دار المعارف
شارك في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام اليوم الذى رأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عدد من القيادات والشخصيات الدينية البارزة،من بينهم: القس الدكتور أولاف فيكس، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، والقس الدكتور جيم وينكلر، الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة، والأنبا بولا، ممثلًا عن البابا تواضروس الثاني،والبطريريك برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، والدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي.
أقيم المؤتمر تحت رعاية وحضور فضيلته ومشاركة أبرز القيادات الدينية حول العالم من بينهم، البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، والذي من المقرر أن يلقي كلمة في ختام المؤتمر عقب لقائه فضيلة الإمام الأكبر غدًا الجمعة بمشيخة الأزهر الشريف.
وفى كلمته التى افتتح بها المؤبتمر أكد فضيلة الإمام الأكبر أن الأديان بريئة من تُهمة الإرهاب وأن الإرهاب الأسود الذي يحصد أرواح المسلمين في الشرق أيًّا كان اسمه ولقبه واللافتة التي يرفعها لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام ولا إلى قرآن المسلمين، وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلُّط والهيمنة والكيل بمكيالين
وجاء فى كلمة الإمام الأكبر الافتتاحية بالمؤتمر أن موضوع السلام العالمي ، رغم كل ما قيل فيه فإنه يبدو وكأنَّه بحاجةٍ إلى المزيد من المتابعة والتحليل والبحث.وشدد على أن مفهوم السلام العالمي أمسَى وكأنه من أعقد الألغاز وأشدها استعصاءً على أي عقل يتقيَّد بشيءٍ من قواعد المنطق وبدهيات الفكر.
وقال الأمام الأكبر إنه يبدو أن السلامَ لم يعد هو القاعدةَ في حياة البشريَّة كما يذهب إلى ذلك أنصار نظرية السلام من فلاسفة التاريخ، الذين يؤكدون أن السلامَ هو القاعدة في حياة البشر، وأن الحربَ والعنفَ استثناءٌ وشذوذٌ عن القاعدة.واشار الطيب الى ان كُلَّ ما يُقال عن الإسلام في شأن السلام يُقال مثله تمامًا عن المَسِيحِيَّة واليَهُودِيَّة،وتابع قائلا : أنَّ رسالةَ محمدٍ لَيْسَت دِينًا مُنْفَصِلًا مُسْتَقِلًّا عَن رِسَالَةِ عيسى وموسى وإبراهيم ونَوح عليهم السَّلام؛ وإنَّمَا هو حَلقةٌ أخيرةٌ في سِلسلَةِ الدِّينِ الإلهي الواحد الذي بدأ بآدم وانتهى بنبيِّ الإسلام.
وأوضح أن هذه الرِّسالات من أولِها إلى آخرِها تتطابَق في مُحتَواهَا ومضمونها ولا تختلِف إلَّا في بابِ التَّشريعات العمليَّة المُتغيِّرة، فلكلِ رسالة شَريعة عَمَلِيَّة تناسبُ زمانها ومكانها والمؤمنين بها..وقال الامام الاكبر ان هذا هو ما يفسر لنا اتفاق الأديان على أمهات الفضائل وكرائم الأخلاق، وتغريد الوصايا العشر، وموعظة الجبل والآيات التي تعنى بالوصايا ذاتها، تغريدها كلها في سرب واحد ولغة شعورية واحدة..وقال الطيب ان الحرب في الإسلام هي ضرورة، واستثناء يُلجأ إليه حين لا يكون منه بدٌّ، وهذه هي نصيحة نبي الإسلام: لَا تَتمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، وليست الحرب في الإسلام هجومية، بل دفاعية.
وأضاف أن مشروعية الحرب في الإسلام ليست قاصرة على الدفاع عن المساجد فقط، بل مشروعة بالقدر ذاته للدفاع عن الكنائس وعن معابد اليهود، وإن تعجب فاعجب لدينٍ يدفع أبناءه ليقاتلوا من أجل تأمين أهل الأديان الإلهية الأخرى، وتأمين أماكن عباداتهم..واشار الطيب الي إن الإسلام لا يقاتل تحت بند الكفر، بل تحت بند العدوان مما يبرهن على أن الإسلام دين سلام وليس دين عدوان، ونقول مرة ثانية: إنَّ الأديانَ الإلهية كلها سواء في هذا التأصيل المحوري لقضية السلام.
وشدد الطيب على انه إذا كانت نصوص الإسلام تكشف عن انفتاح هذا الدين على الآخر واحترامه واحترام عقائده، فكيف يصح في الأذهان وصفه بأنه دين الإرهاب .
