إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: بصراحة !

إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: بصراحة !إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا»: بصراحة !

*سلايد رئيسى30-10-2019 | 13:29

هذه قضية تحتاج إلى قدر كبير من الصراحة والمصارحة.. ولذلك اخترت لها هذا العنوان.. بصراحة.. أعرف أن العنوان "ملكية خاصة" للصحفى العظيم الراحل محمد حسنين هيكل، لكننى لم أجد عنوانا أصلح منه لكى أبدأ به مناقشة هذه القضية.. والقضية هى ثورة 25 يناير وقد تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مجمل حديثه عن سد النهضة، وقال لو لم تكن أحداث 25 يناير لما فكرت إثيوبيا.. مجرد التفكير.. فى بناء سد النهضة.. فإذا بكلمات الرئيس تعيد ثورة 25 يناير إلى دائرة الضوء مرة أخرى وتفتح بابا واسعا للجدل.. هل كانت أحداث 25 يناير ثورة أم مؤامرة؟ هل بدأت ثورة فتحولت إلى مؤامرة أم كانت مؤامرة فجّرت الثورة.. وإذا كانت ثورة فما أسبابها الحقيقية؟ هل كان الغلاء وارتفاع الأسعار؟ هل هى الطريقة التى كانت أجهزة الشرطة تتعامل بها مع الموطنين؟هل هو المناخ السياسى الذى كتم على أنفاس المصريين؟.. عندما قامت ثورة 25 يناير كنت رئيسا لمؤسسة دار المعارف ومجلة أكتوبر الصحفية.. وقد أتاح لى موقعى أن أكون أكثر قربا من الأحداث وأكثر تواصلا مع المسئولين.. وكان انطباعى أنها مؤامرة مكتملة الأركان.. حضرت اللقاء الذى دعا إليه الراحل عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية فى هذا الحين.. كان هدف الاجتماع اطلاع القيادات الصحفية على خبايا الأمور.. الصحف أيامها نشرت ما قاله اللواء عمر سليمان لكنها لم تنشر تساؤلات وتعقيبات القيادات الصحفية. من أهم ما سمعته ما قاله الزميل ممتاز القط الذى كان يشغل أيامها موقع رئيس تحرير أخبار اليوم.. قال ممتاز القط إن ما حدث مؤامرة واضحة المعالم وأن واجب الدولة أن تتصدى بكل حزم وحسم لهذه المؤامرة.. والحقيقة أن عددًا غير قليل من الحاضرين أبدى استنكاره لما قاله ممتاز القط الذى رد عليهم قائلا: اسألوا عمر بك سليمان إن كنت كاذبا أو مبالغا.. اسألوه هل يستطيع أن ينفى ما أقول.. وسكت اللواء عمر سليمان ولم يرد.. ولم ينفِ! وسمعت من أحد قادة أجهزة الأمن رواية عجيبة.. قال لى المسئول الأمنى: إن أجهزة المخابرات المصرية رصدت وصول عدد كبير من ضباط المخابرات من جنسيات مختلفة.. وصلوا كلهم إلى مصر قبل شهر تقريبا من أحداث 25 يناير.. وكان غريبا أن تكتشف أجهزة المخابرات أن هؤلاء الضباط الأجانب أقاموا جميعا فى شقق وفنادق تطل على ميدان التحرير!.. وروى لى ضابط بالشرطة العسكرية أنه كلّف خلال أحداث 25 يناير بالصعود إلى إحدى الشقق السكنية فى إحدى العمارات المطلة على ميدان التحرير وأنه قام باقتحام الشقة المقصودة على رأس مجموعة من جنود الشرطة العسكرية فوجد فى الشقق ما