أمل إبراهيم تكتب: الخيط الرفيع

أمل إبراهيم تكتب: الخيط الرفيعأمل إبراهيم تكتب: الخيط الرفيع

* عاجل27-8-2019 | 18:35

بما اننا نعيش فى مجتمع يفرض علينا مجموعة من العادات والتقاليد تعتبر  أحيانا أقوى من القوانين علينا أن نحترمها ونقبل بها ، بعضها سىء ومرفوض تحاول الأجيال بتعاقبها التخلص منه وبعضها  جيد ومقبول  يحاول الكبار فى السن ترسيخه والبقاء عليه ..إلا أننا جميعا نقف أمام التقاليد ولا نستطيع تخطيها أو كسرها وإلا واجهنا حالة من الرفض بين الآخرين .. مهما كانت قناعاتنا الدينية واتجاهاتنا الفكرية لأن الأمر أحيانا يشبه إلقاء حجر على نافذة زجاجية يمكن أن تتهشم وتصيبنا بسوء أو تنفذ منها رياح غير مرغوب فيها ..
كانت هذه الأفكار تراودني  وأنا أتابع فيلم الخيط الرفيع الذى شاهدته أكثر من مرة ولكن بالأمس وجدت أننى أتابع هذا الفيلم بعين مختلفة وتأثير مغاير ، لأنه لم يكن من الأفلام المفضلة بالنسبة لى ولكن هذه المرة تابعته بدرجة من التركيز ولفت نظرى عبارات  جاءت على لسان الأبطال تلخص القصة ..
ولكن السؤال المهم هل الفيلم ناقش علاقة رجل وامرأة يعيشان معا دون زواج  وسط مجتمع يرفض  علاقة من هذا النوع لأسباب دينية  وإجتماعية؟
الحقيقة أن الفيلم لم يناقش هذه القضية بصورة واضحة ولكن علينا نحن المشاهدين أن نفهم ذلك من خلال الأحداث والمشهد الرئيسى عندما طلبت منى" فاتن حمامة "  الزواج من عادل " محمود ياسين " فجاءت الإجابة بالصمت والتردد ..ثم محاولة إقناعها ان العبادة فى السر هى أفضل العبادات وأنه لم يكن يوما نبيا كى ينشر دعوته ولم تكن هى إله لتغفر له  ..
ولكن الفيلم كان أكثر عمقا فى مناقشة كيف تنتهى قصص الحب وتموت العلاقات ، كيف يلتقى شخصان ويعرف كل منهما أنه يحب الأخر ولكن الاستمرار معا يتحول إلى مستحيل لأن له حسابات أخرى ، كيف يتصرفان عكس مشاعرهما فى أوقات الغضب أو الغيرة والأحتياج ..
فى بداية الفيلم عندما كانت منى "فاتن حمامة " تزور عادل " محمود ياسين " الذى فكر فى أن ينهى حياته لأنه يحبها لكنه لا يستطيع الوصول إليها بسبب الفقر ..كانت منى  تزوره فى المستشفى كل يوم ..فى اليوم الأول كان مترددا فى طلب المساعدة منها ومناولته كوب من الماء وشكرها بصورة مبالغة ، والمرة الثانية قال لها من فضلك يامنى كوب من الماء ، وفى المرة الثالثة كان طلب كوب الماء بصيغة الأمر  " أدينى يامنى كوباية ميه ، ناولينى الكتاب "  بدون كلمة شكر أو تسبقها عبارة من فضلك وكانت هى فى حالة دهشة ولكنها ضحكت وكانت تطيع أوامره  واعتقد ان هذه المشاهد تلخص كيف سارت  العلاقة بين الأثنين  ، هو  يقول لها "  أريد أن أكون ملكا لك وتحافظين على ولا أريد أن تكونى ملكا لى ولا استطيع الحفاظ عليك "
فى الفيلم منى  أحبته وتنازلت عن رجل ثرى وقبلت أن تعيش معه وتسانده ولكن مايظهر لنا كمشاهدين انه كان مولع بها ولا يصدق ان يحدث وتبادله  هى الحب ،  ولكنها عندما أحست بتردده فى الزواج منها وشعرت بالغيرة بدأت تتصرف بطريقة أخرى ، توقفت هى  عن العطاء وبدأت فى الأخذ ، تذكرت مجوهراتها التى باعتها من أجله وبدأت تستعيدها منه ولكن هل التعويض مادى يصلح بديلا عن مشاعر التقدير ؟؟
كلما أبتعد عنها خطوة لم تكن تحاول أستعادته بل الأنتقام منه ومعاقبته .
ان أكبر أزمة تواجه أى علاقة ان تعتقد إمرأة ان الرجل الذى تحبه هو محور الكون ، ان يشغل كل تفكيرها فى الحياة ، بينما محور تفكير أى رجل هو نجاحه العملى وبناء مستقبله المهنى
فى الفيلم كان عادل يحب منى بصورة جنونية فى البداية وكان يعتقد أن تحقيق النجاح  و الثراء لا يساعده فى الحفاظ عليها ، كان سعيدا لوجودها فى حياته ولكن يبقى داخله أنه لا يستطيع أن يواجه الناس بإعلان تلك العلاقة ، كان يعتقد أنه كما قال " ملك لها " تفعل هى ما تريد ولم يكن يعترض أو يواجه أو يحاول التوصل إلى حل معها  والقرار الوحيد الذى استطاع أن يتخذه هو الأبتعاد عنها والسفر ..رغم الدموع فى عينيه ونبرة الحزن فى صوته ..
هل الزواج فى هذه الحالة كان قادرا على إنجاح علاقة مثل تلك ؟؟؟
العلاقات أى كانت وتحت أى مسمى تحتاج إلى رعاية وفهم حتى تستمر ، الحب دائما بداية وأول خطوة فى حياة من الممكن أن تكون رائعة بشرط أن نبنى عليه وتكون لدينا قدر من الذكاء النفسى حتى لا نخسر أنفسنا فى علاقات غير واضحة وحب مشوش ، المرأة يمكنها أن تقدم الكثير فى مقابل التقدير وفى الأغلب لا تستمر إلا العلاقات التى بها قدر من التسامح والاحترام المتبادل ،وألا يكون أحدهما هو محور حياة الأخر  تسيطر عليه فكرة الاستحواذ  والتملك لان العلاقات تمر بمراحل مختلفة والحب يهدأ والرغبات تقل مع الوقت ولا يوجد مساحة للملكية بين أثنين ولا يوجد تسامح على بياض وإلى الأبد .
أضف تعليق