د .ناجح إبراهيم  يكتب: الرئيس الزاهد المفكر

د .ناجح إبراهيم  يكتب: الرئيس الزاهد المفكرد .ناجح إبراهيم  يكتب: الرئيس الزاهد المفكر

* عاجل26-10-2019 | 19:53

سجن سنوات في عهد الرئيس اليوغسلافى تيتو وقام الصرب بمذابح عرقية لقومه طالت مئات الآلاف,بقروا بطون الحوامل,ودمروا بلاده اغتصبوا مئات النسوة المسلمات من قومه,وبعد أن أصبح أول رئيس للبوسنة والهرسك قيل له:هل تكره الصرب؟أجاب:أنا لا أكره أحداً ولكنى أشعر بالمرارة مما حدث. قال عنه وزير خارجيته حارث سيلايديتش"أثناء عملي معه اكتشفت أن الرجل لا يحمل في صدره ضغينة لأحد ويحترم كل الآراء,وكان يخاطب جماهير الصرب والكروات:إننى أخاطب كل من لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء فهم موطن ترحيب في دولة البوسنة والهرسك".
ولم ينس بعد صعوده لسدة الرئاسة ذلك السجين الجنائي الذى خاطر بتهريب كتابه"الإسلام بين الشرق والغرب"ومدحه قائلاً"الذين نسميهم مجرمين يعرفون الصداقة عادة ومستعدون للمخاطرة من أجل الآخرين أما من نسميهم طيبين فإنهم يكونون مجردين عادة من هذه الفضائل"وهذه والله عشناها ورأيناها بأنفسنا كثيراً.
يوصف بالرئيس الزاهد فقد عاش في شقة من غرفتين تملكها رياسة البوسنة والهرسك دون خدم أو بذخ ولم تكن لأولاده أية ممتلكات. تأثر وهو صغير بالفكر الشيوعى السائد في يوغسلافيا ولكنه أدرك بعد ذلك تهافت هذا الفكر أمام عظمة الإيمان بالله وتوحيده ,وجاء ذلك بعد تفكير وتأمل طويل منه فها هو يشيد بالصيام"الصيام أعلي تعبير عن الإرادة والحرية"ويشيد بالصلاة"إذا كانت الحياة تفرق الناس فإن المسجد يجمعهم ويمزجهم إنها المدرسة اليومية للتآلف والمساواة والوحدة ومشاعر الود"ويشيد بالدقة والترتيب وإيمانيات الصلاة فيقول:"ليست الصلاة مجرد تعبير عن موقف الإسلام من العالم إنما هي انعكاس للطريقة التى يريد الإسلام بها تنظيم العالم.
ويبين واقعية الإسلام"الإسلام طريقة حياة أكثر من طريقة تفكير"وينعى علي المسلمين التخلف والتبعية فيهتف بهم"الإنسان لا يستطيع أن يكون مسلماً ويبقي متخلفاً"ويردد"يعتقد بعض الناس أن انتماءهم الدينى يحررهم من مسؤولية التفكير".
ويوضح الفرق بين الثقافة والحضارة قائلاً"موضوع الثقافة الإجابة علي سؤال لماذا نحيا؟أما الحضارة فتجيب عن سؤال:كيف نحيا؟فالأول عن معنى الحياة والثانى عن كيفيتها". ويتحدث عن الشباب قائلاً"الجنون في الشباب هو شرط الحكمة في الكبر"ويحذر كل من يريدون الحكم بالإسلام فجأة في مجتمعاتهم التى تعج بالفساد"الحكم بالإسلام دون مجتمع إسلامى إما أن يكون خياليا وإما عنفاً وقهراً"وهي كلمات دقيقة وعميقة لا يدركها إلا من عركته التجارب. ويوضح قيمة الخطأ والندم"أن تخطئ وتندم يعنى أن تكون إنساناً".
ويعيب علي الإعلام الجماهيرى في النظم الشمولية والديكتاتورية"إن ما يسمى بوسائل الإعلام الجماهيرية في الحقيقة وسائل للتلاعب بالجماهير""ويقول"إذا كان من الممكن استلام السلطة بالوعود فالمحافظة عليها لا تكون إلا بالنتائج. ويسعد بتوافق القلب مع العقل"يحتار عقلي ويسأل ولكن قلبي دائماً يقف إلي جانب الإيمان ولحظات سعادتى حينما يتوافق عقلي وقلبي".
ويفرق بين الأخلاق والسياسة"الأخلاق النفعية ليست أخلاقاً حقيقية فهى تنتمي للسياسة أكثر من انتمائها للأخلاق"ويشيد بالفن الهادف"الفن في بحثه عما هو إنسانى أصبح باحثاً عن الله".
وينصح الجميع بالدوران حول الإنسانية لأنها تعنى التدين الحقيقي:"لا يمكننا بلوغ الكمال ولكن علينا أن نكون دوماً أكثر إنسانية فليحاول كل إنسان أن يكون إنسانا بحق"ويردد"هناك أناس يعيشون فقط بيلوجيا وهم أموات عاطفيا ونفسياً,أن تحيا روحيا ًفهى الحياة.
ويعيب علي الذين يزورون التاريخ"لا يصح أن يكتب التاريخ أولئك الذين صنعوه وكانوا جزءً منه". ويهتف بأروع الحكم قائلاً"لا تقتل البعوض ولكن جفف المستنقعات"ويفرق بين الإيمان والمؤمنين والدين والمتدينين"لا شيء أسمى وأعمق من الإيمان ولا شيء أكثر غباءً ومللاً من بعض المؤمنين"ويردف"خطوة واحدة فقط بين عدم الفهم والعدوانية". كان يرى أن الصحة أهم من الحرية قائلاً:عندما تكون في السجن تكون أمنيتك الوحيدة هي الحرية وعندما تمرض في السجن لا تفكر في الحرية وإنما بالصحة,فالصحة تسبق الحرية".
رحم الله الرئيس البوسنى الأسبق الزاهد والمفكر والمناضل د/علي عزت بيجوفتش الذى تمر ذكرى وفاته هذه الأيام،رحمه الله رحمة واسعة فهو القائل"المعرفة الحقيقية لا تأتى إلا بعد الموت"سلام علي المخلصين في كل زمان.
أضف تعليق