أثار دهشته.. قال لى ضابط الشرطة العسكرية: إنه وجد مجموعة من الفتيات والشبان وكانوا جميعا يتحدثون بلهجة شامية ويرتدون ملابس خليعة.. وتم العثور على كميات كبيرة من الدولارات وعدد كبير من علب دواء تبين أنه مخدر قوى يفقد أى إنسان الشعور بالألم.. سألت ضابط الشرطة العسكرية وما الذى توصلتم إليه بعد اقتحام الشقة السكنية وضبط الدولارات والأدوية المخدرة فقال لى: اقتصرت مهمتى على اقتحام الشقة وإلقاء القبض على المتواجدين وتسليمهم مع المضبوطات لأجهزة الأمن.. واختتم الضابط كلامه بقوله: لكنك طبعا تستطيع أن تستنتج ما حدث!.. سمعت أيضا من عدد من المسئولين روايات كثيرة عن تلقى عدد غير قليل من شباب الثورة تدريبات خاصة فى صربيا وكرواتيا للتظاهر والاعتصام ومواجهة أجهزة الأمن. كل هذه الحوادث والملابسات جعلتنى أكثر ميلا لنظرية المؤامرة.. غير أن الأهم من ذلك كله أحداث العنف التى تزامنت مع ما يعرف بجمعة الغضب والتى أدت إلى انهيار أجهزة الأمن تماما!.. كان لافتا للنظر أن تتعرض أقسام الشرطة فى كل محافظات مصر وفى توقيت واحد تقريبا لهجوم عنيف من الجماهير.. وكانت النتيجة تدمير وحرق أقسام الشرطة وسرقة السلاح الموجود داخلها.. كما تعرضت كل سيارات الشرطة خاصة سيارات الأمن المركزى إلى هجوم كاسح من الثائرين أدى إلى احتراق هذه السيارات بأكملها.. وكان غريبا أن عمليات حرق السيارات تتم بأسلوب واحد.. إشعال وتفجير خزان الوقود. هجوم شامل على أقسام الشرطة فى كل محافظات مصر وفى توقيت واحد.. وحرق سيارات الشرطة فى كل محافظات مصر بأسلوب واحد.. كيف لا تكون مؤامرة؟! هكذا استقرت قناعاتى الخاصة.. أحداث 25 يناير أو ما تسمى بثورة 25 يناير ليست إلا مؤامرة خاصة أن الولايات المتحدة وكثيرًا من الدول الأوروبية ساهمت بتصريحاتها وتهديداتها فى إسقاط النظام فى مصر.. لكن ذلك كله لم يمنعنى من الاستماع إلى الذين يقفون على الجانب الآخر من النهر.. إلى الذين يؤيدون الثورة ويعتبروها انتفاضة شعبية ضد النظام لأسباب متعددة.. الوضع الاقتصادى المتردى.. طريقة تعامل أجهزة الشرطة مع المواطنين.. شبح التوريث الذى بدأ يطل برأسه على معظم الصحف وأجهزة الإعلام.. الحريات التى تقلصت إلى درجة غير مسبوقة. وأعترف أننى وقعت فى حيرة بالغة.. أيهما على حق، أصحاب نظرية المؤامرة أم أصحاب نظرية الثورة الشعبية، الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة عندهم منطقهم وعندهم دلائلهم.. والذين يؤمنون بأنها ثورة شعبية عندهم منطقهم وعندهم دلائلهم.. ويزيد من صعوبة المسألة أن هناك آخرين كانت لهم وجهات نظر مختلفة.. كان هناك من يؤمن بأنها ثورة تحولت إلى مؤامرة.. ومن يؤمن بأنها كانت مؤامرة لكن الشعب تصدى لها وحولها إلى ثورة شعبية.. وكان لهؤلاء أيضا منطقهم ودلائلهم!.. وأعترف أننى لم أستطع تحديد أى فريق كان على حق.. وحتى مع إيمانى الشخصى وقناعاتى بأن ما حدث يوم 