ليتها تكون الأخيرة..

ليتها تكون الأخيرة..ليتها تكون الأخيرة..

الرأى28-3-2020 | 10:50

عاصرت خلال عملى الصحفى ثلاث تجارب من حظر التجوال، الأولى وكنت فى بداية عملى بمجلة أكتوبر عندما تفجرت أحداث الأمن المركزى فى 25 فبراير 1986، وتظاهر آلاف الجنود فى معسكر الجيزة بعد تسرب شائعة عن وجود قرار بمد سنوات الخدمة من 3 إلى 4 سنوات، وخرج الجنود للشارع وأحرقوا محال تجارية وفنادق وملاهى شارع الهرم، وفى صباح الأربعاء 26 فبراير تم فرض حظر التجوال، وامتدت الأحداث لأغلب معسكرات الأمن المركزى الأخرى فى القاهرة، واستمر الحظر لمدة أسبوع، وبعد انتهاء الأحداث واستتباب الأمن تم رفع حظر التجوال، وتمت إقالة اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية واتخذت العديد من الإجراءات لتحسين أحوال الجنود ونقل معسكراتهم خارج الكتلة السكنية. وحظر التجوال هو منع لحركة الناس فى منطقة ما أو بلد لظروف استثنائية خلال فترة زمنية محددة، وتشمل الظروف الاستثنائية الحروب أو مكافحة الإرهاب أو انتشار الأوبئة أو الكوارث الطبيعية أو اكتشاف خطر يهدد الأمن القومى للبلاد، والحظر لا يختص بشخص معين أو مجموعة بل هو عام يشمل كل من فى البلد، ويتم فرضه للحفاظ عليهم، وهناك فئات مستثناة من حظر التجوال وهم رجال الجيش والشرطة والأطباء والمسعفين، والعاملين فى المرافق الحيوية والإعلاميين والصحفيين، وكل من يفرض عليهم عملهم ضرورة التواجد خارج منازلهم فى وقت الحظر، وقد استخدم حظر التجوال فى مصر كإجراء لمواجهة حريق القاهرة فى 26 يناير 1952، وعقب ثورة يوليو تم فرضه بشكل غير معلن لفرض الأمن فى البلاد ومواجهة أعداء الثورة، كما فرض للمرة الثالثة فى أحداث 18 و19 يناير 1977 والتى عرفت بإسم «ثورة الخبز» أو «انتفاضة الحرامية» وكانت ضد رفع أسعار بعض السلع الأساسية، وعقب اغتيال السادات «حادث المنصة» تم فرض الحظر للمرة الرابعة لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد. وكانت المرة الخامسة التى استخدم فيها حظر التجوال فى فبراير 1986 لمواجهة أحداث الأمن المركزى. وفى أعقاب ثورة 25 يناير عشنا تجربة حظر التجوال أكثر من مرة، كان أولها يوم جمعة الغضب فى 28 يناير 2011 وخروج الأمور عن السيطرة، فتم فرض حظر التجوال الذى استمر 138 يومًا عاشها شعب مصر تحت هذا الحظر، حتى أنهى المجلس العسكرى الحظر اعتبارًا من منتصف شهر يونيو 2011 تيسيرًا على المواطنين وحتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وفى 4 نايو 2012 أعلن المجلس العسكرى فرض حظر التجوال بسبب التعديلات على زوارة الدفاع بالعباسية. وفى 27 يناير 2013 قرر الراحل مرسى إعلان حظر التجوال ليلاً فى محافظات القناة لمدة شهر، لكن عشرات الآلاف رفضوا قرار مرسى ونزلوا إلى الشوارع فى مسيرات مناهضة لحكم الجماعة الإرهابية، وهتافات طالبت بإسقاط مرسى، وفى 14 أغسطس 2013 أعلن الرئيس المؤقت عدلى منصور حظر التجوال فى 14 محافظة، وفى أكتوبر 2014 تم تطبيق حظر التجوال فى العريش وشمال سيناء لمواجهة الأعمال الإرهابية لمدة 3 أشهر وتم تمديدها 6 أشهر أخرى. وفى إطار خطة الحكومة لمواجهة انتشار وباء فيروس كورونا الذى ضرب العالم بأكمله، واستعدادات وزارة الصحة واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة، فرضت الحكومة اعتبارًا من الأربعاء الماضى حظرًا لحركة المواطنين من 7 مساء وحتى 6 صباحًا لمدة أسبوعين، وإيقاف كافة وسائل النقل العام والخاص فى نفس الفترة، وغلق كافة المحال التجارية والحرفية من 5 مساء وحتى 6 صباحًا مع الغلق التام يومى الجمعة والسبت، وتعليق الخدمات فى الشهر العقارى والمرور لمدة أسبوعين مع استثناء مكاتب الصحة، ومد تعليق الدراسة فى المدارس والجامعات لمدة أسبوعين. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أكد فى كلمته خلال الاحتفال بعيد المرأة المصرية الأحد الماضى على أن الدولة لا تألوا جهدًا فى القيام بما يمكن أو يجب القيام به لحماية الشعب المصرى فى ظل الأزمة الخاصة بفيروس كورونا، وقال الرئيس إنه وجه الحكومة باتخاذ بعض الإجراءات الاقتصادية لتخفيف تداعيات الأزمة السلبية على الفئات الأكثر احتياجًا، وطالب الرئيس بتضافر جهود الدولة بمؤسساتها وأجهزتها ومؤسسات المجتمع المدنى والمصريين بكل شرائحهم للتعامل مع الأزمة بسكل حاسم ومسئول وإلا فستخسر الدولة كثيرًا. إن تكاتف الجهود بين الدولة وبين وعى المواطنين وتضامنهم واتباع التعليمات بجدية والتزام هو السبيل الأمثل لمواجهة هذه الأزمة العصيبة.. حفظ الله مصر وشعبها.
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2