د. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. والجيش الأبيض

د. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. والجيش الأبيضد. ناجح إبراهيم يكتب: «كورونا».. والجيش الأبيض

* عاجل31-3-2020 | 21:11

مرت منذ أيام الذكرى الـ200 على تأسيس محمد على أول مدرسة للطب الحديث بأبوزعبل والتى انتقلت منها إلى قصر العينى التى تعد نواة الطب المصرى الحديث.
وتتواكب الذكرى 42 ليوم الطبيب المصرى مع تصدى جيش الأطباء الأبيض لجحافل كورونا العنيد الذى يريد تدمير صحة واقتصاد المصريين.
دوّخ كورونا العالم ولكن أطباء مصر يقفون له بالمرصاد ويتحدونه بأقل الإمكانيات، متسلحين بتشجيع الدولة لهم وثناء الشعب المصرى على تضحياتهم من جهة أخرى.
وفى كل عام تحتفل نقابة الأطباء بهذا اليوم ولكنها أجَّلت الاحتفال به هذا العام نظراً لظروف منع التجمعات، وهذا التكريم المعنوى الذى ينهال اليوم على جيش مصر الأبيض المرابط على خط الدفاع الأول ينبغى تحويله لتكريم مادى، فليس من المعقول ولا المقبول أن تحظى بعض الفئات التى لا تخالط المرضى ببدل عدوى يصل إلى عدة آلاف، ويحرم الأطباء وفرق التمريض من هذا البدل المستحق، فيُصرف للطبيب بدل هزيل يمثل عاراً على الطب وهو مبلغ 19 جنيهاً.
وقد مدح الرئيس السيسى ود. مدبولى جيش مصر الأبيض، وكذلك شيخ الأزهر، فضلاً عن الإشادات المجتمعية الكبيرة لهم.
يأخذ الطب قدره وقيمته من قيمة الإنسان الذى كرمه الله وجاء الطب ليحافظ على بدنه وعقله ونفسيته، حتى يقوم بتكاليف السماء وأهمها عمارة الأرض وعبادة الله على وجه صحيح، فلن يعبد الإنسان ربه ويعمر كونه ببدن عليل أو نفس مضطربة أو عقل مختل.
وقد كان معظم الأنبياء أطباء، وعلى رأسهم المسيح عليه السلام الذى جمع الله له الإحياءين كاملين «الإحياء المادى» لأنه كان يبرئ الأكمة والأبرص ويُحيى الموتى بإذن الله، و«الإحياء المعنوى» الذى يشاركه فيه كل الرسل والأنبياء وهو إحياء الروح بالإيمان ومداواة القلوب من أدرانها مثل الحقد والكراهية والغش، ومعظم الفقهاء قديماً جمعوا بين الفقه والطب، وهما من أعظم العلوم.
وكان الشافعى يردد «العلم علمان، علم الأديان وعلم الأبدان» ويقول «لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أفضل من الطب».
ويلقى الطبيب فى كل العصور التكريم والتقدير حتى لدى الملوك والحكام فهو الوحيد الذى يطلع على أسرارهم وتتكشف.
الطب هى المهنة الوحيدة الراقية التى يستطيع أى طالب نابغ الوصول إليها دون وساطة ومحسوبية، وهى المهنة الوحيدة التى لا يرقيك فيها مدير ولا مسئول ولكن يرقيك فيها مرضاك فقط، وما زالت مهنة الطب هى حلم الأمهات والآباء وكل طالب فى مصر.
يأتى فى طليعة الجيش الأبيض الجندى المجهول الذى يواجه الموت بصدره العارى وينقذ المرضى بعد أن كادوا يفارقون الحياة، يتسلمهم وهم أقرب للموت فيعبر بهم الطريق إلى الحياة والنجاة، إنه طبيب العناية المركزة، والذى يتمتع بصلابة ضابط الصاعقة وقوته وبأسه وعدم يأسه.
وهو الطبيب الوحيد فى الفريق الطبى مع طبيب التخدير الذى لا يبنى لنفسه مجداً خاصاً، ولا يذكر اسمه عادة، ويتمتع بسرعة البديهة وقوة الإرادة والقرارات الصحيحة الحاسمة والجازمة والتى لو تأخرت لحظة لمات المريض، وخطؤه الأول هو خطؤه الأخير، فغلطته تساوى موت المريض.
لا أمل له أن تكون له عيادة أو مستشفى باسمه، لا يملك رفاهية العيادات والمكاتب، يعيش ليلاً ونهاراً فى المستشفيات، لا وقت لديه للترفه أو الحكايات أو قلة التركيز فهو يتولى الحالات الحرجة فقط، يستحضر الطب كله فى لحظة واحدة فيديره فى عقله ليبحث عن السبب ويشخص المرض وينقذ المريض من الموت المحقق.
تحية للأطباء تلك الفئة التى ما زالت تعد الأكثر تصدقاً وعطاء سواءً بالمال أو بالجراحة أو الفحص المجانى، تحية للأطباء جميعاً، ودعوة لهم لمزيد من العطاء ولإصلاح من ترك رسالته السامية ليجمع المال بطريقة لا تليق بمثله من أصحاب الثوب الأبيض أو يدنسه بشهوة أو طمع.
ً............................... * كتبت هذا المقال قبل صدور قرار الرئيس السيسي بزيادة بدل الأطباء 75% مع شكرنا الكبير لسيادة الرئيس علي هذا القرار مع العلم أنني شخصياً لن أستفيد منه حتي لا يزايد عليّ البعض
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2