انتهى موسم الحج هذا العام بنجاح – والحمد لله – لكن قبل أن ينتهى كان هناك من القائمين على بعض شركات السياحة "الفاشلة" للأسف من يخطط لجمع أموال من المواطنين بدون وجه حق من خلال النصب عليهم.. والتفاصيل الآتية توضح الحكاية: "مبروك حضرتك كسبت رحلة عمرة معانا".

تلقى (ع أ) مكالمة تليفونية من شركة سياحية (حسب المتصل) وبعد تقديم اسم الشركة والتأكد من بيانات المتصل عليه ، ألقى المتصل جملته الساحرة، وواصل فقال: تم اختيارك يا فندم من خلال بحث عشوائي لأرقام التليفونات، وفزت معانا برحلة عمرة مجانية،.. واتفضل حضرتك شرفنا فى مقر الشركة علشان نتمم الإجراءات.

فرحة

طبعا أى إنسان سوف يسعده هذا الخبر، لكنه غالبا سوف يحاول أن يتأكد من الأمر، والمتصل سوف يؤكد له أنها حقيقة، ويملى عليه عنوان مقر الشركة، ويضرب له ميعادا قريبا، ويطلب منه أن يصطحب معه زوجته إذا كان رجلا، أو الزوج إذا كانت امرأة، وسنفهم لاحقا لماذا. يذهب الذى تم إبلاغه بأنه فائز بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أقنع نفسه بعد تفكير أنه لن يخسر شيئاً حتى لو لم تكن حقيقة فلن يتكلف أية مبالغ، لكن الحقيقة شىء آخر يكشفها لـ "دار المعارف" البير السياحى طارق السيد، فيقول: الذى أخبروه بأنه فاز برحلة العمرة المجانية، سوف يجد فى انتظاره فى مقر الشركة "الساحر" كما أحب أن اسميه، وهو شخص غالبا يرتدى ملابس أنيقة، ومتحدث لبق، وكلها متطلبات مهمة جدا فى التأثير سيكولوجيا على الضحية.

فى الشركة

يبدأ مندوب هذه الشركة أو البياع، الحديث بتهنئة الضحية على الفوز ب العمرة ثم من الطبيعى أن يتحدث عن نشاط الشركة ونوعية الخدمات التى تقدمها وسابقة أعمالها وقد يذكر اسم شهير لشخصية عامة على أنه أحد عملائهم الدائمين زيادة فى الأغراء حتى ينهك ضحيته ذهنيا، ولاحظ أن البياع فى ملعبه ووسط جمهوره (فى مقر الشركة) وهذا أيضا له تأثير. وعندما يسأل الضحية عن العمرة، وما المطلوب منه، سوف يعيد بياع الشركة التأكيد على أن العمرة مجانية تماما ماعدا بعض المصاريف الإدارية لكنه سوف يدخل الضحية فى العديد من التفاصيل المبلبلة للأذهان، فيحدث ضحيته مثلا أن العمرة يستطيع أن يستفيد بها لمدة سنتين أو قدر ما يسمح به وقته، وأنه بمجرد أن يوقع مع الشركة العقد سوف يكون له حق العمرة خلال المدة التى سوف يتفق عليها، وأنه ليس عليه أى التزامات أخرى. وهكذا سوف تفرض طبيعة المكان، والزمان، والحديث المستمر، من الساحر أو بياع الشركة لن تكون الضحية قادرة على قراءة العقد الطويل جدا الذى سوف يقدم لها لأنه – غالبا - يحتوى على تفاصيل كثيرة، وشروط لن تعلم الضحية عنها شيئاً إلا عندما تحتاج إلى إلغاء هذا العقد واسترداد ما دفعته من مصاريف إدارية.

ليست قليلة

ونتوقف هنا لنؤكد على "المصاريف الإدارية" وهى لن تكون بسيطة، فرحلة العمرة تتكلف فى المتوسط عشرين ألف جنيهًا على أقل تقديرًا، لن يمانع أحد فى أن يدفع خمسمائة جنيه، أو ألف، ليفوز بها، لذلك سوف يتضمن العقد مثلا عبارة "حسب إمكانية وجود غرف شاغرة فى الفنادق" أو "أماكن على رحلات الطيران" ويستمر هذا الشرط ساريا فى العقد مدته بالكامل، وسوف تخبر الشركة الضحية كل مرة تحدد فيها وقت لتنفيذ العمرة أنها غير مواتية، أو أن هناك أماكن فى فنادق أخرى أعلى مستوى من المستوى المقرر فى العقد، وأن على الضحية دفع فرق السعر، والذى سيكون فى الحقيقة السعر كاملا، وكذلك بالنسبة لرحلات الطيران، وقد تأخذ الشركة جواز السفر وبعد عدة أيام تخبر الضحية أنه لم تأت التأشيرة من السفارة السعودية.

الملل

يقول الخبير السياحة طارق السيد تعليقا على ما سبق: " أدرك تماما أنك قد أصابك الملل الآن من هذه التفاصيل، وهذا بالضبط ما يلعب عليه هؤلاء المحتالين ناهيك عن قطع المشاوير إلى مقر الشركة "النصابة" لإسترداد حقك أو إجراء أى تفاوض معها، لأنها سوف تسوف حتى تمل تماما وتستعوض ربنا فى المبلغ الذى دفعته، وفى ضياع وقتك وشياط أعصابك.

فى وضح النهار

ويؤكد السيد أن - للأسف - هذه الشركات تعمل فى وضح النهار وتوظف محامين من محترفي الخداع والاحتيال، وحتى لو قررت الضحية، الإبلاغ عن الشركة، وتحرير محضر لها، فسوف تكتشف أن الشركة موقفها القانونى، إن لم يكن سليم 100% فهو ليس خطأ 100% وأنه ببساطة ضاع حق الضحية بين التفاصيل. وينتهى السيج بنصيحة : " لا تصدقوا هؤلاء المحتالين محترفى المسابقات والتليفونات والرسائل الذين يكسبون ملايين الجنيهات من النصب والاحتيال على المواطنين الأبرياء.