د. ناجح إبراهيم يكتب: السجاد .. المحبة تمشي علي الأرض

د. ناجح إبراهيم يكتب: السجاد .. المحبة تمشي علي الأرضد. ناجح إبراهيم يكتب: السجاد .. المحبة تمشي علي الأرض

*سلايد رئيسى7-12-2019 | 19:52

كان زين العابدين بن علي"السجاد"إذا نقده أو انتقصه أحد يرد عليه بقوله "اللهم إن كان صادقا فاغفر لي وإن كان كاذباً فاغفر له"وسبه رجل وهو خارج من المسجد فحاول تلاميذه الفتك به فزجرهم قائلاً:دعوه،ثم أقبل عليه"ما ستره الله عنك من عيوبنا أكثر،فهل لك حاجة نعينك عليها"فاستحيا الرجل فألقى إليه زين العابدين ثوباً نفيساً كان عليه وأمر له بعطاء"فكان الرجل إذا رآه يردد:إنك حقاً من أولاد الأنبياء. كان لا يكره أحداً،محباً للخلائق حتى أنه رفض أن يدعو علي الذين قتلوا أباه سيد الشهداء الحسين"رضي الله عنه"رغم شهوده المجزرة الرهيبة التى دارت رحاها علي آل الحسين ورؤيته لأبيه يقتل غريباً وحيداً لا يجد له مأوى بالعراق رغم أن 14 الفاً منهم بايعوه،ولولا مرض زين العابدين الشديد والتزامه الفراش أثناء المعركة لأدرك أباه. لم يكن زين العابدين السجاد إماماً في العلم والفقه والقرآن والحديث فحسب ولكنه كان إماماً في العفو والإحسان والرحمة،ووالله أنها لأشق علي النفوس من العلوم جميعاً،إنها العلم بالله وهو أصعب من العلم بأمر الله الذي يحسنه الكثيرون،أما العلم بالله فلا يحسنه إلا من صنعهم الله علي عينه واصطفاهم لنفسه. كان السجاد يستغفر الله كل يوم نيابة عن كل عاصى لم يتب عن معصيته،ويشكر الله نيابة عن كل صاحب نعمة قصر في شكرها أو جحدها،ويذكر الله نيابة عن كل غافل غرته الدنيا فأنسته     ذكر الله،وكأنه محامى الخلائق أمام الخالق،يحزن لجحودهم ومعصيتهم،يرجو لهم السلامة ويحب لهم السداد،يحمل لهم الحب الخالص الذى ملأ قلبه وفاض حتى غمر الناس جميعاً. كان السجاد إذا خرج من بيته دعا ربه"اللهم إنى أتصدق اليوم بعرضى علي من استحله"ففى أوقات الصراع السياسي تستحل الحرمات وتباح الأعراض الشريفة ويكثر تطاول السفهاء ولا تسمع إلا نباح السوقة وسفاهات  الدهماء في سباق التفحش والفضلاء ينالهم الكثير منه وتطالهم الألسنة الحداد الكاذبة الفاجرة فلا يكلفون أنفسهم مؤونة الرد،لأن ذلك سيزيد التفحش اشتعالاً فيظن البعض أنه قليل الحيلة ساقط الهمة فيه بعض ما قيل. ولا يدركون أن درجات الإحسان تمنع الفضلاء من الولوغ مع الرعاع في التفحش،فهذه عائشة "رضي الله عنها"لم تنطلق بكلمة أمام البهتان العظيم الذي لحق بها في حادثة الإفك حتى برأها الله من فوق سبع سموات . أي عفو ورحمة وإحسان ومحبة للناس تلك التى وصل إليها زين العابدين فقد دخل يوماً يعود محمد بن أسامة بن زيد فبكى الأخير فقال له:ما يبكيك؟قال:عليّ دين قال : كم هو؟قال"15 ألف دينار،فقال السجاد دون تردد:هىّ علي . وكان يقول في مثل هذا المعنى "إنى لأستحى من الله أن أرى أخاً فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا،فإذا كان يوم القيامة قيل له:"إذا كانت الجنة بيدك كنت بها أبخل". ما أجمل هذه المعانى الإيمانية التى تعطى لهذا الدين العظيم رونقاً من الحب والإنسانية والرحمة،آه يا زين العابدين كم تعلمنا منك ولكننا لم نتأدب بعد بأدبك وحلمك. العلم يسير ولكن تطبيقه صعب علي نفوسنا التى لم تتشرب بعد من معين النبوة الصافى . آه يا زين العابدين السجاد،ما أجمل اسمك،لقد أطلق عليه هذا الاسم لكثرة سجوده وعبادته بخشوعها وتلازمها مع سلوكه وخصاله،كان يصلى معظم الليل فإذا جاء وقت السحر ظل يدعو ويدعو. أدعية السجاد جمعت فيما يسمى"الصحيفة السجادية"وهى الثمرة الإيمانية والتربوية الرائعة لهذا العالم العابد،ومن قرأ هذه الأدعية فسيعرف الله لأنها مثل البريد بين الأرض والسماء،وسيتربى علي أنماط من الرحمة والتواضع والأدب مع الله والناس،سلام علي النبيين وعلي أتباعهم وآلهم المحسنين .
أضف تعليق

إعلان آراك 2