عندما وصف «إخوان مصر» «إخوان الكويت» بــ «الكلاب»
عندما وصف «إخوان مصر» «إخوان الكويت» بــ «الكلاب»
كتب:عمرو فاروق
كانت بداية تأسيس أول كيان خاص بالإخوان فى الكويت، عام 1947 تحت مسمى "جمعية الإرشاد الإسلامية"، إذ تم التوافق بين الكويتي عبدالعزيز العلي المطوع، وحسن البنا، على تأسيس فرع للإخوان في الكويت، فتحولت المعاهد الدينية المنتشرة في الكويت، لمراكز استقطاب للشباب، إذ تولى التدريس فيها والإشراف على إدارة شؤونها البعثة الأزهرية المصرية، التي كان ينتمي غالبية اعضائها لجماعة الإخوان.
وفي عام 1952، أرسلت جماعة الإخوان، مجموعة من أعضائها إلى الكويت للمساهمة في تطوير العمل التنظيمي، من بينهم زهدي أبو العز ، والشيخ عبد العزيز السيسي، وحسن أيوب، الذين هربوا إلى الكويت بعد مطاردتهم من قبل الدولة المصرية، وفي العام نفسه تم إشهار "جمعية الإرشاد الإسلامي" من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية بشكل رسمي.
ضمت "جمعية الإرشاد الإسلامي" كل من خالد مسعود الفهيد، ويوسف الحجي، وأحمد بزيع الياسين، وعبدالله سلطان الكليب، ويوسف النصف، وأحمد الجاسر، وعلي الجسار، وصالح الشائع، وعبد اللطيف الشائع، ومحمد النصف، وعبد الرحمن العتيقي الذي أصبح وزيرا للمالية، ومحمد العدساني، الذي أصبح رئيسا لمجلس الأمة الكويتي خلال مرحلة ثمنينيات القرن الماضي.
كانت جمعية "الإرشاد الإسلامي"، بمثابة واجهة اجتماعية ودينية يمارس من خلالها الإخوان في الكويت نشاطهم السياسي، وغطاء لعملهم التنظيمي، فتولى رئاستها يوسف بن عيسى القناعي، بينما تم انتخاب عبد العزيز العلي المطوع، كأول مراقب عام للإخوان، لكونه المؤسس الحقيقي للتنظيم.
نتيجة للسياسات الاحتكارية للقرارات داخل الجمعية، والدخول في جدل حول آلية التعامل مع الأسرة الحاكمة بالكويت، مقارنة بالصدام الذي حدث بين الجماعة الأم في مصر والدولة إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر، اشتعلت الخلافات بين قيادات هذه المرحلة، وتوقف نشاطهم في ظل مرور دولة الكويت بظروف سياسية، اضطرتها لتحجيم العمل الاجتماعي والسياسي فتم وقف نشاط الجمعية نهائيا.
بعد استقلال الكويت عام 1961، اجتمع 30 شخصا من أعضاء الإخوان في الكويت، و"جمعية الإرشاد الإسلامي" التي تم حلها واستبدالها بكيان جديد تحت مسمى "جمعية الإصلاح الاجتماعي".
في 22 يوليو 1963 اشهرت جمعية "الاصلاح الاجتماعي" وفقا لاحكام القانون رقم 24 لسنة 1962، في الجريدة الرسمية "كويت اليوم" في العدد رقم 438 الصادر بتاريخ 4 أغسطس 1963.
تولى رئاسة جمعية "الاصلاح الاجتماعي"، يوسف النفيسي، وبعد ذلك أصبح يوسف الحجي، وزير الأوقاف السابق رئيسا لها، ثم تولى رئاستها عبد الله العلي المطوع، شقيق مؤسس الإخوان في الكويت، بحكم مكانته التجارية وعلاقته المتميزة مع أقطاب مسئولين فى الدولة؛ الأمر الذي ساهم في تعزيز التفاهم بين الإخوان والحكومة لصد نفوذ القوميين العرب والعلمانيين، وقد وافته المنية عام 2006، ثم تولى مجلس إدراتها حمود الرومي، وفي ديسمبر 2018، خلفه الدكتور خالد المذكو.