وتابع قائلا:وإذا قيل هو دينُ إرهابٍ لأن الذين يمارسون الإرهاب مسلمون؟ فهلا يقال إن المسيحية دين إرهاب، لأن الإرهاب مورس باسمها هي الأخرى؟! وهلا يقال إن اليهودية دين إرهاب لأن فظائعَ وبشاعاتٍ اُرتُكِبَتْ باسمها كذلك؟ وإذا قيل: لا تحاكموا الأديان بجرائم بعض المؤمنين بها، فلماذا لا يقال ذلك على الإسلام؟ ولماذا الإصرار على بقائه أسيرًا في سجن الإسلاموفوبيا ظلمًا وبهتانًا وزورًا.واعرب عن امله ان يستغل هذا المؤتمر النادر ليعلن للناس أن الأديان بريئة من تُهمة الإرهاب وان الإرهاب الأسود الذي يحصد أرواح المسلمين في الشرق أيًّا كان اسمه ولقبه واللافتة التي يرفعها لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام ولا إلى قرآن المسلمين، وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلُّط والهيمنة والكيل بمكيالين.
رئيس الجامعة الكاثوليكية بباريس يشكر الإمام الأكبر على جهوده الدائمة لإرساء السلام في العالم>
توجه الدكتور فليب بوردين، رئيس الجامعة الكاثوليكية بباريس في كلمته التي ألقاها بالجلسة الأولى لـ "مؤتمر الأزهر العالمي للسلام" تحت عنوان "معوقات السلام في العالم المعاصر.. المخاطر والتحديات" بالشكر لفضيلة الإمام الأكبر على جهوده الدائمة لإرساء السلام في العالم.
وقال فليب: إن التعليم الأخلاقي قادر على احتواء فكر الشباب حتى لا يصبح أداة سهلة للجماعات الإرهابية وهو ما يتطلب منا إعداد جيل من المعلمين قادرين على احتواء الشباب، مضيفًا أنه يجب أن يكون هناك حوار جماعي يجعلنا مسئولين أمام أنفسنا وضمائرنا وكرامتنا حتى نستطيع أن نفرق بين الخير والشر، وأن الضمير الإنساني هو منحة من الله وهذه المنحة الإلهية تتعرض لمحاولات من البعض للتشويه والتضليل، وأن الرسائل البسيطة المخلصة للسلام هي التي توصل الدعم للضمير الإنساني في ظل هذا التعدد الذي يشهده العالم.
ودعا فليب إلى إعمال العقل، فالكل لديه عقل ولكن هناك افتراض للاستخدام الأمثل له، وذلك على جميع الأصعدة وكذلك احترام المعتقدات وعدم التسرع في إصدار أحكام مسبقة على الآخرين ومن ثَمَّ قبول الآخر.
واختتم كلمته بأن هناك طاقات هائلة لدى الشباب يجب أن يستغلها المسئولون ابتداء من المراحل التعليمية الأساسية حتى نستطيع بناء شباب غير قابل للانحراف ورافض للفكر الذي يدعو إلى العنف.
يأتي هذا في إطار الجهود الحثيثة التي يقودها الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، من أجل نشر ثقافة المحبة والتسامح والتعايش المشترك وتحقيق سلام عادل وشامل للبشرية جمعاء.
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: السلام لا يتحقق إلا بالحوارات التي تتم بين وقت وآخر
قال الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: إنه من دواعي السرور أن نجتمع اليوم في ضيافة الأزهر ذلك الصرح العالمي الكبير لنتناول الحديث عن موضوع غاية في الأهمية تقوم عليه حياتنا وتآلفنا وتراحمنا.
وأضاف العيسي: إن السلام مكسب عظيم للعالم أجمع وهو مبدأ دين الإسلام، لافتًا النظر إلى أنه لا يمكن أن يتحقق بمجرد الحوارات التي تتم بين وقت وآخر، ولكن بالإصرار على تنفيذ الأطروحات والتوصيات، مؤكدًا أنه لا سلام إذا ازدوجت المعايير، ولا سلام إذا هيمنت قوى وحدها لتطبيقه، ولكن السلام يأتي بصفاء الوجدان حتى يكون سلامًا حقيقيًّا ينبذ خلق الكراهية البغيض.
وأشار إلى أن خطأ التشخيص وخطأ المعالجة يأتي من الصدام الديني والتاريخي، والعلاج الصحيح يأتي من الإيمان بالتنوع وطبيعة الاختلاف وتقبُّل الآخر، مضيفًا: إن الإرهاب ليس له دين ولا مدارس معينة ولا وطن حتى نقصره على الإسلام، سائلًا المولى -عز وجل- أن يبارك في هذا المؤتمر وأن يجزي القائمين عليه خير الجزاء.
تأتي هذه الكلمة ضمن فعاليات "مؤتمر الأزهر العالمي للسلام"، المنعقد حاليًّا، وذلك بحضورعدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم في مقدمتهم البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، الذي من المقرر أن يلقي كلمة في ختام المؤتمر، عقب زيارته الرسمية للإمام الأكبر بمشيخة الأزهر الشريف.