حوار أجراه عبد الرحمن صقر
تخرج علينا بين الحين والآخر ما يطلق عليه "مبادرة لوقف العنف" أو ما يحمل عنوان "مراجعات" من كوادر جماعة الإخوان أو الإرهابية، أو أنصاراها، وكلها تصدر عن كوادر سياسية أصحابها ذات انتماءات للحركات المنسوبة للإسلام.
ومن يطلق تلك المبادرات يكون غالبا من الهاربين في الخارج
ومنذ وقت قريب ظهرت مبادرات فردية من بين القضبان وداخل السجون أطلقتها مجموعة شبابية، وأهمها مبادرة من قلب سجن استقبال طرة حملت مسمي «شباب مصر ضد التطرف» ، واعتبرها كثير ممن عرفوا بها أنها تشبه مبادرة «نبذ العنف 97» للجماعة الإسلامية، فيما رأى فيها آخرون "بلونة اختبار"، لكن هناك فرق بين تلك المبادرة ومبادرة 97 ، وهو أن هذه المبادرة فردية وليس مبادرة حركة أو جماعة.
استطاعت «دار المعارف » الوصول إلى أحد الشباب من مؤسسي هذه المبادرة داخل سجن استقبال طرة، وأجرت معه حوارا وفى التالى نص الحوار.
شباب ضد التطرف
* من هو مؤسس وصاحب فكرة إطلاق مبادرة « شباب مصر ضد التطرف»؟ وما هي التهم الموجهة للمؤسسين؟
- تم إطلاق المبادرة من داخل سجن استقبال طره وأصحاب الفكرة كل من محمد زكى متهم في قضية التجمهر بدائرة قسم عين شمس عام 2013 ، وعماد ربيع متهم في قضية محاولة اقتحام قسم شرطة حلوان بناء عل توسيع دائرة الاشتباه في عام 2013م .
* كيف تبلورت لديكم فكرة إطلاق المبادرة؟ وماهى الطرق التى سلكتوها وساعدتكم فى تنفيذها؟
- بعد قضاء ما يقرب الخمس سنوات في السجون فوجئنا بأن جميع السجون التي مررنا عليها وانتقالنا منها، قسمت إلي قسمين، القسم الأول يتبع أفكار الدواعش داخل غرفة، والثانية تتبع أفكار الإخوان ومناهجها وتنشب صراعات بينهما لا تنتهي إلا بسيطرة أحدهم علي السجن وتتطور في بعض الأحيان إلي الاشتباك بالأيدي وتصل إلى معارك ضخمة ، وبالنسبة لأي طريق سلكنا فيه عن طريق المناقشات أو الحوار.
لوائح السجن
وقمنا بعرض الأمر على الجهات الأمنية التي دعمتنا بكل الوسائل الممكنة طبقا للوائح داخل السجن.
* ما هي أهدافكم من هذه المبادرة؟
- لدينا أهداف متعددة أولها أننا نقوم بواجبنا الوطني تجاه بلدنا بمواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة خصوصا أننا رأينا الكثير من المسجونين يدخل السجن بدون أفكار أو قناعات التطرف، وللأسف تتلقاه تلك الجماعات داخل السجن فتغذي فكرهم بتلك الأفكار فيخرج حاملا لذلك الفيروس فقررنا أن نقوم بواجبنا تجاه هؤلاء لتحذيرهم من هذه الأفكار الهدامة.
وثانيها أردنا أن نفتح بابا ثالثا داخل السجون ويعتبر باب أمل و طاقة نور للناس، باب توبة لمن اعتنق تلك الأفكار وأنه يمكن الرجوع عنها وقبول هذا الرجوع بما يتوافق مع السياسة العقابية التي تجعل من السجن تهذيب وإصلاح.
ثالثا: شأردنا أن نكون صوت للمظلومين داخل السجون خاصة وقد أقر رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي أن هناك مظلومين داخل السجون وأن نقوم بتجهيز هؤلاء وأن يكون صوتهم مسموعا من خلال تلك المبادرة ليتم العفو عنهم وإدراجهم في قرارات العفو الرئاسي أو الإفراج الشرطي، رابعا: وهذا هو الأهم بالنظر إلي الحالة السياسية المصرية وجدنا أن الدستور المصري في مادته 241 ينص على إصدار قانون العدالة الانتقالية من مجلس الشعب في أول دور انعقاد وهو ما لم يصدر حتى الآن، وهكذا القانون لما سأل عنه رئيس الجمهوريه بما يتضمنه من مصالح بين جميع فئات الشعب المصري وتعويض المضارين.. أجاب الرئيس بأن هذا القانون وتلك المصالحة أمر يملكه الشعب وليس رئيس الجمهورية وهو نفس الرد الذي قاله الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس الشعب، حينما سأل عن هذا القانون فأجاب أن هذا القانون يصدره الشعب وليس نوابه.