اعتمدت جمعية "الاصلاح الاجتماعي"، في هيكلها التنظيمي على مبادئ اللائحة المعمول بها في مصر، مثل: الانتقائية في الاختيار، والتدرج في الترقية، والسمع والطاعة بالمفهوم العسكري "نفذ ثم ناقش"، كما تم تدريس كتب حسن البنا وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، وسيد سابق ويوسف القرضاوي، ومصطفى السباعي، كمواد تثقيفية لأعضاء التنظيم.
حجم التواجد الإخواني المصري الكبير كان دافعا لسيطرتهم على النشاط الإعلامي والدعوي والاجتماعي، وكذلك سيطرتهم على قطاع التوظيف والعمالة في المجالات القانونية والتربوية والدينية وغيرها.
منذ تاريخ تأسيس الجماعة وكياناتها وهي تنفيذ مخططات التوغل في مختلف القطاعات، مثل قطاع الطلاب، وقطاع العمال، وقطاع المهنيين، وقطاع رجال الأعمال والتجار، وقطاع الكيانات التشريعية والمؤسسات السيادية بالدولة، تمهيدا لتنفيذ خطة التمكين.
كانت مرحلة الغزو العراقي للكويت عام 1990، نقطة فاصلة في تاريخ "إخوان الكويت" وعلاقتهم بالجماعة الأم في مصر، بسبب الخلاف حول الاستعانة بالقوات الأجنبية في تحرير الوطن.
حاولت قيادات "مكتب الإرشاد" في مصر، ابان المرشد الرابع محمد حامد أبو النصر، المرواغة في بداية الأمر عبر بيان، ادانت فيه، مواقف صدام حسين، لكنها في الغرف المغلقة وعبر خطابها غير المعلن، كانت مؤيدة لقراراته، ورافضة لأي تحركات أو تحالفات عسكرية أجنبية من شأنها إجلاء القوات العراقية عن الكويت.
موقف الإخوان لم يكن مفهوما في ظل التصريحات الإعلامية التي صدرت عن المتحدث الرسمي للجماعة حينها، مأمون الهضيبي، الذي أعلن صراحة انحيازه لصدام، قائلاً: "أن بقاء الكويت في يد صدام خير من تحرير الكويت على يد الأمريكان".
اشعلت تلك التصريحات الخلافات بين "إخوان مصر"، و"إخوان الكويت"، وتبعها أزمة "بيعة المقابر" عام 1996، والتي كانت أحد أهم اسبابها، أن قرر مأمون الهضيبى أخذ البيعة علنا لمصطفى مشهور على المقابر، بعد دفن المرشد الرابع محمد حامد أبو النصر، مباشرة في "مقابر المرشدين"، بمدينة نصر، وذلك لتفويت المخطط الذي رسمه "إخوان الكويت"، مع قيادات التنظيم الدولي، بضرورة الدفع بمرشد جديد من خارج مصر، وتم الاستقرار على المستشار فيصل مولوي المراقب العام للإخوان في لبنان.
في نفس الوقت زادت تصريحات نائب المرشد العام للإخوان، وأحد قيادات التنظيم الخاص، الدكتور أحمد الملط، الأزمة تعقيدا، التي وصف فيها أحد قيادات الإخوان بالكويت، إسماعيل الشطي، بـ"الكلب"؛ ما أدى إلى استقالة الأخير من الجماعة، تعليقا على موقف "إخوان مصر" من الغزو العراقي، واتهامهم بالتواطوء مع صدام حسين.
لكن الأسرار التي قيلت على لسان أبرز قيادات التنظيم الدولي، ووزير ماليتهم وشركاتهم العابرة للقارات يوسف ندا، عبر برنامج "شاهد على العصر"، الذي قدمه الإعلامي الإخواني، أحمد منصور على قناة "الجزيرة"، وذلك بتاريخ 1 سبتمبر 2002 ، فضحت مخطط الإخوان ومشروع التنظيم الدولي، داخل المنطقة العربية، انطلاقا من دولة الكويت.
