كتب: عاطف عبد الغنى
طبقا لقانون ولاية تكساس، فإن هذا الشخص المطلوب القبض عليه، والمرصود مكافأة قدرها 100 ألف دولار لمن يدلى بمعلومات ترشد عنه، عقوبته على الجريمة التى ارتكبها هى الإعدام بالحقنة القاتلة.
اسمه ياسر عبد الفتاح محمد سعيد، وهو حسب نشرة مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (إف بى أى) من أخطر عشرة أشخاص هاربين، ومطلوبين للعدالة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وتحذر نشرة الـ (أف بى أى) من أن ياسر مسلح خطر، وتوضح أنه مطلوب لتورطه في قتل ابنتيه اللتين لقيتا حتفهما نتيجة التعرض لإطلاق رصاص كثيف عليهما، وذلك في يوم الأول من يناير ۲۰۰۸ بمدينة "ايرفينج" بولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية.
الأب القاتل..
الأب القاتل مصرى من سيناء، هاجر فى أوائل الثمانينات إلى الولايات المتحدة، و تزوج من أمريكية تبلغ من العمر 15 عاما، وهو فى ضعف عمرها، وعلى الرغم من اختياره بإرادته السفر إلى أمريكا والعيش فى مجتمع الغرب إلا إنه ظل يحمل بداخله ثقافته المصرية العربية الإسلامية، التى تتناقض مع كثير من قيم الغرب وخاصة فى العلاقات الاجتماعية، ومن هنا تفجرت الأزمة ووقعت المأساة.
أحد المدونات التى تحمل اسم "شىء للروح" نشرت بعض تفاصيل من قصة ياسر لكن المدونة الغامضة تحكى القصة من وجهة نظر ليست عادلة، وتميل بشكل فج لشيطنة المصرى المسلم تمشيا مع الموضة فى الغرب، وتنتصر لقيم الغرب، لكن نستطيع منها أن نفهم – على الأقل - الدراما الحياتية التى قادت فى النهاية ياسر لارتكاب الجريمة.
فى أمريكا..
والمشهد الأول فى هذه الدراما يبدأ مع سفر ياسر إلى أمريكا، واحتياجه بشدة للزواج من إمرأة تحمل الجنسية الأمريكية ليحصل على الإقامة فى الولايات المتحدة، لأن تأشيرته كانت قد قاربت على الإنتهاء، ومنذ اليوم الأول لزواجه ظهر الاختلاف بين ثقافتي الزوج والزوجة، على سبيل المثال فى إحتفال الزواج الذى تم فى كنيسة ظهرت أولى معالم الإختلاف بين الجانبين فى ملابس نساء أهل العريس المغطيات بالقماش الطويل و بين ثقافة أهل العروسة و انتحت الخالة "جال" الأمريكية بابنة أختها العروس التى تدعى بتريشيا تسى و حاولت أن تنبهها إلى أنها تزج بنفسها فى زواج من شخ ينتمى لثقافة مختلفة.
وحسب المدونة التى نقلت القصة من صحيفة أمريكية : حاول ياسر أن يفرض شكلا معينا من الحياة فى منزل الزوجية يتوافق مع عقيدته (الإسلامية) فتوقفت زوجته "تسي" عن وضع الزينة و أكل الخنزير، و كانت تصوم فى مناسبات المسلمين، و كان لزاما عليها أن تحصل على إذنه لتتكلم أو لتخرج مع أصدقاء.
وفى ذات مرة أوقف ياسر سيارته مانعا أخت زوجته من أن تحرك سيارتها عندما جاءت لتأخذها فى يوم من الأيام و قد إشتدت الخلافات بينهما، و هددها بالإيذاء وأطلق الرصاص على إطارات سيارة زوجته ذات يوم أخر لكى لا تهجر المنزل، و تتركه وتوصلت معه الشرطة إلى تسوية بأن يحضر تدريبات خاصة بتعليم التحكم فى نوبات الغضب.
وأنجب ياسر من زوجته الأمريكية طفل اسماه إسلام، وبعد إسلام أنجب طفلتيه أمينة وسارة، وأضطر ياسر أن يعمل لوقت من الأوقات كسائق تاكسى لينفق على الأسرة فى بلد لا ترحم، و لكن أصبح نادرا ما يخرج لقيادة التاكسى فهجرته زوجته لمدة سنة، و طبقا للشرطة ثأر ياسر لنفسه بأن هدد الزوجة بالعودة إلى مصر وأنها لن ترى أطفالها أبدا، لكن إلتئم شمل الأسرة من جديد، و عمل ياسر فى متجر و عاشت الأسرة فى كوخ بلا حمام ملك أحد أفراد العائلة، و كان عليها أن تستعمل "جردل" ، وكان دخل الأسرة فى وقت من الأوقات، أقل من عشرين ألف دولار فى السنة، و هو دخل منخفض جدا فى أمريكا، و فى وقت من الأوقات أعادت المدرسة الطفلتين الصغيرتين إلى المنزل طالبة من الأهل أن يتخلصوا من الحشرات فى رأسيهما، أولا قبل أن يعودا إلى المدرسة.
