إسلام كمال يكتب : أنا مريض كورونا !

إسلام كمال يكتب : أنا مريض كورونا !إسلام كمال يكتب : أنا مريض كورونا !

* عاجل20-3-2020 | 23:45

لا أخفى عليكم قلقى كأغلب المصريين من جائحة الكورونا ، لكن هذا القلق أخذ ميلا إنسانيا ، عندما عايشت معلوماتيا لحظات تبليغ من إتضح إيجابية تحليله .. ليأتى معهم للعزل ، الأمر مؤثر فعليا ، تمنيت لو أن علم به كل الفوضويين والمتسيبين والمستسهلين للمشهد . أم تلوح لأبنيها قبل الذهاب للعزل ، وتودعهما كأنها لن تراهم ثانية ، رغم إنها إسبوعين وتعود لهما على خير ، فنسبة المتعافين تتزايد يوميا .. وأب رفض إبلاغ أسرته وذهب وحده دون أن يأت المسعفون له ، وطفل وصلت النتيجة الإيجابية لأمه فأصرت على البقاء معه طوال فترة العزل ، حتى لو حدث لها مكروها ، وجدة ودعتها أسرتها من الأبناء والأحفاد ، وعادت لهم بعد نجاحها تجاوز المحنة . أجواء لا تستطيع الأقلام أن توصفها ، ولا العبارات أن ترسمها .. أثرت في جدا ، تصورت نفسي فيها ، وسألت نفسي ، ماذا سيكون رد فعلك ؟! ، ورد فعل أسرتك وعائلتك ؟! أسئلة ، لم أجد لها إجابات ، أيقظتنى منها دموع تأثر المصدر الذي حكى لى هذه المشاهد .. لا تعرف إن كانت دموع تأثر الدعم أم الفرحة .. فهى تحمل معانى الدعم للضعفاء في هذه اللحظات الدرامية ، والفرح ليقينية فرج الله ورحمته وإحترافية الفرق الطبية المختلفة بكل مستشفيات الجمهورية ، والدليل إن أعداد العائدين لبيوتهم كثيرة جدا . حرصت على نقل هذه المشاعر الإنسانية المتخبطة والمعقدة في مقال ، بعنوان لافت " أنا مريض كورونا " ليجذب هؤلاء الذين لا يعوا حقيقة الأمر حتى الآن ، رغم إنه هناك وفيات متعددة وأعداد كبيرة من الإصابات ، بل وهناك أنظمة طبية متقدمة ومجتمعات متحضرة جدا ، سقطت في مستنقع الكورونا بلا عودة واضحة ، والنموذج الأشهر عالميا إيطاليا ، وها هى إسبانيا في الطريق ، وإنجلترا لم تتأخر عنها ، وأمريكا لا تفرق كثيرا .. وإيران في مكان خاص بها من كارثية المشهد ، والمفارقة أن إسرائيل التى كانت تتشفي فيها ، تسير في طريقها ، رغم أحاديث التقدم الصحى المبالغ فيه ، وللأسف يصدقها البعض ! جاء الوقت وسط هذه الأجواء المحلية والإقليمية والعالمية الكارثية ، لوجوبية أن نشعر كلنا ، بمعاناة مريض الكورونا وأسرته ، والتى تصل إلى هروب بعضهم خوفا من المجهول ، رغم إن كل شئ سيبقي تحت السيطرة ، طالما سنتخلص من هذه الفوضي التى تضرب مجتمعنا بشكل مرضي ! فلا يمكن أن تضرب كل بيت فينا حالة كورونا ، حتى نشعر بالخطر ، وقتها سنكون إنتهينا !!! .. وللأسف لا وجود لأية مبادرات من مراكز الأبحاث الإجتماعية والنفسية والسياسية لتحليل ظاهرة تسيب الأغلبية ، وعدم تفاعلها مع إجراءات الدولة الجيدة بشكل كبير ، على غير العادة ، حتى الآن ، وكأنها في "أجازة الكورونا " ! ويبدو أن المجتمع صدق نفسه ، ويقدم لنا الآن طبعة سلبية من فكرة "شعب مالوش كتالوج" ، التى استسهلها الكثيرون ، وأطلقوها بلا تحليل لسلبيات وإيجابيات هذه الحالة . فالمشهد كشف عن عدم وجود مسيطر حقيقي على الشارع المصري ، لا مجتمع مدنى ولا أهلى ولا أحزاب ولا إعلام ولا صحافة .. حتى في أحلك الظروف ، لا يعملون العقل ، رغم أن التجارب أمامهم واضحة ، فإما السلامة الصينية أو الندامة الإيطالية والإيرانية وحتى الإسبانية .. وللأسف الكل الآن يترقب لحظة إعلان حظر التجوال ، رغم إننا دخلناها بالفعل ، ووقتها سيتحمل الجيش والشرطة أخطاء الجميع كالعادة ! ظاهرة يجب دراستها بشكل محترف وعلمى ، فالسيناريو الكارثي ليس بعيدا طالما استمرت حالة اللامبالاة لدى الغالبية ، فالأسواق الشعبية مزدحمة ، وقاعات الأفراح من كل الطبقات ممتلئة ، وحفلات "الكورونا بارتى" لا تتوقف في الكومباوندات .. وكأن شرائح من كل الطبقات إتفقت على التسيب والسلبية ، مهما كانت التوعية ، ومهما كان الخطر ، الذي من الممكن أن نصل إليه ! وأكمل هذه الصورة السلبية ، المواقف غير الوطنية وغير الإنسانية وغير الدينية بالمرة للتجار الجشعين ، ولم يختلف أحد في ذلك ، من تجار المطهرات والكمامات والأدوية ، وحتى السلع الغذائية والدواجن وغيرها !!! فيما ترك رجال الأعمال الكبار ، الدولة والمجتمع وسط هذا المشهد المعقد ، وطبعا هم محترفون في عمل "ودن من طين وأخرى من عجين " ، متناسين كل المليارات التى يربحونها من تسهيلات الدولة وجيوب المجتمع .. وهذه ليست المرة الأولى ، ووصل الأمر بالرأى العام أن وصفوا ذلك بالعند المتعمد ، والابتزاز غير الوطنى بالمرة ، حتى إن رجال أعمال طالبوا الحكومة بمساعدات لتجاوز الأزمة مع الركود الظاهر .. في الوقت الذي تبرع أكبر رجال الأعمال حول العالم لدولهم ومجتمعاتهم ، في مواقف وطنية حقيقية تكشف المعدن الحقيقي والمعنى الفعلى لروؤس المال الوطنية . وأخيرا ، نردد معا ، عبارة قالها الرئيس الصينى ، مع بداية ظهور الكورونا ، حيث قال "الصديق وقت الضيق " ، تعليقا على كل من ساعدوه وخانوه في هذه الأزمة .. وهذه الكلمات الثلاث ، فعليا أصبحت عبارة كورونية بإمتياز ، وإسقاطها معقد وعنقودى مناسب لكل المعانى وكل زوايا وعناصر المشهد !
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2