حوار أجراه : عاطف عبد الغنى
على طائرة العودة من منتدى شباب العالم.. من شرم الشيخ إلى القاهرة دار هذا الحوار فوق السحاب مع نائب البرلمان الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
المناسبة فرضت وجودها لذلك كانت مفتتحا للحوار.. والمناسبة هى منتدى شباب العالم، وفعالياته، ونتائجه، وحضور حوالى 7 آلاف شاب وفتاة من 196 دولة، وسألناه: هل جاء هؤلاء الشباب سفراء لبلادهم، وسوف يعودون إليها محملين بصورة مصر الآمنة والمستقرة، والتى تمد أيديها بالسلام لكل شعوب العالم لتحقيق التنمية والاستقرار، وهو ما جعلها هدفا يسود العالم لنبذ الصراعات والانقسامات والاتجاه بكل جديد نحو البناء والتقدم؟!
ما سبق وأسئلة أخرى هى موضوع هذا الحوار مع كاتب ومفكر وسياسى.
* ما تقييمك لنتائج منتدى شباب العالم فى نسخته الثالثة؟
** منتدى شباب العالم مهم جدا وأبعاده ليس مجرد جمع شباب من كل دول العالم فقط، لكن جمع أكثر من 7 آلاف شاب وفتاة من كل أنحاء العالم يعطى رسالة بأن مصر دولة مستقرة وآمنة وقادرة على تنظيم محفل من هذا النوع دون حدوث أى مشاكل، ويدل أيضا على أن أى دولة أخرى لم تستطع تنظيم هذا الحدث مثل مصر.
تكاليف المنتدى
* يسأل البعض من أين ولماذا تدفع مصر تكاليف مثل هذا المنتدى؟
** بالنسبة لتكاليف تنظيم المنتدى لم تنفق الدولة المصرية أى مليم واحد من الموازنة أو الأموال العامة على هذا المنتدى، ولكن تكون التكلفة بالكامل على الرعاة، والمنتدى يعرف شباب العالم الذين جاءوا إلى مصر ويمثلون 196 دولة وبعضهم يأتون لأول مرة يشاهدون جمال مصر وهدوءها واستقرارها وقد شاهدوا هؤلاء الشباب بأعينهم المناطق السياحية بشرم الشيخ على أرض الواقع من رقى وتقدم وأمن وأمان فى مدينة السلام، والمنتدى يوصل رسالة للعالم أجمع أن مصر مستقرة وقادرة على تنظيم المنتدى العالمى، ومكاسب مصر من هذا المنتدى عديدة للغاية ربما لا يدركها البعض.
* هل المنتدى يخلق أجيالا جديدة من الشباب نستطيع أن نقول أنهم سفراء لمصر فى المستقبل؟
** المنتدى سنوى وعندما يحضر عدد كبير من الشباب من مختلف العالم ونرى رفع أعلام معظم دول العالم من الصين واليابان فى أسيا، والبرازيل فى أمريكا اللاتينية، والنرويج وهولندا فى أوروبا، إلى كل ألوان الأعلام الإفريقية، وبالتالى تكون كل دول العالم حضرت فى مدينة شرم الشيخ وسيحكى الجميع ما شاهده فى المنتدى من روعة التنظيم، واستقرار الأمن، أيضا جمال الطبيعة وهم سيكونون سفراء بلادهم سيلقون الصورة الناصعة عن مصر من تقدم وازدهار وترك انطباع جيد عن مصر وشعبها التى أصبحت حديث العالم.
الملف الطائفى
* بصفتك البرلمانية– وأنت مصرى قبل أن تكون قبطيا– ما رأيك الآن فى قضية الملف الطائفى؟
** هناك تغيرات وتطورات كبيرة تحدث على أرض الواقع وميراث الطائفية كان ميراثا ثقيلا وبدأنا نتغلب على هذا الميراث الذى كان موجودا من أيام السبعينيات، ويبذل الرئيس عبدالفتاح السيسى جهدا كبيرا من أجل التغلب على المشاكل القائمة ونجح فى تحقيق تقدم متواصل فى هذا الملف، وأصبحنا نسير فى اتجاه الدولة المصرية الوطنية التى تحتضن الجميع ولا تميز بين أحد من أبنائها، لا تفرق بين أى مواطن وإنما يتساوى الجميع تحت علم الوطن، ونحن فى الطريق إلى ذلك.
السياسة والإعلام
* لا شك هناك تقارب وتماهى بين العمل فى السياسة والإعلام.. أنت رجل إعلامى وتمارس السياسة فى نفس الوقت كيف ترى ذلك؟
** السياسة والإعلام ملفان مرتبطان ببعض، لا سياسة بدون حرية إعلام ولا حرية إعلام بدون حرية سياسية.
ربما تكون الفترة الماضية كانت فى حاجة لضبط الفوضى التى كانت فى المجال الإعلامى والتى كانت موجودة أيضا فى المجال السياسى، بروز نشطاء وعلاقات خارجية وأيضا تمويل خارجى بعد مرحلة البناء التى تمت على مدار الخمس سنوات الماضية، وهنا لا نستطيع الفصل بين السياسة والإعلام، حيث أكد الرئيس السيسى ضرورة قيام الأحزاب بأدورها وأيضا قيام الإعلام بدروه الوطنى، وكلا الجانبين يحتاج إلى قدر كبير من الانفتاح ونحن فى طريقنا إليه.
