د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: النظام ... والإبداع

د./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: النظام ... والإبداعد./ داليا مجدي عبد الغني تكتب: النظام ... والإبداع

*سلايد رئيسى9-1-2020 | 18:54

كثيرون ينعتون الفنان والمُثقف والعبقري بـ"المجنون"؛ لأنه يفعل ما يُريد وقتما يُريد، غير عابئ بالعالم المحيط، فهو لا يهتم بالمظاهر أو القوانين أو البُروتوكول، والوقت لا قيمة له عنده، والعُمْر لا يُساوي لديه سوى بضع لحظات، وهي اللحظات التي يُقرر أن يعيشها بالشكل الذي يريده. وأنا على الرغم من احترامي لآراء الجميع، إلا أنني اختلف معهم كُليًا وجُزئيًا، فأي مُبدع لا بد أن تكون حياته مُنظمة، ولها ضوابط وبُروتوكول، وإلا أصبح شخصًا عشوائيًا، والعشوائية لا تتماشى أو تتوافق مع الإبداع، فبالفعل، الوحي يُواتي المُبدع في أي لحظة، ولكنه في حياته يكون مُنظمًا بوجه عام؛ لأنه يُدرك أن كل لحظة يعيشها لها قيمة، وتُساوي عنده الكثير؛ لأنه يستطيع بإبداعه أن يُغير مسار حياة البشر، ويُوجه تفكيرهم، ويُحقق أحلامهم، فكيف له أن يُلقي بلحظات عُمْره غير عابئ بها، ولذا نجد أن أغلب من تركوا بصمات في حياتهم، وبعد رحيلهم، من المُبدعين، كانوا يتمتعون بدقة لا مُتناهية، ونظام مُطْلق، ومنهم كوكب الشرق "أُم كلثوم"، والعندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ"، وفارس الرُّومانسية "يُوسف السباعي". فالنظام جُزء من حياة المُبدع؛ لأنه يُتيح له القدرة على الإتيان بعدة أمور في آنٍ واحد، أما العشوائية، فهي بلاشك تُربك الفكر، وتشل حركة العقل، وتجعل صاحبها في حالة عدم اتزان، وعجز عن مُواكبة أموره، وتنسيق مهامه بالشكل اللائق. وأُحب أن أُضيف أن الإنسان المُثقف لا بد أن يستفيد بثقافته في حياته الخاصة، وإلا أضحت هذه الثقافة مُجرد وردة مُعلقة على عروة سُترته، والثقافة تعني أن نُصبح شُعوبًا مُنظمة، لديها رُؤية مُستقبلية بأهمية النظام والوقت والدقة؛ حتى نقضي على العشوائية تمامًا. فالعشوائية والإبداع، لا يلتقيان على الإطلاق؛ لأنهما مُتناقضتان.
أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2