بينما كنت عائدا من عند أحد الأطباء بعد منتصف الليل وأسير مترجلاً في طريق العودة للمنزل، وإذ بسيارة ملاكي تمر من خلفي عكس الاتجاه بأحد الشوارع الرئيسية بالمدينة التي أعيش بها، وعلي أثرها سرعان ما بدأت ذاكرتي تعمل علي طريقة الفلاش باك، لتدارك مواقف كثيرة نعيشها جميعا كل يوم، سيارة عكس الإتجاه وثانية تكسر إشارة مرور، وقائد ثالثة يُحَمْل آخر خطأ هو فاعله لكنه يوهم نفسه بأنه لا يراه، وصديق مثقف ووجيه يفتح نافذة سيارته لتلقي منها ابنته الصغيرة مخلفات والدها ليأصل بطفولتها البريئة عادته الموروثة، وفتي يتحرش بطالبة تقريباً في سن أخته، وعلي أماكن إستراحة أهالي المرضي بالعيادات الخارجية للنساء بمستشفيات القصر العيني يسكب الأمن زيت الدراجات النارية لإجبار من يبيت عليها مخالفاً إلي الإبتعاد، أما من يستريح فقط في الأوقات المحددة فله الله،،، إلخ.
السير عكس الاتجاه هو عبارة عن مجموعة من الإتجاهات المعكوسة تمثل الجزء الفارغ من الكوب الذي بحوزتنا، سلكناها عكس اتجاه ضميرنا الحي الموروث، وعكس إتجاه ديننا الذي يحض علي الرحمة والتآخي وتقبل الآخر وما إلي ذلك من مبادئ متجذرة في أعماق أرضنا الطيبة، ولكن ستظل عالقة بالذهن تلك الصور الأخري التي تمثل الجزء الملئ بالخير من هذا الكوب، فذلك الجندي المصري علي خط المواجهة هو خير مثال وخير دليل علي انه لازال يحمل بصمة جينية ليس لها مثيل عند كل الأمم، تدافع بكل قوة وحسم عن مقدرات شعب من المؤكد أنه سيصل بإصراره إلي ما يصبو إليه، فقط مطلوب وقفة من كل فرد في مجتمعنا العظيم لضبط البوصلة وعكس الإتجاه نحو الطريق الصحيح.
كل تلك اللقطات السابقة هي عبارة عن مجموعة لا نقبل بأي حال من الأحوال أن تستمر، أقترحت وأعيد إقتراحي بإمكانية القيام بحملة مجتمعية نسميها حملة " تعديل سلوك " - وزارات :التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والشباب والرياضة يكونوا هم بناتها وشركاء أساسيين فيها، علماء النفس والإجتماع ورجال الدين وكُتاب مصر الأوفياء لابد أن يجتمعوا علي حب مصر ضمن تلك الحملة بقصور الثقافة ومراكز الشباب - في المدارس والجامعات، لدعم كل أبناء مجتمعنا ولشحذ الهمم وتوعية الصغار والكبار بضرورة ترتيب وتنظيم الأدوار وضبط ردود الأفعال ودفع المجتمع ككل للعودة إلي أخلاق الزمن الجميل... ولم لا .