القارئ فقد استيقظ الشعب المصرى على حقيقة أن الإخوان ضحكوا عليه وخدعوه وخطفوا مصر.

كان ذلك فى أعقاب وصول محمد مرسى إلى منصب رئيس الجمهورية.

كانت آمال الشعب وطموحاته وأحلامه أن تضع مصر أقدامها على أول طريق المستقبل.. لكن الإخوان تعاملوا مع هذه الآمال والأحلام والطموحات بطريقة الصدمة الكهربائية.

وأدرك الشعب المصرى أنه دخل نفق مظلم لم ير منه أى بصيص ضوء.. وتزايد هذا الإحساس عند المصريين فى أعقاب ما يسمى بالإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى فجعل منه نصف إله! وعبثا حاولت بعض القوى السياسية حشد الجماهير لإسقاط الإخوان.. وتكونت ما سميت بجبهة الإنقاذ التى حاولت قيادة حركة احتجاج جماعية ضد حُكم الإخوان.. لكنها أيضا عجزت عن تحقيق مطالب الشعب.

وظهرت فى الأفق حركة تمرد وظلت تدعو المصريين للخروج يوم 30 يونيو لعدة شهور.. وجاء اليوم المشهود. خرجت الجماهير بكل أطيافها إلى الشوارع والميادين واندلعت أكبر مظاهرة عرفتها البشرية! طالب المتظاهرون بإسقاط حُكم المرشد وحُكم الإخوان وشهدت مصر صدامات وقع على أثرها قتلى وجرحى.. وقامت جموع المصريين بمهاجمة وإحراق مكاتب جماعة الإخوان.

فى نفس التوقيت حاولت جماعة الإخوان الرد بمظاهرات محدودة جدًا تحمل اسم "الدفاع عن الشرعية". كان خطر الحرب الأهلية يلوح فى الأفق.. وفى عصر اليوم التالى.. يوم 1 يوليو أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا يمهل القوى السياسية مهلة مدتها 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخى.. وذكر البيان أنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خريطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها. كان بيان القوات المسلحة رسالة فهم الشعب المصرى معناها.. الجيش منحاز للشعب.. أما الإخوان فإما أنهم لم يفهموا رسالة الجيش أو فهموها وراهنوا أن الجيش لن يجرؤ على تنفيذ مطالبه. وخرجت قوى سياسية تطالب محمد مرسى بانتخابات رئاسية مبكرة كحل للأزمة.. لكن الإخوان أغلقوا آذانهم ولم يسمعوا كلمة واحدة. ويبدو أن هذه الحماقة كانت من حُسن حظ المصريين فلو أن الإخوان استجابوا لمطالب الانتخابات المبكرة لظلوا فى المشهد السياسى حتى اليوم! فى نفس اليوم يتقدم خمسة وزراء باستقالاتهم كما يتقدم 30 عضوًا بمجلس الشورى باستقالتهم.. ووسط كل هذه الأحداث الساخنة أصدر ما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية بيانًا جاء فيه رفضه البات والمطلق محاولة استدعاء الجيش للانقضاض على الشرعية.. وتصدر وزارة الداخلية بيانًا تعلن فيه تضامنها مع بيان القوات المسلحة.

فى صباح يوم 2 يوليو تصدر الرئاسة بيانًا جاء فيه أن الرئاسة المصرية ترى أن بعض العبارات الواردة فى بيان الجيش تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب فى حدوث ارتباك للمشهد الوطنى! وفى يوم 3 يوليو تنتهى المهلة التى منحتها القوات المسلحة ويعلن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى وقتها إنهاء حُكم الرئيس محمد مرسى على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مع جملة إجراءات أخرى أعلن عنها.

هكذا سقط حُكم الإخوان.. هكذا كانت نتيجة التعاون المشترك بين الجيش والشعب.. هكذا كان يوم 30 يونيو أهم يوم فى العشر سنوات الأخيرة فى حياة الشعب المصرى.. وهكذا كان يوم 3 يوليو أيضا أهم يوم فى العشر سنوات الأخيرة فى حياة المصريين.

السؤال الذى يفرض نفسه فى هذه المناسبة.. ماذا كان سيحدث لو كان هناك 30 يونيو ولم يكن هناك 3 يوليو؟ ماذا كان سيحدث لو لم ينحاز الجيش إلى الشعب ويكتفى بالفرجة على المشهد السياسى؟ إليك الإجابة.. كان الإخوان على وشك القيام بحملة اعتقالات واسعة تشمل عدد كبير من الإعلاميين والسياسيين والقضاة وغيرهم من الذين يعارضون سياسات الإخوان.

وكان الإخوان على وشك الانقضاض على الجيش المصرى عن طريق عزل قياداته ثم تفكيكه لتحل محله ميليشيات الإخوان على طريقة الحرس الثورى الإيرانى.. وليس خافًا أن هذه الميليشيات الإخوانية كانت ستقوم بردع الشعب المصرى وبث الرعب فى نفوس مواطنيه لكى يستمر الإخوان فى السيطرة على مقدرات البلاد.. ليس لسنوات وإنما لقرون! وكانت مصر على وشك أن تغرق فى بحر الفوضى حيث كان الإخوان يسعون لتنفيذ مخططات الفوضى وعدم الاستقرار والتى كانت جزءًا أساسيًا من خطة كونداليزا رايس وزرة الخارجية الأمريكية السابقة بشأن ما سمى بالشرق الأوسط الجديد.

وكان متوقعًا أن تدخل البلاد فى حرب أهلية طاحنة يستتبعها تدّخل خارجى لحماية الأقباط وتكون الخطوة التالية هى تقسيم مصر إلى خمس دويلات.. دولة إسلامية ودولة مسيحية ودولة نوبية ودولة لبدو الواحات فى الغرب ودولة لبدو سيناء فى الشرق. وكان مقدرًا بعد ذلك كله أن يسعى الإخوان لتنفيذ مشروع حُكم الخلافة.. وكانت تركيا والرئيس الحالى رجب طيب أردوغان مرشح ليكون الخليفة المنتظر الذى سيقوم الإخوان بتسليم مصر له! هذا بالضبط ما كان سيحدث لو لم ينحاز الجيش إلى الشعب ويساعده فى تنفيذ إرادته. هذا بالضبط ما كان سيحدث لو جلس الجيش فى مقاعد المتفرجين ولم يشارك الشعب مواجهة الإخوان والإطاحة بهم. هذا بالضبط ما كان سيحدث.. لكن الله سلم.. فالحمد لله الذى أسقط الإخوان (!!!).

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2