كتب: على طه
فى تصريحات خاصة لـ "دار المعارف" تناول السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجة السابق بالشرح والتحليل كل الجوانب المتعلقة بزيارة ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة الروسية الأفريقية، الأولى والتى انطلقت اليوم الثلاثاء بمنتجع "سوتشى" فى روسيا.. وعن هذه القمة، وما سوف تتناوله، وما تنتهى إليه من نتائج تنعكس بالضرورة على المشاركين فيها، قال السفير محمد حجازى:
تستضيف مدينة سوتشى الروسية القمة الأولى الروسية الأفريقية برئاسة الرئيس بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسى بوصفه رئيسا للاتحاد الأفريقيى وفى هذه القمة إحياء روسيا لإرث تاريخى للعلاقات الروسية الأفريقية فى الحقب السوفيتى التى ساندت فيها روسيا آنذاك حركات التحرر الأفريقية ، كما ساندت روسيا هذه الدول فى بناء القاعدة، والمدن الصناعية وتأسيس جيوشها ومساندة التحولات الاشتراكية التى تبنتها أيدولوجيا.
واستمرت العلاقات وطيدة حتى تفكك الاتحاد السوفيتى وبدء مرحلة جديدة توغلت فيها الولايات المتحدة والدول الغربية بعيدا عن النفوذ الروسى وكذلك توغلت الصين وباتت روسيا تالية للعديد من تلك القوى حتى أن حجم تجارتها الذى يصل نحو 20 مليار دولار مع القارة الأفريقية هو أقل من نصف حجم مبادلات أفريقيا مع فرنسا على سبيل المثال، وأقل عشر مرات أيضا عن علاقات الصين بأفريقيا.
وكانت أغلب هذه الصادرات الروسية التى تصل إلى 20 مليار دولار للقارة الأفريقية أغلبها صادرات سلاح، ولكن يبدو أن روسيا بعد لقاءات عديدة أجراها الرئيس بوتين فى العام الماضى، وما قبله مع القادة الأفارقة بات حريصا على استعادة زمام المبادرة الروسية فى أفريقيا، وعلى غرار استعادة النفوذ والمكانة الروسية فى الشرق الأوسط بعد تدخله الحاسم فى سوري،ا عاد الرئيس بوتين ليعد الأفارقة بالعديد من المشروعات التى سيمولها بمليارات الدولارات، حسب حديثه للإعلام الروسى، وأنه سيسعى من أجل تعاون عسكرى وأمنى ومكافحة الأمراض، ودعم التعليم والتدريب دون أى تدخل سياسى بالإضافة لعروضه فى المجال النووى والطاقة والتعدين.
وبالتالى روسيا تسعى لأن تكون قوة ذات نفوذ مؤثر على الصعيد الأفريقى لتزاحم الولايات المتحدة وفرنسا والصين والعديد من الدول التى سبقت موسكو فى تأسيس علاقات شراكة مع القارة الأفريقية، الواعدة.
ولعل الصداقة التاريخية لروسيا مع القارة الأفريقية تكون الأساس الذى سيسمح لروسيا بالانطلاق من جديد بعلاقتها بالقارة واستعادت جذور الصداقة وروابطها وإحياء هذا التراث المجيد من العلاقات.
وستعقد القمة فى إطار منتدى اقتصادى يشارك فيه نحو 300 من رجال الأعمال الروس والأفارقة وثمانية منظمات إقليمية ودون الإقليمية على المستوى الأفريقى ورئيس البنك الأفريقى للتنمية وهناك نحو 40 رئيس دولة إفريقى سيشاركون فى هذه القمة الهامة وفى الواقع أن الرئاسة المشتركة ستسمح لمصر بإدارة نقاش هام ومقرب من القيادة الروسية، حيث يلتقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بقرينه الروسى فى هذه الزيارة للاحتفاء بالمستوى الاستراتيجى الذى وصلت إليه العلاقات ودرجة التفاهم والتطابق السياسى التى تجمع مصر وروسيا.
