د.ناجح إبراهيم يكتب: الطبقة الوسطى..الديمقراطية من أسفل

د.ناجح إبراهيم يكتب: الطبقة الوسطى..الديمقراطية من أسفلد.ناجح إبراهيم يكتب: الطبقة الوسطى..الديمقراطية من أسفل

*سلايد رئيسى12-10-2019 | 18:27

95%من الشعب الياباني مصنف كطبقة متوسطة,وهم عماد النهضة هناك في كل المجالات. الطبقة الوسطى هي عماد القوة الدافعة في المجتمع المصرى منذ أيام محمد علي وهي التى قدمت للمجتمع أمثال العقاد ومحمد عبده,حافظ إبراهيم،ومكرم عبيد،والمازني،وعبد الحليم محمود,وحسنين مخلوف,وأحمد الطيب,ومحمد رفعت والمنشاوى,وعبد الباسط عبد الصمد وأسامة وفاروق الباز وكمال أبو المجد وزويل وإبراهيم بدران ومجدى يعقوب,والبابا شنودة وتواضروس,وجمال عبد الناصر والسادات ومبارك،ومعظم الضباط الأحرار فضلاً عن أحمد إسماعيل والجمسي والشاذلي وعبد المنعم واصل وعبد المنعم خليل ومحمد علي فهمى وغيرهم ممن قادوا نهضة مصر في كل المجالات,مع حفظ  الألقاب والمكانة,والآن هناك خطر كبير علي هذه الطبقة المصرية الوسطى حيث تتعرض للانهيار نتيجة عوامل كثيرة نعرفها جميعاً.

يمكن أن تبدأ الديمقراطية في مصر من أسفل لأعلى إذا كان العكس صعباً في هذه الأيام,فتبدأ بديمقراطية المحليات,وذلك بانتخاب رءوساء الأحياء والقرى انتخاباً حراً تنافسياً صحيحاً,وهذا سيفرز الأفضل ويجعل ولاءه الحقيقي للذين انتخبوه ويلزمه بضرورة الإنجاز علي الأرض,وسيجدد النخب المصرية بطريقة صحيحة,فإذا نجحت التجربة تصعد إلي المحافظات وحينما تتم التجربة والدولة قوية أفضل من أن تبدأ والدولة ضعيفة. من أهم الأزمات التى عصفت بالحركات الإسلامية أنها لم تغفر للدولة المدنية الحديثة أنها جاءت علي أنقاض الخلافة مع أن عليها أن تحمد للدولة المدنية الحديثة أنها حفظت الأمة من التمزق والانهيار وأوجدت بديلاً جيداً ومتاحاً عن منظومة الخلافة التى لن تسمح الدول الكبرى بها أصلاً لأنها تهدد مصالحهم كما أن فترات الخلافة الراشدة نادرة,أما خلافة الملك العضوض والتى تعنى توحد الدول فقط في منظومة فكانت تزدهر سنوات وتخبو أضعافها,لأن كل دولة وحاكم يريدون الاستقلال بخيرات بلادهم. الحسن البصرى,الفضيل بن عياض,ذى النون المصرى,الليث بن سعد,مالك بن أنس,الشافعى,الجيلاني,أبو الحسن الشاذلى,النورسى,البوطى,عبد الحليم محمود,والعز بن عبد السلام،كل هؤلاء أقاموا دولة الدعوة والتربية القوية والرصينة والرحيمة بالشراكة مع الحكام ،وباستخدام أسلوب الضغط السلمى وقوة الهداية الناعمة والإصلاح المتدرج والنصح الصادق للحكام,وهؤلاء جميعاً فهموا بحق معنى كسب  القلوب وأنه مقدم علي كسب المواقف وجلب الأنصار والمنزلة عند الناس.

مصر منذ 25 يناير وحتى الآن قد تحتاج إلي رجاحة عقل وطيب نفس وتصوف حال أكثر من غزارة علم أو طنطنة إعلام فارغ. الوطن يطير بجناحين قوة مؤسسات الدولة وقوة المجتمع، فإذا كانت مؤسسات الدولة قوية والمجتمع ضعيف أو خائف أو يغلب عليه الجهل أو التفكك الأسرى والاجتماعى أو الفقر والعوز فلن يطير الوطن ويرتفع إلي السماء. دول كثيرة تهتم بقوة المؤسسات علي حساب المجتمع,وأحيان كثيرة يقوى المجتمع علي حساب مؤسسات الدولة،وفي كلتا الحالتين لا يرتفع الوطن,وعلي الذين يظنون أن قوة المجتمع تخصم من قوة المؤسسات أن يدركوا أن قوة المجتمع قوة للمؤسسات والعكس صحيح،فلا ينبغى أن تنكمش الدولة ومؤسساتها عن دورها,ولا ينبغى لها أن تتمدد علي حساب مساحات المجتمع،ولا ينبغى للمجتمع أن يهمش مؤسسات الدولة أو يغطى على دورها,فكلاهما يخدم الآخر ويساعده. إذا دبت العافية في الأمة دخلت إلي كل مجال وذهبت إلي كل بيت وحقل ومدرسة ومؤسسة،وإذا دب المرض فيها تسلل إلي كل مكان,العافية والهمة والصلاح يعدى كما تعدى الأمراض والأوبئة. قال تعالي"فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ"آية بسيطة جداً تحتاج لتأمل عميق,لم يقل القرآن للنبي:فإن كذبوك فقل سأقتلكم,سأفجركم,سأدمركم,سأنغص حياتكم,سأسلط عليكم الألسنة الحداد صباح مساءً,بل" فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ "ما أحلم الرسل وما أرحمهم بأقوامهم,وما أقسانا علي الناس. أفضل شيء للدين أن ينساب بلطف ورفق بين الناس ليسعد المجتمع به،دون أن يشعر البعض أنه عبء عليه،أو يريد سلب سلطته ومكانته أو يفقده جاهه أو ماله,هذا الانسياب الرفيق الرقيق لا يحسنه إلا من غمر الحب قلوبهم وقدموا مراد الله علي مراداتهم ولم يدوروا حول ذواتهم.

أضف تعليق