د. ناجح إبراهيم يكتب: وزراء الخارجية..رؤية من قريب

د. ناجح إبراهيم يكتب: وزراء الخارجية..رؤية من قريبد. ناجح إبراهيم يكتب: وزراء الخارجية..رؤية من قريب

*سلايد رئيسى5-9-2019 | 19:21

وزارة الخارجية المصرية لها تاريخ عريق في العمل الدبلوماسي والسياسي في كل عصور مصر,وهى من أدق وأضبط الوزارات السيادية ,وأكثرنا لا يعرف شيئاً عن الوزراء الذين قادوا الوزارة وخاصة في عصور ناصر والسادات ومبارك,ولعلي أسوق تعريفاً وتحليلاً مختصراً لهم مستعيناً برؤية بعض الذين عملوا معهم وساقوها في مذكراتهم.
أولاً:محمود رياض:أول وزير خارجية من أصول عسكرية في تاريخ مصر,والثانى هو كمال حسن علي,كان زميلاً لعبد الناصر وشارك في حرب فلسطين ومنذ ذلك الوقت صارت قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي همه الأكبر.
كان عضوا في الوفود المصرية التى ذهبت للدول العربية لإثنائها عن الدخول في حلف بغداد,كان يرى أن إسرائيل تشكل خطراً علي مصر وأننا يجب أن نهتم بفلسطين ليس من باب التضامن العربي فقط ولكن من باب الأمن القومى المصرى,كان مؤمناً بالقومية العربية بعكس د/محمود فوزى الذى كان معجباً بناصر دون أن يؤمن بالقومية العربية,أثرت عليه هزيمة 67 تأثيراً كاسحاً فلم يتخيل حدوثها,وكان مؤمناً بأن إسرائيل لن تخرج من سيناء إلا بقوة السلاح.
كان رياض هو المعبر بحق عن سياسة عبد الناصر الخارجية وكان أفضل من نفذها.
كان لا يثق في كيسنجر ولا يثق في دبلوماسية السادات.
بعد خروجه من الخارجية عمل كأمين عام للجامعة العربية,استقال من منصبه كأمين عام للجامعة العربية بعد قرار نقلها من القاهرة وتعليق عضوية مصر رغم إصرار الدول العربية علي استمراره في منصبه ولكنه قال لهم"أنا مصرى قبل أن أكون أمينا عاماً للجامعة العربية فكيف أقبل الاستمرار بعد تعليق عضوية مصر ونقل الجامعة منها".
كان يؤمن بأن التركيبة البنيوية لإسرائيل تركيبة توسعية بطبيعتها وأنه لن يهدأ بال لإسرائيل حتى تتوسع في الأراضي العربية. ثانياً:د/محمد حسن الزيات:خلف مراد غالب في الخارجية والذى لم يكمل العام فيها ففى عهد غالب تحولت ملفات الصراع العربي الإسرائيلى إلي مستشار الأمن القومى وقتها حافظ إسماعيل.
كانت مصر في عهد غالب في محنة كبيرة في مرحلة اللاحرب واللاسلم ,وجاء الزيات الذى أدرك نصر أكتوبر في بدايته وأقيل بعد الحرب,وهكذا لم يستطع أن يجنى ثمار النصر التى انعكست علي الخارجية المصرية بالقوة والتألق.
نصر أكتوبر انعكس علي الخارجية فاختار السادات إسماعيل فهمي وزيراً بديلاً عن الزيات,وكانت هذه طريقة السادات,فقد أعطى نصر أكتوبر أهم شرعية لحكم السادات.
كان الزيات وزير الخارجية المصرى توليفة غير تقليدية فلم يكن من أبناء الخارجية مثل محمود فوزى أو إسماعيل فهمى ولم يكن من خلفية عسكرية مثل محمود رياض ولكنه كان استاذاً للأدب الشرقي تعلم في بريطانيا.
أضر بالزيات أنه ظل في نيويورك فترة الحرب,بينما عبد الحليم خدام ذهب إلي دمشق قائلاً للزيات:أريد أن أبقي بجوار الرئيس فبقي خدام,وأقيل الزيات,فمسرح الدبلوماسية في وقت الحرب يكون في الوطن وبجوار الرئيس وليس في الأمم المتحدة,وكانت وفاة صهر الزيات د/طه حسين هي التى هيأت للزيات المغادرة الكريمة لنيويورك للوصول للقاهرة في طائرة خاصة دون جرح مشاعره بالإقالة من المنصب,ورغم ذلك كان الزيات يشعر بالمرارة من طريقة خروجه من الوزارة طوال فترة حياته كلها.
إسماعيل فهمى:كان دخوله للوزارة غريباً وخروجه منها أغرب,والأغرب من ذلك ارتباط إسماعيل فهمى بصديق عمره محمد رياض,فقد كانا الاثنان دائماً معاً وكانا يلقبان"بأولاد فوزى"لأن الدكتور محمود فوزى كان يثق بهما ويستعين بهما في عملهم في بعثة مصر للأمم المتحدة. كان رياض يصغر إسماعيل بعام فقط,وكانا وزيرين معاً وخرجا من الوزارة معاً,وكلاهما في كامل لياقته استقال إسماعيل فهمى من وزارة الخارجية احتجاجاً علي رحلة السادات للقدس وطلب من رياض مقابلة حسنى مبارك نائب الرئيس لتكليفه بالوزارة فقد كان وزير دولة للشئون الخارجية,فسأل مبارك عن مغزى الرحلة فتضايق وأنهي المقابلة فلا أدرك منصبه السابق ولا اللاحق ولحق بصديق عمره إلي المعاش,حتى قيل وقتها في الصحف الأجنبية أن معارضة رحلة السادات للقدس تأتى من داخل النظام وخاصة وزارة الخارجية في سابقة فريدة لاستقالة وإقالة وزيرين مرة واحدة.
كان إسماعيل فهمى دائب العمل في السياسة الخارجية وليست له هوايات أخرى مثل د/محمود فوزى الذى كان يعشق العمل اليدوى. وكان فهمى مشهوراً بالتوقعات الصائبة فقد تنبأ بما حدث في 5 يونيه 1967.
وللحديث بقية إن شاء الله.
أضف تعليق

إعلان آراك 2