ويعني ماسبق صراحة أنه لابد من تهيئة مناخ عام بين المصريين لقبول إصدار هذا القانون، وأنه لابد من مثل تلك المبادرات لكي يتم تهيئة هذا المناخ، فقمنا بالإضطلاع بدورنا من خلال تلك المبادرة خاصة وأننا أكثر الناس قربا من أصحاب التيارات المتطرفة وأكثر الناس إدراكا لأفكارهم، وأكثرهم قدرة على مواجهة تلك الأفكار والرد عليها.
إعلان المبادرة
* منذ متى بدأت هذه المبادرة وهل واجهتم أي عقبات ؟
- بدأنا ترتيب المبادره منذ عامين تقريبا، وبمجرد إعلانها و تحركنا بمبادراتنا داخل عنابر السجن واجهنا الكثير من التشويه من جماعة الإخوان وكذلك الكثير من الشائعات بالإضافه إلى فتاوى التكفير والرد من حاملي أفكار داعش، ولكن صبرنا وواجهنا حتى انتشرت الفكرة وقبلها الكثير من المسجونين بفضل الله تعالى، و تم استنساخها في العديد من السجون مثل وادي النطرون و برج العرب وغيره من سجون مصر.
* هل اعترفت القيادة السياسية ووزارة الداخلية بتلك المبادرة ؟
- في الحقيقة هناك إشارات بقبول هذه المبادرة من الشباب، ولكن بشكل اقرارات فردية يكون صاحبها مسئول عنها وليست جماعية تخص جماعة أو فصيل بعينه كي يتم تقييم صاحب الإقرار بشكل فردي ومد قناعته.
* ما هي عناصر هذا الإقرار أو مفرداته ؟
- يتضمن الإقرار التأكيد على خمس نقاط هى:
أول: التبرؤ ونبذ العنف كوسيلة للتغيير.
ثانيا: التبرؤ من الجماعات المتطرفة و جماعة الإخوان الإرهابية.
ثالثا: التصدي لجميع المؤامرات الداخلية والخارجية التي تستهدف الوطن.
رابعا: الإقرار بالنظام الحاكم الحالي نظاما شرعيا للبلاد خامسا: العمل بكل الجهد لنهضة مصر واستقرارها.
* هل من الممكن ممارسة السياسة لأبناء المبادرة بعد أن يخرجوا من السجن بحيث يكونون حزبا معينا أو توجها معينا ؟
- كما ذكرت سالفا فأننا مجموعة مكونة من أصحاب الإقرارات الفردية لذوي التوجهات المختلفة، بيننا السلفي وبيننا عضو الجماعة الإسلامية، وبيننا من كان إخوانيا عضوا عامل أو كان فى جماعة الإخوان وانشق عنها، وبيننا من 6 أبريل وبيننا من ليس له أى انتماء سياسيى واتفقت كلمتنا جميعا على مواجهة أفكار العداء للوطن فقط لا غير دون الاتفاق على أي عمل سياسي داخل أو خارج السجن.
اتهام
* ما موقفكم من جماعة الإخوان تحديدًا ؟
- على الرغم من أن أفراد جماعة الإخوان داخل السجن يتهموننا بكثير من الاتهامات التي أقلها أننا قمنا بخيانة دم الشهداء ووضعنا أيدينا في أيدي النظام الحالي، مع أننا كنا نعادي أفكارهم ونرى أنهم أهل فصام وانفصال عن الواقع ويعيشون بالفعل في غيبوبة سياسية وكذلك لا نعادي أشخاص وأتمني أن يعود إلى جادة الطريق إلى الحاضنة الوطنية.