إذ قال يوسف ندا، أنه التقى صدام حسين بتكليف من قيادات مكتب الإرشاد، واتفقوا على إعلان رفضهم للقوات الأجنبية، لتحرير الكويت، مقابل، إدخال "جيوش إسلامية"، يتم تشكيلها بمعرفة الإخوان، وتكون قياداتها بالتنسيق بين صدام وقيادات التنظيم الدولي، للسيطرة على مفاصل دولة الكويت، وفي الوقت نفسه بموجب هذه المبادرة، يتم إقصاء السلطة الشرعية الكويتية من الصورة تماما، تحت مزاعم إجراء انتخابات حرة يحدد فيها الشعب الكويتي حكامه.
ما قاله يوسف ندا كان بمثابة نصف الحقيقة، في مخطط الاستيلاء على الحكم في الكويت، بينما النصف الثاني من السيناريو، وقعت أحداثه داخل الولايات المتحدة الأمريكية، عندما زارت مجموعة "إخوانية" كويتية، السفير الكويتي في واشنطن، اثناء الغزو العراقي، الشيخ سعود الناصر الصباح، ضمت إسماعيل الشطي، وطارق السويدان، وعبد الله العتيقي، وطرحوا عليه مبادرة ، تضمن محتواها ما قاله يوسف ندا، وهي فكرة تشكيل"جيوش إسلامية"، بل زادوا عليها بنداً جديداً تمثل في طلب خمسين مليون دولار تدفع بهدف إعداد وتحضير هذا التحالف، من أجل تحرير الكويت.
وهي القصة التي ذكر تفاصيلها، الشيخ سعود الناصر في مقابلة نشرت في صحيفة "الشرق الأوسط"، في أكتوبر 2001.
بعد خروج العراق من الكويت، أسس "إخوان الكويت" ما يُسمى بـ"الحركة الدستورية الإسلامية"، المعروفة اختصارا بـ"حدس"، عام1991، لتكون ذراعا سياسيا للإخوان في خضم العمل السياسي، وحددت المنهج الإسلامي كنظام شامل.
خلال تلك الفترة كان التمثيل البرلماني للإخوان في الساحة السياسية الكويتية، متواضعا، وقد جعلوا في مقدمة معركتهم بمجلس الأمة، تعديل المادة الثانية من الدستور، لكي تصبح "الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع"، بدلا من"الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع"، لكنها معركة باءت بالفشل.
قاطعت "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، في الكويت الانتخابات البرلمانية في عامي 2012 و2013 احتجاجا على تعديل الحكومة نظام الاقتراع، على خلفية المطالبة بتغيير النهج السياسي الحكومي، وإيجاد نظام سياسي توافقي جديد تتقلص فيه سلطة الأسرة الحاكمة لصالح الشعب، وموافقة الاخوان، على ما عُرف باسم "مشروع الإصلاح السياسي الوطني"، والذي يسعى إلى "إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل".
لكنها عادت وأعلنت في مايو 2016 إنهاء مقاطعتها للانتخابات العامة في البلاد، والتي استمرت سنوات عدة، مؤكدة أن قرارها جاء استشعارا لمسؤولياتها الوطنية، لتفوز بـ4 مقاعد من أصل 50 مقعدا.
وفي نوفمبر2011، تورط الإخوان في أحداث اقتحام عدد من النواب والمتظاهرين، مجلس الأمة، ودخلوا قاعته الرئيسية، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء الكويتى آنذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح.
و في نوفمبر 2017، صدر حكم بحبس كل من النائبين وليد الطبطبائى وجمعان الحربش؛ 3 سنوات و6 أشهر، وهو ما ترتب عليه إسقاط عضويتهما، ليخسر الإخوان مقاعدهم في الانتخابات التكميلية في مارس 2019.