روسيا التى وقفت مع مصر دوما منذ استقلالها وساند الاتحاد السوفيتى مصر فى بناء قاعدة صناعية وبناء الجيش الوطنى واستعادة تسليحه بعد هزيمة 67 لتنتصر مصر فى معركة 73 وفى معارك الاستنزاف والتى وقفت فيها روسيا بجانب مصر وقدمت لها ما تحتاجه من السلاح بالإضافة للقاعدة الصناعية الكبرى.
وتقوم روسيا الآن بإنشاء المفاعل النووى الجديد فى مصر بالضبعة وكذلك تسعى روسيا لتعزيز علاقتها فى مجال الطاقة خاصة فى مجال الغاز الطبيعى و التعدين بالإضافة إلى إنشاء المدينة الصناعية الروسية فى محور قناة السويس وهى المدينة الصناعية التى بدأت تجتذب العديد من الشركات الروسية وتقدر استثماراتها بنحو 6 مليار دولار وهناك أيضا العديد من المجالات التى تساهم فيها موسكو فى القارة الأفريقية بالإضافة لعملية التنمية ومساندتهم سياسيا واقتصاديا والتضامن مع القارة فى مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه الأمن الإقليمى.
وسيكون المؤتمر أيضا فرصة هامة للرئيس عبد الفتاح السيسى كما هى عادته دائما لعرض مصر كفرصة استثمارية واعدة لمجتمع الأعمال الروسى والمشاركين من البلدان الأفريقية الأخرى ولعل التقارير المتوافرة أخيرا أن الاقتصاد المصرى والسعودى هما فقط الاقتصادان اللذان سيقفان مع الاقتصاديات الكبرى فى عملية النمو وتحقيق الأهداف.
وبالتالى نحن أمام خطوة استراتيجية هامة لموسكو لتنمية علاقاتها مع دول القارة فى كافة المجالات مستندة على إرث وتاريخ العلاقات ومستندة أيضا على شراكتها مثل الشراكة مع دولة مركزية كمصر.
بالإضافة إلى أعمال المنتدى الاقتصادى الروسى والقمة مع الرئيس بوتين وما سيدور فيها، كما أن المنتدى الاقتصادى سيتيح الفرصة للرئيس بوتين كما ذكر للترويج لمشروعات بمليارات الدولارات فى القارة الأفريقية وسيكون المنتدى أيضا فرصة لعرض العديد من المشروعات والتقنيات التى تملكها روسيا فى كافة المجالات مثل الزراعة والتعليم والتعدين والنقل والصحة العامة والتدريب الصناعى وعرض جهود الدولة فى تنمية الاستثمار وأيضا دور شركات القطاع الخاص الروسى فى دعم الاستثمارات فى القارة الأفريقية.
وبناء على ذلك فالقمة هى فرصة واعدة لموسكو وفرصة أيضا لمصر لتقديم القارة الأفريقية فى أبهى صورها كما هى العادة دائما فهى قارة شابة تملك اقتصاديات وموارد لا حصر لها ولكنها تحتاج لشركاء كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته الافتتاحية لدى رئاسته الاتحاد الأفريقى أن أحد جهود نجاح المرحلة القادمة بالإضافة إلى ماتم تأسيسه من منطقة تفضيلية تجارية قارية حرة هناك الشراكات مع دول مثل الصين وروسيا واليابان وكل من يرغب فى دعم وتعزيز القارة واتاحة الفرصة لها لتحقيق أهدافها الهامة فى مجال التنمية ومكافحة الإرهاب ومواجهة المخاطر الأمنية والإقليمية واستمرار النزاعات المسلحة فأفريقيا فى حاجة لكل أصدقائها وأظن أن موسكو على رأسها.
[caption id="attachment_288958" align="aligncenter" width="367"]
السفير الدكتور محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق[/caption]