أمل إبراهيم تكتب: «راجعين ياهوى»
أمل إبراهيم تكتب: «راجعين ياهوى»
فى زمن الحروب يشعر الناس أن هناك من يدفعهم قرب الحافة، ويفكرون أنه ربما يصيب صاروخ طريقه نحوهم ثم يلقى بهم إلى الهاوية ، ويعيشون فى هلع من مشاهد الدم والموت والدمار حتى تمل قلوبهم الحزن واليأس، وهنا يحدث أمر غريب لكنه واضح وملموس يشبه محاولة التقرب إلى امرأة جميلة بكل شغف، وخطب ودها وكأنها حالة من الوقوع فى حب الحياة مرة أخرى .
فى كل البلاد التى تشتعل فيها نيران المدافع وتزداد رائحة البارود وتهتز الأرض بأصوات الإنفجارات وتخلع القلوب صور الأطفال الذين يموتون كل دقيقة، فى سوريا واليمن والعراق تختلط الحياة هناك بأكثر من لون للحزن والفرح والدموع والابتسامات .
منذ أيام أرسل لى صديق يمنى مقال رائع عبارة عن سرد بسيط لسيدة تذهب إلى حفل زفاف بنصف شعر مصفف وفستان قامت بالمستحيل ليتم تنظيفه وكيه حتى تستطيع حضور الحفل الذى انتهى بمجرد قدوم العروس على أصوات انفجارات مدوية لصاروخ بالقرب من قاعة الأفراح، وتحكى عن لحظة التحول من الرقص والتصفيق والغناء، إلى الركض هربا من القاعة، وبرغم مأساة اليمن إلا أن قصة السيدة تؤكد أن الرغبة فى الحياة أقوى من الموت الذى يحصد الأرواح بلا ذنب أو جريرة
يذكرنى ذلك بكلمات أغنية " راجعين ياهوى "التى صدح بها موسيقيون ومطربون سوريون بين الأطلال فى مدينة تدمر بعد أن أستعادها الجيش السورى من داعش، وصور الزفاف التى تجمع الأحبة بينما الخلفية تظهر صور الدمار والهدم حولهم، المهم هو أن رسائل الحب قادرة على تخطى الحروب وأن الحياة صاحبة اليد العليا على الإرهاب .
وفى العراق سوف تفاجئك صور النساء اللاتى يقدن الدراجات، وتلك الورود الحمراء والدبايب التى تملأ الأسواق فى اهتمام غير عادى بعيد الحب، وكلها دلالات على أن الحياة حاضرة بقوة برغم رائحة الموت التى تعبر الأماكن هناك وأن القدرة على الأمل هى طوق النجاة التى يتشبث بها هؤلاء ولذا تأتى صورة فنان عراقى حرمته داعش من العزف على آلة الكمان ، وبعد عامين من المنع يلتقى بمحبوبته مرة أخرى فى مشهد فريد يحتضن فيه الكمان وتنتشر عبر مواقع الأخبار وتعد من أجمل الصور الناطقة والمفعمة بمعنى النغم ،
وفى مشهد آخر تخلع نساء الموصل والرقة نقاب فرض عليهن بالقوة ويدخّن فى تحد للدواعش، يعلّن أن الحرية هى الشىء الوحيد الذى لا يستطيع الإرهاب مهما حاول فرض حصاره أن يمنعه فى عقول الأحرار.