الأولى
* هل شاركت في مبادرات سابقة أم هذه أول مبادرة لكم ؟
- لم نشارك في أي مبادرات سابقة وأن كنا نرى أن بعض تلك المبادرات يعتبر مراجعات فكرية داخلية داخل جماعة الإخوان وليس مبادرة جامعة شاملة لكل فصائل المصريين كما ندعو نحن .
* ما نوعية المنضمين للمبادرة هل هم من المحكوم عليهم بأحكام نهائية أم منهم من لازال على ذمة قضايا ؟
- لدينا العديد من المحكومين عليهم، وكذلك من هم على ذمة قضايا متعددة تنتمي لجميع أنواع القضايا.
* هل هناك مزايا يتمتع بها من قام بعمل الإقرار أو الانضمام إلى المبادرة ؟
- لقد خرج بالفعل من أبناء المبادرة في قرار العفو الرئاسي بالعام الماضي 4 أفراد وفي العام الحالي 5 أفراد وهم عبد الوهاب عبد الغفار ومحمود حمدي وعلاء سلامة ورامي سيد حسنين وجمال فتحي ونأمل ونكمل إن شاء الله أن يخرج جميع أبناء المبادرة من المحكومين في قرارات العفو الرئاسي .
الدعم
* ماذا تريدون أن يقدم لكم من دعم ؟
- فكرتنا تقوم على التوعية ومواجهه الفكر بالفكر والإرتكاز على تصريحات و توجيهات رئيس الجمهورية أثناء توليه الرئاسة في الولاية الثانية حيث قال صراحة أن مصر للجميع إلا من اختار العنف والإرهاب .
كما نريد أن نشارك ولو بأفكارنا فقط في عمل حملة كبيرة لضبط الأفكار في المجتمع المصري بين الشباب، والتحذير من الغلو والتطرف وظهر سلبياته على المجتمع والدولة.
* هل نجاحات الرئيس في إنشاء المشروعات لها عامل في اطلاق المبادرة وإعادة النظر في أفكاركم ؟
- لاشك أن لدينا انطلاقات شرعية وسياسية نقوم بطرح أسمائها ونطرح فكره المبادرة على أي عضو جديد ومن أهم الدعائم التي تفيدنا في هذا الأمر النجاحات المتكررة للإدارة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الملفات الداخلية والخارجية التي لاينكرها إلا حاقد أو جاحد ومن أهمها المشروعات الزراعية والسكنية والبنية التحتية والإقتصادية .
رسائل الإخوان
* ماهي الرسائل التى تريدون توجيهها لقيادات التنظيم الإخواني الهاربين بالخارج.. وهل أنتم قادرون على التأثير بشكل قوي في شباب تلك الجماعة ؟
- من خلال صفحتنا علي "فيسبوك"وجهنا العديد من الرسائل لقيادات الإخوان في الخارج وكذلك لشباب الإخوان في الداخل والخارج أيضا، والتي تتضمن جميعها الدعوة للعودة إلى طريق الصحيح نحو بناء الوطن وليس هدمه ، ولكن للأسف وبعد فضائح قيادات الإخوان فيما يتعلق بالتمويل وأموال التبرعات وغيرها من فضائح فإن حديثنا أصبح مقصورًا على شباب الإخوان المخطوفين ذهنيا والذي تدفعهم الحماسة الدينية والرغبة .
فإننا نحاول انقاذ هؤلاء من غفلتهم وعودتهم إلى طريق الوطنية وقد استجاب بالفعل عدد منهم وأصبحوا أعضاء في المبادرة، ومن الداعين إليها.
ولعل الرسائل المكتوبة التي خرجت منذ شهر أغسطس الماضي من داخل سجن استقبال طرة خير دليل على ذلك .
كما نجد العشرات من شباب الإخوان بالإضافة إلى المئات في سجون الأخرى من خلال تواصلنا معهم أثناء حضور بعضهم إلى سجن الإستقبال لحضور الجلسات ينتظرون فقط أن تتبنى الدولة المبادرة بشكل رسمي ليسارعوا بالإنضمام إليها .
أما بالنسبة لقيادات الصف الثاني من الإخوان داخل السجون متفقه على موقف واحد من المبادرة، وهو أنهم لا يختلفون مع أي من أفكارها ولكن العائق الذي يمنعهم هو أن قرارهم تنظيمي فهم ينتظرون فقط الإشارة من قيادات الصف الأول، وهذا لا يعنينا فى كثير.