د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: «موضة التريندات»

د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: «موضة التريندات»د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: «موضة التريندات»

غير مصنف22-8-2019 | 12:38

نسمع كثيرًا عن شخصيات تنزّل على أحد تطبيقات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي بعض الصور أو المواقف الحياتية التي تخصها، بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدين، ليس بغرض تحقيق الشهرة فحسب، بل أحيانًا يكون بهدف الربح المادي، بسبب تحصيل أكبر عدد من المشاهدات، وهو ما يُسمى بـ" التريند". والغريب في الأمر أنك عندما تُشاهد تلك الفيديوهات، لا تجد أي شيء يُصقل ثقافتك، أو يُضيف إليك معلومة جديدة، أو يُوسع آفاق معرفتك، أو حتى يحوز شيئًا من احترامك، فالأمر كله لا يعدو كونه اعتياد على مُتابعة قصة شخص أو اثنين وأسلوب حياتهم، والأمر للأسف يزيد لديهم، لدرجة أنهم يبدأون في نشر أشياء غير لائقة؛ حتى يضمنوا نسبة مُشاهدة أعلى، وهكذا حتى يُصبحوا أحاديث كل الأوساط، وخاصة اليوتيوبية. وما لا يعرفه هؤلاء أن سبب زيادة نسب المُشاهدة، يرجع إلى العنوان المُثير الذي يتم وضعه فوق الفيديو، والفُضول القاتل، الذي دائمًا ما يدفع البشر إلى متابعة أي شيء غريب ومُثير، حتى لو كان لا يمت للمنطق بصلة. وعتابي ليس على أصحاب تلك الفيديوهات، وإنما على مُتابعيهم، فهم الذين يزيدون الأمر لدى هؤلاء، ويجعلون منهم نجومًا وأبطالًا وهم لا شيء، فلا يكفي أن يستفزك العنوان، لكي تشاهد ما يحتويه الفيديو، بل لا بد أن تستشعر أنك تُشاهد شيئًا ذو قيمة، وله أثر ووعي على الآخرين، فكل هذه السلوكيات السلبية تُربي جيلاً مليئًا بالفكر الأجوف، وليس لديه الاستعداد لتعلم شيء جديد أو فكر حصيف، والبحث عن الشهرة الفارغة، لا يقل جسامة عن كسب المال من الهواء. فأي شيء يتحقق بدون مجهود حقيقي، ورسالة سامية، وفكر مُتطور، يُعتبر رخيصًا، وبلا قيمة وزائل، وللأسف، قصة التريندات باتت موضة سخيفة، وأحيانًا تحمل إسفافاً لا يليق بمجتمعنا الشرقي، فرغبة هؤلاء في حصد أكبر عدد من المشاهدين، تجعلهم يُقدمون على أي سلوك، قد ينال من المشاهد، أو يخدش حياءه، أو على الأقل يُضيع وقته، وينزلون في هوية اللا هوية. فالأفضل لهذه الحُشود الغفيرة من المشاهدين أن تبحث عن شيء ذو قيمة، وتستثمر فيه وقتها، وتُثقف به نفسها، فالتريند لا يُفيد.
    أضف تعليق