شيطنة..
ألصقت المدونة بالأب كل ما من شأنه شيطنته، فى حين برأت الأم من أى عيب.
وفى باقى القصة أن إسلام الأبن الأكبر لـ "ياسر" (تسمى هكذا رغم أن أمه مسيحيه) , أكبر من أمينة فى العمر بسنة، و هو غريب الأطوار , غير تام النمو فى العقل، و صنفته الدولة إنه يجب أن يدرس فى المنزل، و كانت تصرف شيكا للأسرة كل شهر فى مقابل أن يدرسوا للإبن إسلام فى المنزل و كان إسلام يطلق لحيته بحسب ما نبت منها بالنسبه لسنه، و رغم إنه لما إعتدى ياسر على البنتين هدد إسلام الطفل فى ذلك الوقت إنه سيضرب أبوه بقبضة يده جزاء ما فعل بشقيقتيه إلا أنه يضع فى صفحته على موقع "ماى سبيس" أن أبيه ياسر قدوته، و مثله الأعلى فى كل شيء قد تبدل بمرور الوقت و كان ترتيب سلطة الأمر فى البيت : ياسر فإسلام فبتريشيا ثم البنات.
استغلت الأسرة المبلغ الذى تلقته من الحكومة لتعليم إسلام فى المنزل بأن حسنوا مستوى معيشتهم قليلا، و إستأجروا بنظام الرهن العقارى منزل متواضع فى مدينتهم التى يعيشون فيها "لويسفيل" فى تكساس و كان ياسر يمنع البنتين من الخروج من المنزل إلا بصعوبة و يعهد لإسلام بمراقبتهن, و كان إسلام يصاحبهن حتى أتوبيس المدرسة و يتلقاهن عندما ينزلان من الأتوبيس عند العودة، و كان ياسر لا يخرج من منزله للعمل على التاكسى إلا ليلا (لذلك كان يحمل مسدسا)، وبعد أن يعود إسلام من المكان الذى يعمل فيه ليستلم المراقبة من الأب، و كان أقرب صديق للبنتين هو بعضهما لقلة خروجهما فلا يخرجان إلا للمدرسة أو للتمرين، و عاشا فى تألف و إنسجام مع بعض، وكبرت البنتان، وحدث أن عرف ياسر من خلال تتبع فاتورة تليفون أمينة و الأرقام المتعاملة معه أنها على علاقة بشاب , و أخبره "المراقب" إسلام أن أخته الأخرى سارة أيضا أحبت فتى، فجن جنونه و هددهما بالقتل و لوح بمسدسه.
العلاقة..
سارة أحبت "إيريك" زميلها فى العمل و فى المدرسة أيضا و تحفظ رقمه فى تلفيونها، تحت اسم فتاة , و أمينة أحبت "إدى" الذى كان يعمل فى جز العشب فى ملعب التنس و أخبرته أمينة أن أبوها يسألها باستمرار إن كانت مازالت عذراء , ووصفت أبيها أنه معتوه وأنها تتمنى له الموت.
و فى اندفاعهما فى الحب، دخلت أمينة و إدى فى علاقة جنسية كاملة، وبعد مرور وقت طلبت أمينة من عشيقها (يسمونه فى الغرب صديق) أن يتزوجها، وخططت الأم وبنتيها و العشيقين للهرب بعيدا عن ياسر, (أمينة و إدى و سارة و إريك و بتريشيا) و اكتشف ياسر ذلك فهدد الأبنة الكبرى بالمسدس، لكن هربت الفتاتان إلى حيث توجد الأم فى محل كروجر حيث تعمل هناك أيضا، و جمع زملائهم فى كروجر المال لهم ليهربوا و بدأوا التنفيذ فورا و نجحت خطة الهروب فعلا إلى مكان بعيد ليبدأوا حياة جديدة مريحة و بدون مشاكل (الوصف للمدونة) لكن أوقع بهما الشيطان الداهيه فى فخ النهاية، وأطلق على ابنتيه رصاصات مسدسه ليسقطا قتيلتين.
وبعد..
فهذه القصة التى نقلناها عن مصادر غربية بتصرف، اختصرنا منها ما يشتم فيه رائحة التمييز الدينى والعرقى ضد الإسلام والعرب، وبعض عبارات موجهة للجمهور لكسب التعاطف مثل : " كانت أمينة جميلة للدرجة التى ترشحها بشعرها المفرود الأسود و عيونها الخضراء و جلدها المماثل للون قهوة اللبن بالكريمة أن تكون فتاة غلاف على مجلة سبعة عشر.. (هكذا تقول جلينا ويتلى صحفية دالاس أوبزيرفر التى حققت القصة ونقلت عنها مدونة "شىء من الروح"..).. انتهى.