25 يناير 2011 كان مؤامرة.. لم أستطع تجاهل آراء الآخرين.. ولم أعرف الإجابة الصحيحة.. لكننى فجأة تذكرت قصة الفيل والعميان!.. تقول القصة وهى فى الحقيقة أسطورة هندية إن ستة عميان سمعوا أن فيلا كبيرا سيؤتى به إلى بلدتهم بمناسبة أعياد الحصاد.. لم يرَ أحدهم فيلًا من قبل فطلبوا من الحاكم أن يسمح لهم بلمسه ليتعرفوا عليه.. وافق الحاكم لكنه اشترط على العميان الستة أن يقوم كل واحد منهم بمفرده بلمس الفيل ثم وصفه.. لمس الأعمى الأول ذيل الفيل فقال: إن الفيل عبارة عن حبل.. ولمس الثانى جسم الفيل فقال إن الفيل عبارة عن حائط.. ولمس الأعمى الثالث أنياب الفيل فقال إن الفيل عبارة عن خنجر!.. ولمس الأعمى الرابع أذن الفيل فقال إن الفيل عبارة عن مروحة.. ولمس الأعمى الخامس خرطوم الفيل فقال إن الفيل عبارة عن ثعبان ضخم.. ولمس الأعمى السادس رجل الفيل فقال إن الفيل أقرب ما يكون لجذع الشجرة. وهكذا أخطأ العميان الستة فى وصف الفيل لكنهم كانوا أيضا على حق إذا وضعنا فى الاعتبار أنهم لم يلموا بالحقيقة كاملة وإنما بجزء منها!.. وأظن أن الحكم على ثورة 25 يناير يجب أن يكون بنفس المنطق.. فليس هناك من يدرك الحقيقة كاملة.. فإذا اختلفت الآراء فى توصيف الثورة.. فليس هناك من هو على صواب ومن هو على خطأ.. وإنما هناك من أتيح له أن يعرف جزءًا من الحقيقة يختلف عن الأجزاء الأخرى من الحقيقة التى يعرفها الآخرون!.. وبهذا المنطق نستطيع أن نقول إن ثورة 25 يناير كانت انتفاضة شعبية وكانت مؤامرة وكانت تعبيرًا عن غضب شعبى.. وكانت ترجمة لموجة احتجاج ضخمة.. كل ذلك صحيح!.. وإذا كنا قد اختلفنا حول حقيقة ثورة 25 يناير وتوصيفها.. فأظننا لن نختلف على تحديد نتائج هذه الثورة.. هل يختلف اثنان على أن هذه الثورة جاءت بالخراب المستعجل لمصر وشعب مصر؟! هل يختلف اثنان على أن الثورة ضربت السياحة فى مقتل ودمرت الصناعة وتسببت فى إغلاق مئات المصانع وأدت إلى تآكل الأرض الزراعية نتيجة الاعتداء عليها فى ظل غياب القانون؟! هل يختف اثنان على أن الثورة أحدثت انشقاقات وانقسامات فى النسيج الوطنى؟! هل يختلف اثنان على أن الثورة أضعفت مصر فسمحت للإرهاب باستباحة أرضها.. وسمحت لإثيوبيا بالتجرؤ على حصتها من مياه النيل؟! وليس معنى ذلك كله أن نكتفى بالنظر إلى نصف الكوب الفارغ.. وإنما علينا أن نبحث عن النصف الممتلئ.. فإذا فعلنا فسوف نكتشف أن ثورة 25 يناير أفادت مصر والمصريين فائدة عظيمة.. وهل هناك فائدة أعظم من أن تكون مصر قد أصبحت محصنة تماما ضد الفوضى وضد الثورات التخريبية وضد الاستقرار؟.. وهل يمكن أن نختلف على أن المصريين لن يسمحوا من تلقاء أنفسهم بأى 25 يناير أخرى؟.. ولا يجب أن تعتمد الحكومة ويعتمد المسئولون على هذه الحقيقة فيتخاذلوا عن خدمة الشعب وتحقيق أهدافه.. وإنما عليهم أن يكافئوا الشعب على هذا الوعى.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2