أدوار مشبوهة
* بدأ يطل بعض النشطاء الذين مارسوا أدوارا مشبوهة قبل 25 يناير 2011 ويحاولون إعادتنا ما قبل هذا التاريخ والإثارة فى الداخل والخارج ووضح هذا مع استعراض مصر لملف الفحص الشامل لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة منذ أسابيع قليلة .. كيف ترى ذلك؟
** من يطلق عليهم نشطاء من أولئك الذين كانوا يعملون فى منظمات فى الخارج أو الداخل، وبالتالى كانوا يحصلون على التمويل الأجنبى الضخم دون رقابة ومتابعة، وبعد ضبط هذه الأوضاع وتعديل قانون الجمعيات الأهلية ومن قبلها، خرج عدد منهم إلى الخارج ليمارسوا دورهم المشبوه ضد مصر سواء فى قطر أو تركيا، يعملون ضد النظام السياسى، باتهامات كثيرة على سبيل المثال قضية الاختفاء القسرى، وكان هناك المئات من البلاغات للاختفاء القسرى، وبعد ذلك يتم اكتشاف أنهم هربوا إلى تركيا أو انضموا إلى داعش فى شمال سوريا والعراق أو الانضمام إلى جماعات إرهابية فى مناطق أخرى، والذين سقط مشروعهم بسقوط محمد مرسى لم يسلموا حتى الآن، لا يزال يعملون في قطر وتركيا، وربما نشهد من خلال الأطماع التركية فى ليبيا عودة ملامح هذا المشروع من جديد.
* وحاولوا أيضا اللعب على مسألة الطائفية.
** بالضبط ومحاولة اللعب على الوتر الطائفى حتى من جانب جماعة الإخوان المسلمين، من خلال التفجيرات التى يقومون بها، ولكنهم لم ينجوا، وهم لم يسلّموا حتى الآن ويحاولون جدولة العمل من مصر، وقد فشلوا جميعا، وقد فشلوا فى اللعب على ملف الطائفية وحقوق الأقليات، لأن الأوضاع بدأت تتحسن، ومؤامراتهم أصبحت مكشوفة.
تدريب الشباب
* هل ترى أن مؤسسات تأهيل الشباب للقيادة سواء البرنامج الرئاسى أو الأكاديمية تفرز جيلا جديدا من الشباب المؤهل سياسا وعلميا لتولى المسئولية؟
** مأساة مصر تمثلت فى أنه لم يكن هناك نوعا من التدريب السياسى وكان هناك انتقائية للعناصر التى تعمل فى العمل السياسى، وكان الحزب الوطنى يختار بعض الشخصيات من عائلات الأثرياء ويضمهم إلى العمل السياسي، والآن أصبح المجال مفتوحا وبدأنا فى تدريب الشباب ويوجد صف ثان وثالث منهم، وهذا أول مرة يحدث فى مصر.
نحن فخورون فى منتدى شباب العالم، بتدريب أجيال جديدة على العمل السياسي والإعلامى والقيادة وهذا الأمر مهم للغاية، ولكن لا بد من توضيح مهم وهو أن تدريب الأجيال الجديدة على أنه إعدام الأجيال السابقة، لأن البعض يرى أن المسألة شبابية فى شبابية، وبالتالى لا مجال للأجيال السابقة، رغم أن هذه الأجيال لديها خبرات كبيرة، ودورها نقل هذه الخبرات إلى الأجيال الجديدة، والأجيال الجديدة عليها اكتساب الخبرات والكفاءات، ولا بد من احترام الأجيال الكبير، وهناك من يعلق على أعمار من يشاركون فى منتديات الشباب، رغم أنهم يأتون لتبادل الخبرات والكفاءات.
ولا بد من توضيح هذه الأمور لأن هناك أجيالا تُعَد لأول مرة وتنقل إليها المهارات والخبرات من خلال الأجيال الكبير ومن خلال المناهج والتدريب والتعليم، وهنا لا بد أن يوضح أمام الأجيال الجديدة أن الأجيال الكبيرة لها دور فى زرع جذور وغرس ثمار وأن الأجيال الجديدة هى من يحصد ثمارها قريباً من خلال تبوء المناصب المهمة فى هذه الدولة.
البرلمان
* أما وقد اقترب عمر هذا البرلمان على الانتهاء ما هو تقييمك لتجربة البرلمان الحالى؟
** لا بد أن تعرف الناس دور البرلمان، وهو إنه يعكس صورة المجتمع، وهذا البرلمان جاء بعد فترة عصيبة من حكم الإخوان وغيابه لفترة طويلة، وصدور دستور 2014 ويحوى عدد كبير من المراسيم، هذا غير ما صدر فى عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، وكان على أعضاء ولجان البرلمان الحالى تحويل هذه المراسيم إلى تشريعات، وقاموا أيضا بوضع أسس ولائحة جديدة للبرلمان.
وعلى الرغم من انتقاده كثيراً، فأنا أؤكد لك أننا نحن دولة تسير نحو التطور الديمقراطى، والتنمية الاقتصادية والعمرانية، لأننا دولة نامية من دول العالم الثالث، والبرلمان هو من وضع الأسس التشريعية لحزمة من التشريعات التى ستنعكس على عمل البرلمان القادم، والذى سيكون لديه فرصة أكبر من البرلمان الحالى لأن الحالى دفع ثمن الفوضى، ونستطيع أن نقول إنه برلمانى انتقالى ولكن البرلمان القادم أفضل بكثير.